افتتح المفكر العربي والمدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات عزمي بشارة، المنتدى السنوي لفلسطين في دورته الأولى، اليوم السبت، بمحاضرة عرض فيها خلفية عقد المنتدى السنوي، بالإضافة إلى تقييم الواقع السياسي في فلسطين والمنطقة العربية وارتباطه بالقضية الفلسطينية. وتحدث عزمي بشارة عن الاعتبارات الأساسية لانعقاد المنتدى، وقال إن أول الأسباب التي كانت وراء عقد المنتدى هو وجود غزارة في الأبحاث المتعلقة بفلسطين، تاريخًا وحاضرًا، بلدًا وطنًا ومجتمعًا، والتي لم تعد تقتصر على مؤسسات بحثية وجامعية فلسطينية ولم يعد إنتاجها في الجامعات الغربية وصدورها في دور النشر الأكاديمية والدوريات المتخصصة يعتبر استنثاءً.
افتتح المفكر العربي والمدير العام للمركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات عزمي بشارة، المنتدى السنوي لفلسطين في دورته الأولى
وأشار بشارة إلى أن هذه الظاهرة الجديدة "يحار في تصنيفها، حيث ترى مقاربة متشائمة أنها تؤشر على أن قضية فلسطين أصبحت جزءًا من التاريخ، وأن البحث فيها من منطلق الانحياز للسكان الأصليين لا يزعج المؤسسات الأكاديمية الغربية بل يغنيها بالتنوع، ولاسيما في إطار ثقافات فرعية أكاديمية داخل الجامعات مثل ما بعد الكولونيالية ونقد الاستعمار والدراسات الجندرية، ولكن من دون إسقاطات سياسية مهمة على مستوى مواقف الدول في سياساتها الخارجية". كما يستعرض مقاربةً أخرى تعدها دليلًا على "التغير النوعي، الناجم عن استمرار لبرلة الأكاديميا الغربية، المهددة من اليمين الشعبوي، والتراكم الكمي المتمثل بازدياد ملحوظ في أعداد الأكاديميين الفلسطينيين المتخصصين في العلوم الاجتماعية والإنسانية والذين يستخدمون أدوات ومناهج البحث العملية للبحث في قضايا شعبهم وإثارتها بهذا الأسلوب على المستوى الأكاديمي".
وأضاف بشارة أن هذه الظاهرة مهمة على كل حال وأن تغير الخطاب الأكاديمي بشأن فلسطين في الغرب والشرق أمر في غاية الأهمية حتى لو لم تكن له آثار سياسية مباشرة، فإنه يؤثر في الثقافة السياسية والرأي العام من خلال حلقات وسيطة متعددة تنفذ إلى وعي المتخصصين بما يسمى قضايا الشرق الأوسط الذين ترفد بهم المؤسسات الإعلامية أو التعليمية أو حتى المستويات الصانعة للقرار، ومشيرًا إلى أن هذه الظاهرة "تنتج الخبرات المتحررة من الرواسم الصهيونية المبتذلة عن فلسطين والعرب، وتسهم في تقويض هيمنة الخطاب الإسرائيلي على قطاع ما يسمى المحللين والخبراء في الغرب".
وحول البحث العلمي والانحياز لقضايا الشعوب، قال إن الباحث يمكن أن "يجمع الموضوعية بوصفها مسألةً متعلقةً بالمنهج العلمي، والانحياز بوصفه مسألةً أخلاقيةً، ولا تناقض بين الأمرين إطلاقًا، ويمكن أن نكون موضوعيين في منهج البحث ومنحازين معياريًا، فمثلًا اعتبار إسرائيل مشروعًا استيطانيًا كولونياليًا يتولد عنه نظام أبارتهايد هو تقييم موضوعي، وهو يؤسس لسياسات منحازة ضد الأبارتهايد في الوقت ذاته".
وتحدث عزمي بشارة عن الاعتبار الثاني وراء تأسيس المنتدى السنوي لفلسطين وهو "وجود فراغ مؤسسي على مستوى الشعب الفلسطيني عامةً، أي على مستوى العالم كله، وهذا يطرح مسألة الحاجة إلى أطر تجمع الفلسطينيين من أماكن وجودهم كافة"، وأكد على أن هناك محاولات أخرى، مضيفًا: "لا ندعي أن المراكز البحثية يمكنها سد هذا الفراغ مؤسسيًا بل من خلال الإسهام فيه، مثلًا من خلال منتدى دوري يتحاور فيه باحثون ليس بتقديم الدراسات فقط وإنما أيضًا بالتشاور وفي الأروقة والتواصل".
