23-يونيو-2024
سموتريتش

وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريش

نفى وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريش أن تكون خطته للسيطرة على  الضفة الغربية المحتلة أمرًا سريًّا، وجاء هذا النفي ردًّا منه على صحيفة نيويورك تايمز التي  نشرت صوتياتٍ مسرّبةً له، تُظهر وضع سموتريش خطة واضحة لانتزاع السيطرة على الضفة الغربية بالتدريج من أيدي  جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتسليمها إلى موظفين مدنيين يعملون تحت إمرته في وزارة الدفاع، وهو ما بدأ تنفيذه بالفعل مع نقل الجيش بعض سلطاته وصلاحياته في الضفة إلى موظفي الخدمة المدنية المؤيدين للمستوطنين وفقًا لما كشفته صحيفته الغارديان.

وجاء رد سموتريش في سلسلة تدوينات له على منصة إكس قال فيها "الجمهور الإسرائيلي بأغلبيته الساحقة يدرك جيدًا أن إقامة دولٍة فلسطينية بالضفة من شأنه تعريض وجودنا للخطر".

مردفًا القول: "سأحارب بكل قوتي خطر إقامة دولة فلسطينية؛ من أجل دولة إسرائيل ومواطنيها سأواصل عبر صلاحياتي تطوير الاستيطان في الضفة وتعزيز الأمن"

وبيّن سموتريش معالم خطته في التسجيل الصوتي المسرب الذي يقول فيه بالحرف: "لقد أنشأنا نظامًا مدنيًا منفصلًا، لكن الحكومة سمحت في الوقت نفسه لوزارة الدفاع بأن تظل منخرطةً في العملية، حتى يبدو للعالم أن الجيش لا يزال في قلب الحكم في الضفة الغربية، وبهذه الطريقة سيكون من السهل ابتلاع الضفة دون أن يتهمنا أحدٌ بأننا نقوم بضمها".

إنّ الهدف النهائي لمخطط سموتريش واليمين المتطرف هو إجهاض أي محاولةٍ لأن تكون الضفة الغربية جزءًا من الدولة الفلسطينية.

تقوم خطة سموتريش على دفع السلطة الفلسطينية للانهيار بواسطة حرمانها من عائدات الضرائب الفلسطينية،وعلى الهيمنة على الإدارة المدنية للضفة لزيادة وتيرة الاستيطان

ولتحقيق هذا الهدف تقوم خطة سموتريش على مرتكزين، أولهما دفع السلطة الفلسطينية للانهيار بواسطة حرمانها من عائدات الضرائب الفلسطينية، وثانيهما الهيمنة على الإدارة المدنية للضفة لزيادة وتيرة الاستيطان وجعله أمرًا قانونيًا.

خصم العائدات المالية

خصم سموتريش 35 مليون دولارا أميركيًا من أموال ضرائب السلطة الفلسطينية (المقاصة)، وأمر بتحويلها إلى عائلاتٍ إسرائيلية ممّن يصفهم بضحايا الإرهاب.

وفي معرض دفاعه عن هذا الخصم المالي قال سموتريتش: إن "السلطة الفلسطينية تشجع على الإرهاب وتدفع أموالًا لعائلات الإرهابيين والسجناء والأسرى المحررين الفلسطينيين"، وأشار إلى أن إسرائيل "اقتطعت نفس المبالغ التي تدفعها السلطة الفلسطينية من أموالها، وستقوم بتحويلها إلى أسر ضحايا الإرهاب".

ونقل موقع أكسيوس الأميركي عن مسؤولين أميركيين قولهم إن إدارة الرئيس جو بايدن أبدت قلقلها "من احتمال انهيار السلطة الفلسطينية إذا لم تحوّل إسرائيل عائدات الضرائب إليها".

وليس خافيًا أن عائدات الضرائب -التي تجمعها إسرائيل للسلطة الفلسطينية بموجب اتفاق بين الطرفين-  "تشكل مصدرًا رئيسيًا للدخل للسلطة الفلسطينية"، علمًا بأن تقارير دولية تؤكّد أن السلطة في رام الله "تعاني بالفعل من أزمةٍ ماليةٍ عميقةٍ"، وفي هذا السياق يشار إلى التحذير الذي أطلقه البنك الدولي في 23 أيار/مايو المنصرم والذي أكّد فيه "أنّ وضع المالية العامة للسلطة الفلسطينية تدهور بشدةٍ في الأشهر الثلاثة الماضية، مما يزيد بشكلٍ كبيرٍ من مخاطر انهيار المالية العامة".

