10-سبتمبر-2024
غارات إسرائيلية في سوريا

(AFP) نفذت إسرائيل أكثر من 500 غارة في مناطق النظام السوري

طالعتنا الخارجية السورية والإيرانية ببيانات "قوية" كلاميًا على خلفية الاعتداءات الإسرائيلية الأخيرة التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا، لكنّ هذه البيانات ظلت جعجعةً دون طحين، إذ دائمًا ما لا تشفع بردّ عمليٍ عسكري.

لكنّ المقارنات التي يعقدها البعض بين المقاومة في فلسطين في غزة والضفة الغربية المستمرة منذ السابع من أكتوبر، مقابل عجز النظام السوري على الرد على استباحة إسرائيل لأجوائه والأراضي الخاضعة لسيطرته، قادت البعض إلى التساؤل عن ما إذا كانت دمشق سترد على إسرائيل وتنخرط في مسار التصعيد الإقليمي، مستفيدةً ممّا يقوم به باقي "محور المقاومة" من ردود وعمليات ضد إسرائيل (حزب الله اللبناني والحوثيون في اليمن وإيران التي تلوح بردٍّ وشيك وقوي على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية على أراضيها؟).

يضاف إلى عوامل "الانخراط في التصعيد" أنّ الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف محيط مدينة مصياف، بريف حماة غربي سوريا، يعدّ ـ بحسب وصف وسائل الإعلام السورية الرسمية ـ الأعنف منذ سنوات"، حيث شمل إطلاق 15 غارة، وأسفر عن مقتل 16 شخصًا وإصابة أكثر من 40.

وبحسب وكالة رويترز، فقد "استهدف القصف مركزًا عسكريًا سوريًا للأبحاث لإنتاج الأسلحة الكيماوية، يعتقد أنه يضم فريقًا من خبراء عسكريين إيرانيين مشاركين في إنتاج الأسلحة".

نفذت إسرائيل منذ عام 2017 أكثر من 500 غارة على سوريا، على الرغم من أنها تعد الجبهة الأكثر هدوءًا مع تل أبيب منذ عقود، وطبعًا لم يرد النظام السوري على أي واحدة منها

الرد عبر البيانات

اعتبر بيانٌ صادر عن وزارة خارجية النظام السوري أنّ تمادي إسرائيل في اعتداءاتها على سوريا ودول أخرى "يدل على السعي المحموم لمزيد من التصعيد في المنطقة".

مضيفًا أنّ "الدعم اللامحدود للكيان من الولايات المتحدة ودول غربية يشجعه على الاستمرار في جرائمه"، وحذر بيان النظام السوري من استمرار ما أسماه بـ"الصمت الدولي إزاء الاستهتار الإسرائيلي بالقوانين الدولية"، مطالبًا دول العالم بـ"إدانة العدوان الاسرائيلي والتضامن مع سوريا في السعي لوضع حد للاعتداءات والجرائم الإسرائيلية الممنهجة".

ولم يفت بيان النظام السوري أن يكرر عبارة: "سوريا تؤكد مجددًا على حقها الراسخ في الدفاع عن سيادة أراضيها وتحرير أرضها المحتلة بكافة الوسائل المشروعة التي يضمنها القانون الدولي"، فيما غابت عبارة "الاحتفاظ بحق الرد" التي مجّتها آذان السوريين والعرب، لأنّ ردّ النظام السوري على إسرائيل معلّقٌ أبدًا.

لكن بيان الخارجية الإيرانية دعا إلى "إجراءات رادعة وجادة لمواجهة الجرائم الإسرائيلية وتراجع داعميه عن تسليحه"، نافيًا "الأنباء التي تحدثت عن استهداف مركز مرتبط بإيران في سوريا"، مشيرًا إلى أن "محاولات إسرائيل ربط أي حدث في الأراضي المحتلة الفلسطينية بإيران هي محاولات للهروب من الحقيقة".

ونفذت إسرائيل منذ عام 2017 أكثر من 500 غارة على سوريا، على الرغم من أنها تعد الجبهة الأكثر هدوءًا مع تل أبيب منذ عقود، لكن تل أبيب تبرر ضربها المستمر لها بدعوى "منع إيران من ترسيخ وجودها العسكري هناك"، في حين توعدت السلطات السورية بالرد مرارًا دون تنفيذ ذلك على أرض الواقع.

واللافت في هذا الهجوم الأخير الذي يعد الأعنف من نوعه أننا، حسب الباحث عبد الله الشايحي، "لم نسمع من النظام حتى الجملة البالية: نحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين".

فيما رجح بعض المتابعين أن يكون رد النظام السوري هو الانتقام من مناطق المعارضة في الداخل السوري التي دأب على توجيه صواريخه نحوها.

وشهد شهر نيسان/إبريل الماضي استهداف إسرائيل للقنصلية الإيرانية في دمشق، قُتل فيه مستشاران عسكريان إيرانيان، ما اضطر إيران للرد على إسرائيل عبر هجوم لم يسفر عن ضحايا في إسرائيل.

لماذا مدينة مصياف؟

استهدفت الطائرات الإسرائيلية بشكل متكرر مدينة مصياف، غربي حماة، واستهدفت الغارات بالتحديد مركز "البحوث العملية" الواقع في المدينة، والمركز المذكور "متخصص بتطوير وإعداد البحوث العسكرية للجيش السوري"، وتدعي إسرائيل أن القوات الإيرانية، تستخدمه لتصنيع صواريخ أرض- أرض دقيقة.

كما تعتقد تل أبيب، حسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أن مدينة مصياف "تُستخدم كقاعدة للقوات الإيرانية والميليشيات الموالية لطهران"

ويشار في هذا الصدد لتصريحات بيني غانتس، عام 2022 التي قال فيها إن إيران تستخدم منشآت مركز البحوث العلمية في مصياف لإنتاج صواريخ وأسلحة متطورة لوكلائها.