اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي باستهداف مقر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا في غزة، مدّعيًا، في بيانٍ نشره ليلة الإثنين، أنه استهدف مقر الوكالة في غزة "بسبب استخدامه عسكريًا من طرف مسلحين فلسطينيين"، زاعمًا أنه "اتخذ تدابير للحد من الإضرار بالمدنيين".
وردًّا على مزاعم جيش الاحتلال، أصدرت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بيانًا فندت فيه ادعاءات الجيش الإسرائيلي باستخدام مقرٍ للأونروا بغزة لأغراضٍ عسكرية.
وقالت الحركة في بيانها أنّ "ادعاءات الجيش الإسرائيلي بشأن استخدام مقرٍ تابعٍ لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لأغراضٍ عسكريةٍ كذبٌ مفضوحٌ يخفي وراءه النيات الحقيقية لحكومة بنيامين نتنياهو تجاه وكالة الأونروا"
واعتبر بيان حركة حماس أنّ "استهداف الاحتلال لمقر وكالة الأونروا في مدينة غزة، يوم الأحد، يُعد جريمةً مركّبةً تنفذها حكومة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وضد المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها".
الأونروا وعلى خلفية الاستهداف المتكرر لمقراتها من طرف جيش الاحتلال الإسرائيلي قالت إنه لا وجود لمكانٍ آمنٍ في قطاع غزة
ولفت بيان حركة حماس النظر إلى أنّ "مواصلة الاحتلال استهداف المواقع المدنية في غزة، ومنها استهدافه بالمدفعية الثقيلة محيط مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر في رفح مما أدى إلى استشهاد أكثر من 20 من المدنيين النازحين، تأكيدٌ على مواصلة جريمة الإبادة وقتل معالم الحياة في غزة".
وطالبت حركة حماس المجتمع الدولي والأمم المتحدة بـ"إدانة هذه الجرائم الخطيرة، والعمل على محاسبة إسرائيل وقادتها على هذه السياسات التي تتحدى من خلالها القوانين الدولية، وتواصل عبرها حرب الإبادة ضد المدنيين العزل في قطاع غزة".
وكانت جيش الاحتلال الإسرائيلي قد استهدف في قصفٍ جويٍ مقر كلية التدريب المهني التابعة لوكالة الأونروا، غربي مدينة غزة، أمس الأحد، ما أدى إلى استشهاد 8 فلسطينيين وجرح آخرين.
وعلى ضوء الاستهداف المتكرر لمقرات الوكالات الأممية، قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إنه لا مكان آمنًا في غزة.
يشار إلى أنّ إسرائيل تضيّق على عمل الوكالات الدولية التابعة للأمم المتحدة بسبب مواقف الأخيرة من الحرب في غزة، وآخرها إدراج الجيش الإسرائيلي في القائمة السوداء للمنظمات التي تقتل الأطفال وتنتهك حقوقهم. الأمر الذي أثار غضب تل أبيب.
كما أعلنت لجنة التحقيق الدولية المستقلة التابعة للأمم المتحدة توصلها "إلى ما يثبت قيام إسرائيل بالإبادة الجماعية في غزة".
وكردّ فعلٍ إسرائيلي على مواقف وقرارات المنظمة الأممية ضدّها، أعلنت حكومة بنيامين نتنياهو أنها تدرس اتخاذ إجراءاتٍ عقابيةٍ ضد وكالاتٍ تابعةٍ للأمم المتحدة تعمل في فلسطين المحتلة وإسرائيل. قد تشمل، حسب مصادر، طرد موظفين أمميين.
وفي هذا السياق نقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن مسؤول إسرائيلي لم تسمه قوله: "إن على وكالات الأمم المتحدة أن تشعر بالقلق".
ورجّحت "فايننشال تايمز" أن تشمل الإجراءات والعقوبات التي تدرس إسرائيل فرضها على الوكالات التابعة للأمم المتحدة: "المماطلة في تجديد تأشيرات موظفي الأمم المتحدة الأجانب أو رفض تجديدها، ومقاطعة الحكومة الإسرائيلية بعض المسؤولين الكبار في الأمم المتحدة، فضلًا عن إنهاء عمل وطردٍ كاملٍ لبعثات الأمم المتحدة، مثل قوة حفظ السلام التابعة لهيئة مراقبة الهدنة التي أنشئت عام 1948".
