قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، يوم الجمعة، إن حل الدولتين الذي من "شأنه إحلال السلام في الشرق الأوسط يتطلب وضع حدٍّ لعنف المتطرفين المستوطنين في المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية".
تأتي هذه التصريحات مع ازدياد ملحوظ في عنف المستوطنين، في الضفة الغربية، مع تقدمهم بشكلٍ كبير على الأرض، ومصادرة كميات من الأراضي أو محاولة تثبيت وجودهم فيها، بالإضافة إلى عمليات إعدام ميداني متكررة.
حديث فون دير لاين، جاء مع رئيس الوزراء الكندي، وهو موقف كررته الخارجية الكندية قبل أقل من أسبوع، بالقول: "تدين كندا بشدة العنف الذي يمارسه المستوطنون المتطرفون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، كما تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير التي تفيد بإبعاد المجتمعات الفلسطينية قسرًا عن أراضيها في الضفة الغربية".
القلق الغربي يدور حول إمكانية انفلات عنف المستوطنين في الضفة الغربية، وتحولها إلى جبهة حرب جديدة
جاء هذا الموقف الأوروبي، بعد أسبوع من مقال الرئيس الأمريكي جو بايدن، في الواشنطن بوست، الذي هدد فيه باتخاذ عقوبات ضد المستوطنين، وكتب بايدن: "لقد كنت أؤكد مع قادة إسرائيل أن أعمال العنف المتطرفة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية يجب أن تتوقف، وأن أولئك الذين يرتكبون أعمال العنف يجب أن يخضعوا للمحاسبة". وأضاف أن "الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ خطواتنا الخاصة، بما في ذلك إصدار حظر على التأشيرات ضد المتطرفين الذين يهاجمون المدنيين في الضفة الغربية".
وحث وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إسرائيل على اتخاذ إجراءات صارمة ضد ما وصفه بالعنف "غير المقبول على الإطلاق" من جانب المستوطنين في الضفة الغربية.
وقال لبي بي سي: "إن الناس يستهدفون في الواقع المدنيين الفلسطينيين ويقتلونهم في بعض الأحيان، وهذا أمر غير مقبول على الإطلاق، والأشخاص المسؤولون عن ذلك، ليس من الجيد مجرد اعتقالهم، يجب اعتقالهم ومحاكمتهم وسجنهم. هذه جرائم".
قلق أمريكي في الضفة
من جانبه، يشير المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس"، إلى أن إدارة بايدن لديها قلق جزئي من العدوان الإسرائيلي على غزة، بالإضافة إلى عدم امتلاك أي موقف جدي بخصوص ما يوصف بـ"اليوم التالي"، أمّا القضية الأخرى التي "تثير أعصاب الأمريكيين"، فهي عنف المستوطنين في الضفة الغربية.
وتحدث هارئيل، عن ترك جنود جيش الاحتلال من الاحتياط وحرس الحدود، موضحًا أن وحدات الاحتياط فيها وجود بارز للمستوطنين، الذين ينخرطون في السيطرة على الأراضي في الضفة الغربية، مع تخفيف معايير وزارة الأمن القومي، التي يقودها المتطرف إيتمار بن غفير، لتوزيع الأسلحة.
وقال هارئيل: "النتيجة الآن هي أن نشطاء اليمين المتطرف من البؤر الاستيطانية يمتلكون أسلحة نارية صادرة عن الجيش الإسرائيلي، ويصبحون ظاهريًا جزءًا من الهيكل الدفاعي ويجرون الجيش إلى إظهار موقف متشدد، إلى حد الإساءة، تجاه الفلسطينيين. وكما هو الحال، فإن الخطوط الفاصلة بين المواقع الاستيطانية ووحدات الدفاع الإقليمية كانت غير واضحة، لكن الظاهرة أصبحت أكثر حدة خلال الحرب".
والقلق الأمريكي ، يعود إلى أن "خطر اندلاع جبهة ثانية في الضفة الغربية هو أكثر إلحاحًا وملموسة من حالة لبنان".
نقطة أخرى يشير إليها، هي الحالة الاقتصادية في الضفة، بالإضافة إلى أن عدد الحواجز في الضفة الغربية هو الأعلى منذ عام 2002.
