لا شيء أجمل من الخريف! حين تتبدّل ألوان الأشجار وتغتسل الأرض بزخاتٍ خفيفة لتمتزج الألوان في لوحةٍ فريدة. ولكن يؤذن فصل الخريف أيضاً، بالنسبة لمعظمنا، ببداية موسم الإنفلونزا. ولعل هذه الكلمات قد حملت معنىً أكثر خطورةً بكثير في السنوات الماضية مع اندلاع جائحة كوفيد-19 التي تدخل في هذا الخريف موسمها الثالث. وصحيحٌ أن العالم بالمجمل قد تجاوز فترة الجائحة، إلا أن تهديد كورونا لم يزل تماماً، ومن الطبيعي أن تعود بعض المخاوف مع دخولنا فصل الشتاء، خصوصاً في أوروبا وبعض الدول التي لم تحظ بنصيبها الكافي من اللقاحات المضادة للفيروس، مع تحذيراتٍ بعودة الجائحة.
تهديد كورونا لم يزل تماماً، ومن الطبيعي أن تعود بعض المخاوف مع دخولنا فصل الشتاء
ولهذا نجلب لكم أربع نصائح من أطباء ودراساتٍ مختلفة لتحصين جهازكم المناعي والاستمتاع بجمال الخريف وشاعرية الشتاء دون أن ينال منكم موسم الإنفلونزا.
بالإضافة إلى هذه النصائح، يمكنكم الاطلاع على الملف الخاص في ألترا صوت حول فيروس كورونا الجديد.
1) عليك بالرياضة
في دراسةٍ أجراها الدكتور "ديفيد نيمان" عام 2011 تناولت 1,000 شخص يعيشون في ولاية كارولاينا الشمالية، اكتشف فريقٌ من الباحثين، الذي قاده بروفيسور الأحياء في جامعة أبالاس الحكومية، أن أهم عادةٍ يوميةٍ ساعدت على تقوية جهاز المناعة في وجه الأمراض التنفسيّة الشائعة كالالتهابات الأعراض التي يسبّبها البرد هو النشاط الجسدي. فوفقاً للدراسة، تنخفض نسبة الإصابة بالأمراض التنفسيّة إلى 43% لمن يتمرّن خمسة أيامٍ أو أكثر أسبوعياً، بل مجرد التمرين البسيط، كالمشي السريع مرةً في الأسبوع لمدة 20 دقيقة يساهم في تقليل احتمالية الإصابة بالأمراض.
وأحد أسباب ذلك هو أن الحركة الجسدية تساعد على تحفيز الخلايا المناعية وتنشيط حركتها في الجسد، وهو ما له دورٌ بالتأكيد في رصد الخلايا المصابة بفيروسات والتخلّص منها.
2) لا تهمل حقّك في الراحة
في المقابل، عليك ألا تتجاهل أي إشاراتٍ للإعياء أو التعب إذا كنت تمارس الرياضة باستمرار، خصوصاً لو حلّ عليك التعب فجأةً وأنت تمارس تمارينك الرياضية الاعتيادية.
وبصفةٍ أوسع، تتأثّر أجسادنا إذا حرمناها من ساعاتٍ كافيةٍ من النوم، أو لو كانت جودة نومنا سيئة، كما تؤكّد البروفيسورة "كاثي هيفنر" المختصة في التمريض والطب وعلم النفس في المركز الطبي التابع لجامعة "روشستر". وأضافت هيفدر أن ساعات النوم المطلوبة تختلف من شخصٍ لآخر، ولكن 6-8 ساعات هو المعدّل المقبول للبالغين.
يساعد النوم الجيد أيضاً على تنظيم الضغط الذي يخفّض استجابة أجسادنا للقاحات ويجعل أجسادنا أضعف في وجه الالتهابات. فحتى الضغط اليومي، سواءً في العمل أو المنزل أو الذي تسبّبه مسؤولياتنا اليومية، يساهم في إضعاف جهازنا المناعي. تستطيع أيضاً أن تمنح نفسك بعض المساحة والقيام بأنشطةٍ ترفيهية أو القيام بالتأمل، أو ببساطة أيّاً كان ما تحبّ فعله لتُزيل الهموم عن صدرك.
3) الطعام الصحي لجسدٍ صحي
بالعودة إلى دراسة دكتور "نيمان"، يؤكّد البروفيسور أن ما نختار أكله وشربه هو من أهم العوامل التي تؤثّر بمناعتنا.
وهنا علينا أن نركّز على تناول خضراواتٍ وفواكه متنوّعة، كالتوت والحمضيات والملفوف واللفت، إذ تحتوي هذه المأكولات على نسبٍ عاليةٍ من مركّب الفلافونويد الذي يُوجد في النباتات ويساعد أجسادنا على محاربة الالتهابات والأمراض، كما أن هذا المركّب يُوجد أيضاً في الشاي والقهوة والشوكلاتة السوداء. وكشفت الدراسة أن البالغين الذين يأكلون الفواكه ثلاث مراتٍ في اليوم على الأقل يتمتّعون بصحةٍ أفضل على مدار العام ممن لا يأكلون هذه الكميات من الفواكه.
بالمقابل، فإن تعريض أجسادنا للدخان والكحوليات يُضعِف من أجهزتنا المناعية. ومن المثير أيضاً ما ذهبت إليه الدكتورة "هيلين تشو" التي أكّدت أن اللجوء إلى المكمّلات التي تزعم أنها ستقوّي مناعتك ليس بالأمر المجدي، خصوصاً لمن يعتنون بنظامهم الغذائي ويحافظون على حميةٍ صحيةٍ ومتوازنة، حيث قالت: "لا يوجد دلائل بيانية تشير إلى أن استخدام هذه المكمّلات يساعد على الوقاية من المرض أو تقوية مناعتك."
4) لا تترك الإجراءات الاحترازية من فترة الجائحة
تؤكّد الدكتورة تشو أيضاً أن "أهمّ ما على الناس فعله الآن هو ربما أخذ لقاحات كورونا المقوية ولقاحات الإنفلونزا في أقرب فرصةٍ." وبالفعل يبدو أن نسب إصابات كورونا ستزداد في فصلي الخريف والشتاء.
صحيحٌ أن معظمنا قد توقّف عن ارتداء الكمامات في الأماكن العامة، ولكن استخدام الكمامات من جديد يساعد على الوقاية من الإنفلونزا وليس فقط كورونا، وهذا ينطبق بشكلٍ خاصٍّ على ذوي المناعة الضعيفة. ولا بد أيضاً من إجراء اختبارات كورونا في حال شعرتم ببعض الأعراض.
الحفاظ على إجراءات النظافة هو أمرٌ آخرٌ اكتشف الكثيرون أهميته خلال الجائحة، من غسل اليدين والابتعاد عن الآخرين إذا أصابتك أعراض البرد
كما أن الحفاظ على إجراءات النظافة هو أمرٌ آخرٌ اكتشف الكثيرون أهميته خلال الجائحة، من غسل اليدين والابتعاد عن الآخرين إذا أصابتك أعراض البرد، وفقاً للدكتورة تشو، التي شدّدت أيضاً على ضرورة البقاء في المنزل بدلا ًمن محاولة التغلّب على المرض بالعزيمة والإصرار لما قد يسبّب ذلك من أذىً وعدوىً للآخرين. فكل ما عليك أن تبقى في المنزل وتعطي جسدك فرصةً لكي يستريح ويستعيد عافيته كما تقول الدكتورة تشو.