كما تحدثت الصحيفة في تقريرها عن وجود قلقٍ في الدوائر الدبلوماسية الغربية بشأن مصير وكالات الأمم المتحدة في فلسطين، مع التنويه إلى ما تقوم به تلك الوكالات من أدوارٍ أساسيةٍ في مجال الإغاثة الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك وكالة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
وبمجرّد أن أبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش البعثة الإسرائيلية في الأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي، بإدراج الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن الإسرائيلية في "القائمة السوداء للدول التي تقتل الأطفال"، ثارت ثائرة المسؤولين الإسرائيليين، بدءًا بسفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان الذي أكد تلقيه إخطارًا رسميًا من غوتيريش بإدراج الجيش الإسرائيلي ضمن قائمةٍ عالميةٍ سوداء للجناة المرتكبين لانتهاكات بحق الأطفال، حيث وصف السفير الإسرائيلي القرار بأنه "مخز"، معتبرًا في تصريح يفتقد للدبلوماسية أنه من دخل اليوم إلى: "القائمة السوداء هو الأمين العام للأمم المتحدة الذي يشجع الإرهاب" بحسب وصفه.
ولم يتوقف الأمر عند أردان، بل دخل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو على خط التصريحات الغاضبة عندما قال إنّ: "الأمم المتحدة أدخلت نفسها في القائمة السوداء للتاريخ عندما انضمت إلى أنصار القتلة من حركة حماس" على حدّ زعمه.
مكرّرا أسطوانته المشروخة: "الجيش الإسرائيلي هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم، ولن يغير أي قرار سخيف للأمم المتحدة هذا الواقع" حسب زعمه.
فيما اكتفى وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس بالتحذير: "من أن قرار إدراج إسرائيل في القائمة السوداء سيؤثر على علاقات تل أبيب مع الأمم المتحدة".
الدوائر الدبلوماسية الغربية قلقة بشأن مصير وكالات الأمم المتحدة التي تقوم بأدوار أساسية في مجال الإغاثة الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة
وكان التقرير الذي أعدته الأمم المتحدة قد أفاد بارتفاع الانتهاكات الجسيمة ضدّ الأطفال في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة بنسبة 155 بالمئة خلال 2023، واقتضى ذلك قيام المنظمة الأممية بإدراج كلٍّ من الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن الإسرائيلية في القائمة السوداء للكيانات التي ارتكبت انتهاكاتٍ ضد الأطفال في مناطق النزاعات المسلحة.
وسجّل التقرير الأممي 7837 انتهاكًا ضد 4247 طفلًا فلسطينيًا في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.
وأشار التقرير إلى أن تلك الانتهاكات: "ارتكبها الجيش الإسرائيلي والمستوطنون الإسرائيليون غير الشرعيين"، كما أوضح التقرير أن الجيش وقوات الأمن الإسرائيلية مسؤولة عن 5 آلاف 698 من تلك الانتهاكات.
وذكر التقرير أيضًا أن إسرائيل اعتقلت 906 أطفالٍ فلسطينيين. وفضلًا عن ذلك، أشار التقرير إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يعرقل وصول الأطفال إلى المساعدات الإنسانية في غزة والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية.
ولفت التقرير الأممي النظر إلى أن هناك 23 ألف انتهاكٍ جسيمٍ لا تزال في حاجة إلى تأكيدات بسبب الأوضاع في غزة في الربع الأخير من عام 2023 بعد شنّ إسرائيل حربها على قطاع غزة.
ويشار ههنا إلى أنّ العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر خلّف قرابة 122 ألف فلسطينيٍ بين قتيلٍ وجريحٍ، معظمهم أطفال ونساء، ونحو 10 آلاف مفقود وسط مجاعةٍ ودمارٍ هائلٍ.
ولم يتمكّن التقرير الأممي من توثيق هذه الحالات بسبب أوضاع الحرب، ولذلك اقتصر على الانتهاكات المرتكبة ضد الأطفال حول العالم خلال العام 2023، وهي انتهاكاتٌ كان أغلبها في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار والصومال ونيجيريا والسودان. على أن يصدر في العام 2024 تقريرٌ جديدٌ يوثّق انتهاكات وجرائم دولة الاحتلال ضدّ أطفال غزّة.