السيطرة على الإدارة المدنية

رأت صحيفة الغارديان البريطانية في نقل الجيش الإسرائيلي صلاحياتٍ قانونيةٍ كبيرةٍ في الضفة الغربية إلى موظفي الخدمة المدنية المؤيدين للمستوطنين والعاملين لدى الوزير اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش؛ رأت فيه الطرف المكمّل لمعادلة تقويض السلطة، ومنع قيام الدولة الفلسطينية التي تضم إلى جانب قطاع غزة والقدس الشرقية أراضي الضفة الغربية.

وأشار تقرير الغارديان إلى أنّ سموتريتش وحلفاءه "طالما تمسكوا بأن السيطرة على الإدارة المدنية أو أجزاء كبيرةً منها تشكّل وسيلةً لتوسيع السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية"، ولذلك فإنّ "هدفهم النهائي هو السيطرة المباشرة من قِبل الحكومة المركزية ووزاراتها" على الضفة الغربية، حيث "يقلل هذا الأمر من احتمالية فرض ضوابطَ قانونيةً على توسيع المستوطنات وتطويرها"، علمًا بأنّ "الإدارة المدنية هي المسؤولة بشكلٍ أساسيٍ عن التخطيط والبناء في المنطقة "ج"من الضفة الغربية، أي 60% من الأراضي الفلسطينية المحتلة الخاضعة للسيطرة الإدارية والأمنية الإسرائيلية الكاملة".

ولفت تقرير الغارديان النظر إلى أنّ المسؤولين الإسرائيليين "سعوا منذ فترةٍ طويلةٍ إلى إيجاد طرقٍ للاستيلاء بشكلٍ دائمٍ على الضفة الغربية أو ضمها، منذ احتلالها عام 1967".

ونقلت الغارديان عن المحامي الإسرائيلي مايكل سفارد قوله: "خلاصة القول هي أنه بالنسبة لأي شخصٍ يعتقد أن مسألة الضم غامضةٌ، فإن هذا الأمر يجب أن يزيل أي شكوكٍ. ما يفعله هذا الأمر هو نقل صلاحياتٍ إداريةٍ واسعةٍ من القائد العسكري إلى المدنيين الإسرائيليين العاملين في الحكومة".

وعلقت الغارديان أنّ هذا التطور هو  بمثابة "الانقلاب الأخير لسموتريتش الذي يشغل منصب وزير المالية، وأصبح أيضًا وزيرًا في وزارة الدفاع بعد اتفاقٍ ائتلافيٍ بين حزبه السياسي اليميني المتطرف وحزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو".

تحذيرات ومخاطر 

لا يحظى مخطط دفع السلطة الفلسطينية إلى الانهيار بإجماعٍ إسرائيلي، ذلك على الأقل ما تظهره تقاريرٌ إسرائيلية، فقد حذّر كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، حسب القناة 12 الإسرائيلية، "من انهيار السلطة الفلسطينية" بدعوى أنها "ستؤدي إلى مزيدٍ من الإرهاب وزيادة نفوذ حماس".

وبحسب ذات المصدر الإسرائيلي، فإن "أجهزة الأمن الإسرائيلية قالت إن فرض عقوباتٍ مشددةٍ على السلطة ستخلف فوضى في الضفة كفيلةٍ بوقف حرب غزة".

أمّا دوليًا، فحذرت الولايات المتحدة وعدة دول أوروبية من خطر انهيار السلطة الفلسطينية، بل إنّ مساعدين للرئيس الأميركي جو بايدن طرحوا في الأيام القليلة الماضية، حسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل، "فكرة فرض عقوباتٍ على وزير المالية الإسرائيلي سموتريتش مع وصول القلق والإحباط في واشنطن إلى ذروته بشأن الانهيار الوشيك المحتمل للسلطة الفلسطينية".

كما نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إنّ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "ضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للإفراج عن عائدات الضرائب الفلسطينية" وأكّد بلينكن لنتنياهو  أنّ "قضية عائدات الضرائب مهمة بالنسبة لواشنطن ويجب حلها".