وتابع بشارة حديثه في محاضرته الافتتاحية بأن " الهدف هو إطلاق صيرورة عنوانها مد الجسور بين الباحثين الفلسطينيين وبين باحثين ونشطاء عرب وأجانب بما يتجاوز وسائل التواصل الاجتماعي، إلى الحوار العقلاني والمنتظم والمسؤول وهذه ديناميكية لا يمكن إلا أن تكون إيجابية مقارنةً بالوضع الراهن".
أمّا الاعتبار الثالث وراء تأسيس المنتدى، فقد جاء بحسب بشارة لـ"ضرورة تضافر جهود الباحثين الفلسطينيين والعرب لمواجهة المحاولات المتواترة لتسلل أفكار صهيونية إلى مقاربة عامة الناس إلى تاريخ فلسطين عمومًا وتاريخ الصراع على أرضها وتشويه قيم التحرر ومقاومة الاستعمار في الثقافة العربية، ويرافق دس قوالب التفكير هذه، سياسات تطبيع العلاقات مع إسرائيل من دون حل عادل للقضية الفلسطينية، ويندرج ضمن إعداد المتطلبات اللازمة لاستقبال هذه السياسات على مستوى الأخلاق العمومية والثقافة، من خلال إسقاطها على التاريخ وتشويهه، ويحدث هذا بعد أن حذفت قضية فلسطين في غالبية الأقطار العربية وأصبح تشويه الوعي في الإعلام ووسائل التواصل أكثر سهولةً مما مضى ولاسيما أن النشاط الإسرائيلي على المستويين الأخيرين لا يتوقف".
وحول هذه النقطة تحديدًا، أوضح بشارة، قائلًا: "ليس المقصود بالتصدي لتحريف الخطاب العودة إلى خطاب بعض الأنظمة العربية قبل هزيمة 1967، ولا نفي الآخر ولا احتكار دور الضحية على مستوى الإقليم، بما يعمي الأبصار عن رؤية معاناة الآخرين، بل المقصود تثبيت السردية الفلسطينية بالوقائع وإثبات واقع الاحتلال الاستيطاني بالتحليل العقلاني كأساس لتدعيم الموقف الأخلاقي الرافض له ولواقع الأبارتهايد المتولد عنه".
واستكمل بشارة حديثه بالقول: "ليس من واجب الباحثين الرد على هذا التشويه بالمزايدات، واستدرار العواطف، بل بخطاب عقلاني وأخلاقي ويمكن توجيهه إلى العرب واليهود والشرق والغرب، دون أن نخشى ترجمته إلى أيّ لغة".
وأضاف "نعرف أن قادة دول المنطقة العربية وفلسطين لن يقرأوا الأوراق البحثية المقدمة إلى المؤتمرات وهي لن تؤثر في صنع القرار وهي ليست معدةً لذلك، وليس هذا هدف المنتدى، لأن التأثير في صنع القرار يكون من داخل البارادايم الذي يفكر من داخله صناع القرار، وهو الحفاظ على السلطة، وربما في أفضل الحالات الحفاظ على مصالح الدولة، كما يرون هم هذه المصالح. ويجري عادةً بحسابات الربح والخسارة الناجمين عن التمسك بموقف ما أو التخلي عنه، وليس هذا هو منطق البحث العلمي في الشؤون الفلسطينية".
وفي سياق محاضرته الافتتاحية التي جمعت ما بين الحديث عن المؤتمر والواقع السياسي المرتبط في قضية فلسطين، قال عزمي بشارة: "لو وجدت أجندة عربية فعلًا لكانت فلسطين على رأسها". وحول السياق العربي أضاف أن "التهميش للقضية الفلسطينية يتجاوز عدم الاهتمام، بل يعني تحولًا فعليًا في المواقف، وثمة حالات أخرى تغيرت فيها المواقف حتى لو لم تظهر المواقف الجديدة للعلن بعد على شكل تطبيع سافر مع إسرائيل".
وتابع حديثه، مشيرًا إلى الشعوب العربية والتضامن مع قضية فلسطين، قائلًا: "نعرف من أبحاثنا ومن مظاهر أخرى مثل بطولة كأس العالم التي أقيمت في قطر أن الرأي العام العربي بشأن قضية فلسطين ثابت ولم يتغير وأن فلسطين حاضرة فيه مثلما أن الهوية العربية قائمة وتتحدى جميع المحاولات لوضعها في حالة تناقض مع ما يكملها".
وقال في نفس السياق "حين أقصد التأكيد على عدالة قضية فلسطين وعلى أن النضال يجب أن يستمر من أجل تحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، ليس لدي أوهام أن هذا يكون بعقد المؤتمرات الأكاديمية وتقديم الأوراق البحثية، ولهذا أهميته، وإنما بالفعل السياسي ضد نظام الاحتلال الاستيطاني ونظام الأبارتهايد".
وحول الواقع العربي والتطبيع مع إسرائيل، أضاف بشارة في سياق تقييمه للوضع العربي الراهن: "لقد شهدنا في السنوات الأخيرة زيادةً في عدد الحكومات العربية المتخلية عن فلسطين، ليس بسبب فلسطين ذاتها، وإنما بسبب تطوير مصالح مشتركة مع النظام الإسرائيلي، وأقصد بالمصالح المشتركة تلك القائمة على مستوى الرغبة في إنشاء محور مشترك مع إسرائيل في الغرب، وتحديدًا في الولايات المتحدة للتأثير في سياساتها الشرق أوسطية، وعلى مستوى ما يسمونه الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة ضد احتمالات التغيير وضد التأثير في مسائل مثل حقوق الإنسان وغيرها، والجديد أن التحالف مع إسرئيل يقرب أفكارهم من اعتبار أن النضال الفلسطيني ضد الاحتلال أصبح تهديدًا ضد الأمن والاستقرار في المنطقة".
وتابع المدير العام للمركز العربي: "يتزامن نشوء الوضع الإقليمي مع أزمة حركة التحرر الفلسطيني، إذ كانت منظمة التحرير الفلسطينية سابقًا عائقًا رئيسًا أمام حصول مثل هذه التدهور إقليميًا، وتجلت هذه الأزمة بأمرين، أولها التخلي عن إطار حركة التحرر وأهدافها ومؤسساتها وخطابها منذ منتصف التسعينات مقابل الاعتراف الإسرائيلي، وبدء عملية سلام لا تجري بناءً على قواعد ومبادئ وليس لها أهداف مُتفق عليها، وتمخض عن ذلك تحويل قضية فلسطين إلى خلافٍ بين طرفين يخوضان مفاوضات بإشراف دولي، ومن ثم تحييد أي تضامن نضالي شعبي دولي بوصفه متطفلًا على اللعبة من خارجها".
ويشخص بشارة في حديثه الواقع القائم حاليًا، بالقول: "لقد ألغت إسرائيل عمليًا ما تبقى من اتفاقيات أوسلو من ناحية استكمال الانسحاب والتفاوض على ما سمي في حينه الحل الدائم، وهي تخطط حاليًا لضم المنطقة "ج"، وهو سلوك إسرائيلي مستمر منذ عام 1948 والقائم على ضم أكبر كم من الأرض بأقل عدد من السكان".
وحول تحلل إسرائيل من الاتفاقيات وتردد السلطة الفلسطينية، قال صاحب كتاب "من يهودية الدولة حتى الشارون": "قدم تحلل إسرائيل من التزامها، في عملية التفاوض وتكثيف الاستيطان على نحو يقوض أسس أي دولة فلسطينية ممكنة، فرصةً للسلطة الفلسطينية للتحول من طرف في مفاوضات وهمية عبثية إلى مؤسسات تدير مجتمعًا تحت الاحتلال والحصار، وتخضع سياسيًا إلى هيئة عليا تجمع الشعب الفلسطيني وهي منظمة التحرير الفلسطينية، التي لا بد من أن يُعاد بناؤها بعد عقد مؤتمر وطني فلسطيني جديد بأجيال وطاقات جديدة".
وأكد على أن السلطة الفلسطينية لم تتخذ أيّ خطوات عملية في هذا السياق حتى الآن، قائلًا: "ما زالت السلطة مترددةً في تأزيم الأوضاع من طرفها على الرغم من تلويحها المتكرر بهذا الخيار، مع أن سياسات إسرائيل صدامية وتأزيمية على مستوى الاستيطان والممارسات الاحتلالية الأخرى، ومؤخرًا الأمر الجديد على مستوى الصدام مع السلطة الفلسطينية ذاتها، وأعتقد أن الشعب الفلسطيني كله يأمل أن يكون الإعلان الأخير بوقف التنسيق الأمني خاتمة هذا التردد".
كما أشارة بشارة إلى جانب آخر من الأزمة الفلسطينية، وهو الانشقاق السياسي الجغرافي، مبينًا أنه ترك أثرًا كبيرًا على القضية الفلسطينية ولا يقل خطورةً عن اتفاقيات أوسلو، سواء على المستوى الداخلي أو في الساحات الدولية والإقليمية.
ووصف بشارة في محاضرته تطبيع الأنظمة العربية الأخيرة مع دولة الاحتلال بـ"التطبيع المجاني"، وشرح تأثيره بالقول: "أن التطبيع المجاني مع إسرائيل زاد من صلافتها وتعنتها، وأن اليمين الإسرائيلي يستنتج أمرين أساسيين من عملية التطبيع هذه، أولها أن الدول العربية غير معنية في قضية فلسطين والسلام ممكن من دون حلها، وثانيًا أنه إذا صمدت إسرائيل مدةً كافيةً في فرض الأمر الواقع فإن العرب لا يلبثون للاستسلام للغة القوة، وأنه لن يحصل شيء إذا كثفت إسرائيل الاستيطان ومارست حتى تهويد الأماكن المقدسة في القدس". مضيفًا: "هذا المزاج هو في صلب نجاحات اليمين الإسرائيلي الانتخابية في ظل التطبيع"، مؤكدًا وجود "علاقة مباشرة بين نجاح اليمين المتطرف والتطبيع". وبالعودة للحديث عن السياق الفلسطيني، قال بشارة إن: "القيادات الفلسطينية المنشغلة في مقاومة محاولة إسرائيل المنهجية لتحويلها إلى رهينة، غير قادرة على الرد ولا حتى الاستثمار في تضحيات شعبها الذي يواصل تقديم ضحايا وشهداء في النضال ضد الاحتلال".
وحول التغيرات في السياق الفلسطيني، أوضح أننا "في هذه الأثناء نشهد نتائج تحول تدريجي للرأي العام الفلسطيني على نحو خاص، وبين الشباب على نحو أخص، نحو حساسية أكثر في الجوانب الاخلاقية فيما يتعلق بمعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال ولا أخلاقية نظام الأبرتهايد الذي تتضح معالمه". متابعًا القول: "في الوقت نفسه، تقود ديناميكية العلاقة بين الأيديولوجية الصهيونية الرسمية وواقع الاحتلال إلى زيادة قوة اليمين الصهيوني الديني وتغلغله في مفاصل الدولة العبرية، ما يولد نفورًا لدى حلفاء إسرائيل في الديمقراطيات الغربية، والتفاقم الحاد في الشرخ الديني والعلماني والصراعات بين اليمين الشعبوي الديني والعلماني مع احتمالية أن يحدث شرخ على مستوى الجاليات اليهودية خارج إسرائيل وخاصةً في الولايات المتحدة"، لكنه يستدرك موضحًا: "أن توقع انهيار إسرائيل بتناقضاتها الداخلية هو تفكير قائم على الأوهام والأمنيات، إسرائيل لن تنهار بدون نضال من الخارج وبدون فعل".
وفي توصيفه للحالة القائمة في فلسطين والعالم العربي والإمكانيات التي يمكن أن تنتج عنها، تابع بشارة حديثه بالقول: "الوجود المتواصل للشعب الفلسطيني في فلسطين وخارجها وحفاظه على هويته الوطنية والاستعداد غير المحدود للتضحية في مقاومة الاحتلال والصدام المتواصل مع الاحتلال في الضفة الغربية، يمكن اعتباره انتفاضةً في ظل الظروف الجديدة السائدة منذ الانتفاضة الثانية، والرأي العام العربي المتضامن مع فلسطين، والتحولات في الرأي العام الغربي، والصعود الحتمي للصهيونية الدينية، كلها عوامل يفترض أن تستغل للصراع ضد نظام الاحتلال ولكن هذا يتطلب وجود مؤسسة فلسطينية جامعة، لهذا الشعب، مؤسسة تضع استراتيجيات نضالية".
الصدام المتواصل مع الاحتلال في الضفة الغربية، يمكن اعتباره انتفاضةً في ظل الظروف الجديدة السائدة منذ الانتفاضة الثانية
وأكد بشارة على أن وجود المؤسسة الجامعة أمر حاسم في مواجهة الاحتلال، قائلًا: "يستحيل دون ذلك النجاح في مواجهة هذا النظام، ولا يمكن القيام بذلك في ظل الشرخ الفلسطيني القائم"، مشيرًا إلى أن إعادة بناء منظمة التحرير ممكن ولكن ليس على أساس محاصصة فصائلية، بل على أسس وطنية ديمقراطية تأخذ في الاعتبار الفصائل والأحزاب ولكن قطاعات أخرى، ولا يجوز أن تكون إعادة بناء منظمة التحرير مهربًا من الوحدة على مستوى السلطة على الأقل.
ويتابع بشارة حديثه عن النضال ومواجهة الاحتلال، بقوله: "لا يمكن خوض معركة مثل معركة الشعب الفلسطيني، دون استراتيجية وطنية شاملة، تسعى إلى هدف موحد، وهو إحقاق العدل للشعب الفلسطيني ومواجهة ما تقوم به إسرائيل". مضيفًا: "الحلول تكون بالتفاوض، ولا يوجد حاليًا أطر تفاوضية يمكن أن تفرز حلولًا عادلةً، أو عادلةً نسبيًا في ظل موازين القوى الحالي، والحديث عن الحلول حاليًا هو عبثي، والأمر الممكن هو النضال على جميع الجبهات من أجل تحقيق العدالة".
وعد بشارة في محاضرته أن قضية فلسطين لا تتعارض مع قضايا الشعوب العربية، رغم محاولات الاستقطاب والاستثمار المضاد فيها، مختتمًا حديثه بالقول: "تشابك القضية الفلسطينية مع المسألة العربية، ومع المسألة اليهودية على المستوى العالمي، يجعل قضية فلسطين كبيرةً إلى درجة تصعب السيطرة عليها لصالح الشعب ويمكن تحويل هذا التشابك من مصدر ضعف إلى مصدر قوة، بوجود قوى فلسطينية فاعلة على المستويين". متابعًا القول: "ومن دونها يخضع نضال الشعب الفلسطيني لتعقيدات بناء محاور إقليمية على حسابها أو استخدامها لتبقى قضيةً عائمةً فوق مصالح الشعب الفلسطيني والشعوب العربية، ودوليًا بغياب عنوان قادر على تجنيد التضامن على المستوى الشعبي والرسمي والاستفادة منه. وفي غياب هذا العنوان تتراجع هيبة القضية الوطنية الفلسطينية مثلما يغيب طابعها الإنساني ويتاح المجال لتجريم مقاطعة إسرائيل وخلط العداء للصهيونية بالعداء للسامية زورًا وبهتانًا، وغيرها من الظواهر التي يفترض أن تواجه ويمكن مواجهتها في إطار استراتيجية موحدة فاعلة على جميع هذه المستويات".
وانطلقت اليوم السبت، 28 كانون الثاني/ يناير 2023، أعمال المنتدى السنوي لفلسطين في دورته الأولى التي ينظمها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ومؤسسة الدراسات الفلسطينية خلال الفترة 28–30 كانون الثاني/ يناير 2023. وتنتظم هذه الدورة في محور بحثي عامّ، يُقدّم فيه باحثون فلسطينيون وغير فلسطينيين، من أنحاء العالم كلّه يعملون على أبحاث تتعلق بالموضوع الفلسطيني. وتتوزع هذه الأوراق البحثية على مواضيع متعلقة بفلسطين وتاريخها، والقضية الفلسطينية، ونظام الأبارتهايد والاستعمار الاستيطاني، وفلسطين في العلاقات العربية، وفلسطين في العلاقات الدولية، وغيرها من القضايا ذات الصلة.
الحديث عن الحلول حاليًا هو عبثي، والأمر الممكن هو النضال على جميع الجبهات من أجل تحقيق العدالة
ويشكّل هذا المؤتمر الأكاديمي، الذي سيُعقد في مسارات متوازية، فرصة للمهتمين بقضية فلسطين وسياقاتها الإقليمية والعالمية للالتقاء وتبادل وجهات النظر، ويشكّل أيضًا رافدًا مهمًّا للبحث العلمي بشأن فلسطين والقضايا العديدة المرتبطة بها، ويعزز مركزية قضية فلسطين والاهتمام العربي والدولي بها.