17-فبراير-2022

تجدد القصف الإسرائيلي على دمشق (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي بصواريخ أرض- أرض، مساء يوم أمس الأربعاء، مواقع تابعةً للنظام السوري في محيط بلدة زاكية جنوب غرب العاصمة السورية دمشق. ونقلت وكالة أنباء النظام السوري سانا عن مصدرٍ عسكري في النظام قوله "حوالي الساعة الحادية عشرة و35 دقيقة من مساء اليوم نفذ العدو الإسرائيلي ضربة بعدة صواريخ أرض – أرض من منطقة الجولان السوري المحتل مستهدفًا بعض النقاط في محيط بلدة زاكية جنوب دمشق". والمنطقة المستهدفة بحسب المحلل العسكري أحمد رحال، تُعد من أهم مناطق تخزين السلاح التابعة لإيران في سوريا.

قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي بصواريخ أرض- أرض، مساء يوم أمس الأربعاء، مواقع تابعةً للنظام السوري في محيط بلدة زاكية جنوب غرب العاصمة السورية دمشق

وكان موقع "صوت العاصمة" قد أشار أن انفجارين وقعا في موقعين عسكريين، يتبعان للفرقة السابعة، الممتدة بين بلدات خان الشيح وزاكية بريف دمشق. مفصلًا أن الصواريخ استهدفت كتيبة الكيمياء بالقرب من مقر قيادة الفرقة، وكتيبة الدفاع الجوي الواقعة في منطقة العباسة، بين بلدتي زاكية وخان الشيح.

جاءت هذه الغارات بعد ساعات من لقاء وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ببشار الأسد، حيث ناقشا "التعاون العسكري في إطار الحرب المشتركة ضد الإرهاب" بحسب بيان لرئاسة النظام السوري، و"المساعدات الإنسانية الروسية" لسوريا.

في السياق ذاته، وفي وقتٍ سابق كانت قد طالبت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية مارايا زاخاروفا إسرائيل بوقف غاراتها في سوريا، وأعربت عن قلقها من الغارات التي يمكن أن تسبب تصعيدًا في التوتر.

 واعتبرت زاخاروفا أن الغارات تمثل "انتهاكًا فظًا للسيادة السورية"، ويمكن أن تؤثر على رحلات الطيران الدولية. مضيفةً أن روسيا ترفض بشكلٍ حازم تحويل سوريا إلى ساحة مواجهة عسكرية مع دولة ثالثة. التصريحات الروسية جاءت عقب الغارة الإسرائيلية السابقة التي شنت في 9 شباط/ فبراير الحالي على مدينة دمشق، وقتل فيها جندي يتبع للنظام السوري وأصيب 5 آخرين. وكانت إسرائيل قد نفذت 3 غارات جوية خلال العام الحالي على سوريا، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

 أما الغارة الحالية فقد جاءت بصواريخ أرض- أرض، التي لم تستخدم بشكلٍ واسع في السابق كما الغارات الجوية. ويبدو أن القلق الروسي حول منطقة نفوذه الجوية يتصاعد، فهذه التصريحات تأتي في سياق خطوات عملية لأول مرة، تمثلت في دورية جوية تابعة لروسيا والنظام السوري، خلال الأيام الأخيرة من الشهر الماضي، وشمل مسار الدوريات الذي كان في المناطق الحدودية لسوريا خط الهدنة مع إسرائيل.

رغم أن الجيش الروسي لم يستخدم حتى الآن المضادات الجوية التي يمتلكها واقتصر الاستخدام على تلك التابعة للنظام السوري، إلا أنه في بداية الشهر الحالي عاد الجيش الروسي إلى استخدام أجهزة تشويش على الطائرات مرةً أخرى بعد استخدامها عام 2019. وسببت أجهزة التشويش الموجودة في قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية تشويشًا على الطائرات الإسرائيلية خاصةً في لحظات الإقلاع والهبوط، فيما قالت إسرائيل إنها ستعمل على إيقاف هذا التشويش.

هذه التصريحات والتحركات الروسية تأتي في سياق صراع السيطرة في سوريا، فالسماء السورية كانت منطقة نفوذ كاملة لروسيا لم تشاركها إياها إلا إسرائيل طول السنوات السبع الماضية، إضافة إلى تدخلات قوات التحالف الدولي، على عكس الصراعات المستمرة على البر السوري والمنطقة البحرية، بين روسيا وحلفاء النظام السوري.

مع ذلك، فإن التصريحات الروسية لا تعكس توترًا كبيرًا بين روسيا وإسرائيل، خاصةً أنها لم تأت على مستويات سياسية أو أمنية عالية، ونظرًا للتنسيق المتبادل بين موسكو وتل أبيب في العمل على تنظيم الغارات، فإن هذه التصريحات، كما يرى مراقبون، تأتي في أفضل الأحوال من أجل إعادة تنظيم الترتيبات الروسية الإسرائيلية حول الغارات المستمرة في سوريا ضد أهداف تتبع لإيران وحزب الله.

ففي اجتماع عقد بتشرين أول/ أكتوبر 2021 جمع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، نوقشت خلاله الغارات الإسرائيلية في سوريا، طالب بوتين بزيادة التنسيق الروسي الإسرائيلي فيما يخص الغارات، وجعلها "أكثر دقة"، فيما لمح وزير إسرائيلي للتوافق الإسرائيلي الروسي حول حرية العمل الإسرائيلي في سوريا. وكانت روسيا وإسرائيل قد توافقتا على مذكرة تفاهم وتنسيق بينهما بعد عام 2018 تعمل على تنظيم الغارات الإسرائيلية في سوريا، عقب إسقاط طائرة روسية بصواريخ سورية مضادة للطيران خلال غارة إسرائيلية، ما نتج عنه مقتل 15 جندي روسي كانوا على متن الطائرة. فيما أصيبت طائرة إسرائيلية واحدة بنيران مضادات النظام خلال الغارات الإسرائيلية المستمرة على مدى عقد، وحدث ذلك في شباط/ فبراير 2018.

وفي مقابلته الأخيرة عَقب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله على الغارات الإسرائيلية على سوريا، متحدثًا حول عدم قيام النظام بالرد على هذه الغارات، عازيًا ذلك إلى "الوضع الإقليمي والانجرار إلى الحرب، وأولويات الدولة السورية في محاربة الإرهاب ومعالجة الوضع الاقتصادي والمعيشي الضاغط بسبب الحصار والعقوبات الأمريكية"، في محاولة منه لتبرير غياب أي تحرك جدي للنظام السوري ضد هذه الغارات المستمرة.

 العمل العسكري الإسرائيلي في سوريا لا يقتصر على الغارات الجوية، فقد هاجمت إسرائيل عدة سفن بحرية إيرانية متجهة إلى سوريا

يذكر أن العمل العسكري الإسرائيلي في سوريا لا يقتصر على الغارات الجوية، فقد هاجمت إسرائيل عدة سفن بحرية إيرانية متجهة إلى سوريا، ونفذت عملية قنص على الحدود بين سوريا والجولان السوري المحتل، فيما كشف رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي عن قيام قوة من الجيش الإسرائيلي بتنفيذ مهمة داخل "أراضي إحدى الدول المجاورة". وتأتي هذه التصريحات في سياق تسريبات مستمرة حول قيام قوات خاصة إسرائيلية في تنفيذ هجمات على الأراضي السورية ضد أهداف تابعة لإيران وحزب الله.