اقرأ/ي: الاستيطان والواقع الجديد في الضفة: حوارة
الاستيطان والواقع الجديد في الضفة: قريوت
الاستيطان والواقع الجديد في الضفة: البلدة القديمة ومحيطها في الخليل
إيتمار بن غفير يطلق يد الشرطة
كشفت القناة 12 الإسرائيلية، عن "وثيقة سرية" قدّمها رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي رونين بار، لرئيس هيئة أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي، تؤكد أنّ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أصدر تعليمات لشرطة الاحتلال في الضفة الغربية، بالامتناع عن إنفاذ القانون ضدّ "الإرهاب اليهودي".
وبحسب القناة، فإن رونين بار أرفق مع الوثيقة ورقة تقييم موقف أعدّها كبار ضباط الشاباك تؤكد أن بن غفير طلب من قادة الشرطة الإسرائيلية الامتناع عن التحقيق في اعتداءات المستوطنين بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وبناءً على الوثيقة اشتكى قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال (الحاكم العسكري للضفة الغربية) من عدم امتلاكه الأدوات اللازمة لمحاربة الإرهاب اليهودي في الضفة الغربية، على حدّ زعمه، وهو الإرهاب الذي قال إنّه سيؤدي لحالة تصعيد جديدة في الضفة الغربية.
ما سبق، يمكن أن تعززه واقعة جزئية، بعد إعلان مجلس مستوطنات شمال الضفة الغربية، تنظيم فعالية لتوزيع قسائم بقيمة 1000 شيكل (268 دولار) لدعم شراء سلاح شخصي لـ 200 امرأة مستوطنة.
وجاء في بيان مجلس المستوطنات، أن التركيز كان على النساء المقيمات في المستوطنات، واللواتي اجتزن مرحلة الموافقة على الطلب في قسم ترخيص الأسلحة في وزارة الأمن القومي الإسرائيلية.
وارتفعت طلبات الحصول على الأسلحة بين المستوطنين خلال العام الأخير، في قفزات وصفت بالمجنونة، وسط تشجيع واسع في المستوى السياسي، الذي يتحدث عن تأسيس تشكيلات مدينة مساندة لجيش وشرطة الاحتلال.
وكانت صحيفة "يسرائيل هيوم"، كشفت الأسابيع الماضية، على أن هناك تزايدًا في انضمام نساء المستوطنات إلى دورات الرماية التي تقام في في مستوطنة كريات أربع بالخليل المحتلة.
حرب في الضفة
وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش: "بينما يتركز الاهتمام العالمي على إسرائيل وغزة ، تعمل السلطات الإسرائيلية على تشديد قمعها في الضفة الغربية، وتتصاعد هجمات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين. وكان هذا القمع قد وصل بالفعل إلى ذروته 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكنه أصبح أسوأ بكثير منذ ذلك الحين".
وأضاف بيان المنظمة الحقوقية: "خلال عام 2022 والأشهر الثمانية الأولى من عام 2023، أُجبر 1,105 من الفلسطينيين، من بينهم 4 مجتمعات بأكملها، على مغادرة منازلهم. وأشار الفلسطينيون إلى عنف المستوطنين ومنعهم من الوصول إلى أراضي الرعي باعتباره السبب الرئيسي لتهجيرهم. وقد تم تهجير نفس العدد تقريباً – 1014 شخصاً – منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر. وقد هاجم المستوطنون 92 مجتمعًا فلسطينياً خلال هذه الفترة، حسبما وجدت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "ييش دين".
كشفت القناة 12 الإسرائيلية، عن "وثيقة سرية" قدّمها رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي رونين بار، لرئيس هيئة أركان جيش الاحتلال هرتسي هليفي، تؤكد أنّ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أصدر تعليمات لشرطة الاحتلال في الضفة الغربية، بالامتناع عن إنفاذ القانون ضدّ "الإرهاب اليهودي"
وخلال الأسابيع الماضية، استشهد ما لا يقل عن 10 فلسطينيين برصاص المستوطنين.
وختم بيان رايتس وواتش، بالقول: إن "الإفلات من العقاب يغذي عنف المستوطنين ، والذي، كما ذكرت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية بتسيلم، يخدم كأداة غير رسمية رئيسية في أيدي الدولة للاستيلاء على المزيد والمزيد من أراضي الضفة الغربية".
ترافق ذلك، مع سعي إسرائيلي محموم، جمع بين الجيش والمستوطنين، من أجل إفشال موسم قطاف ثمار الزيتون، بهدف السيطرة على الأرض في الضفة الغربية، وتلاقت هذه الأهداف مع اقتراحات وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش.