تصل انتخابات جنوب أفريقيا إلى مفترق طرق، مع وصول الانتخابات الأكثر تنافسية في البلاد منذ نهاية نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وتهدد الانتخابات، حزب المؤتمر الوطني الأفريقي بخسارة الأغلبية لأول مرة منذ تصفية الفصل العنصري في البلاد عام 1994. فإذا انخفضت نسبة أصوات حزب المؤتمر الوطني الأفريقي إلى أقل من 50% قد يضطر إلى تشكيل ائتلاف حكومي.
ويشار في البلاد، إلى الفساد والبطالة المرتفعة مع سوء الخدمات الصحية، وتعود غالبية هذه الأزمات، إلى التفاوت الطبقي الكبير، مع تركز الثروة في يد أقلية وانتشار الفقر المدقع، مما يجعل جنوب أفريقيا المجتمع الأكثر تفاوتًا في العالم، نتيجة تصفية نظام الفصل العنصري سياسيًا، وعدم حدوث تحولات اقتصادية.
أزمات اقتصادية واغتيالات سياسية، قضايا بارزة في انتخابات جنوب أفريقيا
وقال ويليام جوميد، المحلل السياسي الذي ساعد بعض أحزاب المعارضة في تشكيل تحالف ائتلافي قبل الانتخابات: "في كل مكان في البلاد، الجريمة هي الشيء الذي يتحدث عنه الناس، سواء كنت أسودًا أو أبيضًا. إنه يحرم مواطني جنوب إفريقيا من العيش حياة كاملة. لقد امتص الروح من البلاد".
وتوقف التقدم الذي أحرِز تحت قيادة مانديلا وخليفته ثابو مبيكي عندما تولى جاكوب زوما السلطة.
وتتحدث التقارير عن أن "الأطفال الذي ولدوا بعد نهاية حقبة الفصل العنصري" أقل ميلًا للتصويت لصالح حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، في انتخابات جنوب أفريقيا.
وتستعرض السيدة جيرل فيث دلاميني، قصتها لـ"الغارديان"، مشيرةً إلى أنه في يوم أول انتخابات حرة في جنوب أفريقيا عام 1994، كانت تحمل طفلتها في شهرها التاسع. وبينما كان مواطنوها الجنوب أفريقيون يصطفون لساعات للإدلاء بأصواتهم، تم نقل دلاميني إلى المقدمة، وقالت: "لقد عوملت كرئيسة". ولدت ابنتها بعد أسبوعين، أي في اليوم التالي لأداء مانديلا اليمين الدستورية، وهي الآن تدرس المحاسبة القانونية في جامعة ويتس. وأوضحت: "طفلتي في الجامعة بسبب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. أنا عاملة منزلية، ولا أستطيع تحمل الرسوم".
أمّا ابنتها، لديها ولاء أقل تجاه الحزب الذي حكم جنوب أفريقيا طوال حياتها. وستصوت يوم الأربعاء لصالح حزب "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية" وهي حزب يساري يتبنى الماركسية اللينينية، ويقوده جوليوس ماليما. قالت دلاميني: "كنت غاضبة جدًا منها. لقد أخبرتها أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي هو الذي يأخذك إلى الجامعة!".
وليست هذه العائلة الوحيدة التي تتشاجر بشأن السياسة. وكانت لماري مونيويكا، المسؤولة في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في تشواني، البالغة من العمر 58 عامًا، خلافات مماثلة مع ابنتها. وقالت: "إنه شعور مؤلم للغاية". ويضيف تقرير "الغارديان": "رفعت مونيويكا سروالها لإظهار جرح الرصاصة الذي أصيبت به في انتفاضة سويتو في صيف عام 1976. وقالت: "إنها لا تفهم ما يجري".
ويشارك في انتخابات جنوب أفريقيا 52 حزبًا، وأكثرها شعبية إلى جانب حزب المؤتمر الوطني الأفريقي هو التحالف الديمقراطي، الذي اكتسب سمعة بسبب إدارته لمقاطعة كيب تاون ومقاطعة ويسترن كيب، لكنه حزب يهيمن عليه البيض.
وأقر قيادي في حزب بأن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي "ظلم الشعب" عندما كان زوما في السلطة. لكنه أصر على أن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يجدد نفسه قائلًا: "كل التفاح الفاسد ترك الحركة". وأشار إلى موقف الحكومة بشأن غزة، وخاصة قرارها بإحالة إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية. مضيفًا: "نحن نقود العالم في التأكد من أن الفلسطينيين لديهم صوت على المستوى الدولي".
الأزمة الأخرى التي تواجه البلاد، هي الاغتيالات السياسية، إذ سجلت 40 منذ بداية العام الماضي. ويقول تقرير لـ"الواشنطن بوست": "بينما استهدفت الاغتيالات إلى حد كبير المسؤولين المحليين والسياسيين والناشطين، يبدو أن عمليات القتل ستؤثر في نتيجة الانتخابات الوطنية".
وأدى فشل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في وقف أعمال العنف إلى تآكل شعبية الحزب. وتظهر استطلاعات الرأي الوطنية الآن أنه من غير المرجح أن يحصل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، بقيادة الرئيس سيريل رامافوزا، على الأغلبية في الانتخابات البرلمانية للمرة الأولى منذ وصوله إلى السلطة في عام 1994 بعد انتهاء نظام الفصل العنصري، مما يزيد احتمال اضطرار الحزب إلى تشكيل حكومة ائتلافية.
وقد أصبح حزب المؤتمر الوطني الأفريقي يشعر بقلق بالغ إزاء اختطاف الإدارات المحلية من قبل مجرمي العنف، حتى إنه حذر في وثيقة في مؤتمره الأخير للحزب من أن "العصابات الراسخة وشبكات الابتزاز سعت إلى إنشاء أشكال مجرمة من الحكم".
وقال رومبيدزاي ماتامبا، الذي يجري بحثًا في المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية حول الاغتيالات في جنوب أفريقيا، إن عمليات القتل على مستوى البلديات تؤثر جزئيًا على نتائج الانتخابات الوطنية من خلال تعطيل الخدمات المحلية، التي تعتبر حيوية للعديد من الناخبين. وترتبط العديد من عمليات القتل السياسي بنزاعات حول العقود الحكومية للخدمات الأساسية مثل الصرف الصحي والأمن والمياه وجمع القمامة والكهرباء وإصلاح الطرق.
وأضاف أن الاغتيالات هي أيضًا جزء من محاولة المجرمين للسيطرة على فروع الحزب المحلية، والتي تمارس تأثيرًا كبيرًا على اختيار المرشحين على الساحة الوطنية، وعلى إقبال الناخبين.
وتعهد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، يوم السبت، ببذل المزيد من الجهد في قضايا من بينها الوظائف ورفاهية الدولة خلال حملته الانتخابية. وأضاف "نجتمع هنا حاملين معنا آمال وتطلعات الملايين من أبناء شعبنا... لنعلن أننا معًا سنفعل المزيد، وسنفعل ما هو أفضل".
وفي تصريحات بثها التلفزيون الوطني، قال إن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي سيركز على جذب المزيد من مواطني جنوب أفريقيا إلى العمل ومعالجة ارتفاع تكاليف المعيشة والحفاظ على المنح الاجتماعية الحالية والتنفيذ التدريجي لمنحة دعم الدخل الأساسي للعاطلين عن العمل.