أكد المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية "عدالة"، أن قرارات وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير، بهدم منازل فلسطينية بالقدس المحتلة، صدرت بدوافع انتقامية، بسبب ما يحدث في الضفة الغربية في الأيام الأخيرة، وأنها جاءت "من أجل تحقيق مكسب سياسي على حساب الحقوق الأساسية للمدنيين".
قرارات وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير، بهدم منازل فلسطينية بالقدس المحتلة، صدرت بدوافع انتقامية
وشدد المركز الحقوقي في بيان، أنه "أرسل رسالة عاجلة إلى كل من وزير الأمن القومي، والمستشارة القضائية لحكومة الاحتلال، يطالب فيها بوقف عمليات الهدم في القدس وإبطال التعليمات التي أصدرها الوزير"، مؤكدًا أن عمليات الهدم غير قانونية، بسبب عدم امتلاك بن غفير "الصلاحية التي تخوله بإصدار تعليمات كهذه"، محذرًا من "عواقب مواصلة عمليات الهدم التعسفية والتي تشكل عقابًا جماعيًا مخالفًا للقانون الدولي".
وجاءت قرارات الهدم، بعد عملية إطلاق نار نفذها شاب فلسطيني من سكان القدس، وأدت إلى مقتل 7 مستوطنين، ردًا على عملية اقتحام قوات الاحتلال مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، والتي أدت إلى استشهاد 9 فلسطينيين.
وعلى إثر ذلك، هدمت قوات الاحتلال منزلًا في منطقة جبل المكبر في القدس المحتلة مكون من طابقين، ومنزل آخر بحجة البناء دون ترخيص، فيما يتوعد بن غفير باستمرار حملته على المباني، بدون ترخيص بناء، في تكامل مع سياسة بلدية الاحتلال في القدس، التي تضع شروطًا تعقيدةً للحصول على تراخيص البناء.
وفي نفس السياق، يقود بن غفير حملةً، لسن تشريع يتيح سحب الهويات والمواطنة من عائلات منفذي العمليات، بالإضافة إلى التهديد بتشريع قانون يتيح إعدام الأسرى. فيما نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن بن غفير، قوله: "سنهدم البيوت، وسننتقل من حي إلى آخر"، متحدثًا عن تشديد الرقابة على ووسائل التواصل الاجتماعي وتكثيف عمليات البحث عن الأسلحة.
والأحد الماضي، أعلن مكتب بن غفير أنه أصدر تعليماته بهدم 14 منزلًا فلسطينيًا في مدينة القدس الشرقية المحتلة، بداعي البناء غير المرخص، كما يسعى إلى تسريع عمليات إغلاق منازل منفذي العمليات. يترافق مع التصعيد الإسرائيلي الأخير، هجمة على ظروف اعتقال الأسرى في السجون، حيث يسعى بن غفير إلى تشديد ظروف الاعتقال، وسحب مكتسبات الأسرى.
ويترافق مع العنف المؤسسي والرسمي، عنف آخر يرعاه بن غفير أيضًا، وهو عنف المستوطنين في الضفة الغربية والداخل المحتل، والذي يتمثل في هجمات على المنازل، وإحراق المركبات، وكتابة شعارات عنصرية.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرًا ترصد فيه كيف أن حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، لم تكمل شهرها الأول في السلطة، حتى قامت بإشعال المواجهات في الأراضي المحتلة، التي تعتبر هي الأصعب منذ فترة.
وبحسب الصحيفة، فإن "الحكومة الإسرائيلية تشكلت من تحالف يضم مجموعة من قادة المستوطنين والقوميين المتشددين والمحافظين المتطرفين، بقيادة بنيامين نتنياهو، ويسعى زعماء المجموعة، كلٌّ بطريقته، إلى ضم الضفة الغربية، وزيادة التخفيف القائم في قواعد إطلاق النار لدى الجيش الإسرائيلي، وترسيخ السيطرة الإسرائيلية على الأماكن المقدسة في القدس، وقد أثارت هذه السياسات تصاعدًا في الغضب الفلسطيني".
المسؤول الإسرائيلي البارز السابق والمحلل في منتدى السياسة الإسرائيلية نمرود نوفيك، قال لـ "نيويورك تايمز"، إن "السياسة الإسرائيلية في ظل الحكومات السابقة، كانت ترمي إلى الحفاظ على وهم الاستقرار العام، أما الآن فقد رُفع الغطاء عن هذا الوهم".
وفي اللقاءات التي عقدت حديثًا مع نتنياهو، رفض الأخير مرارًا التحذيرات بإشعال فتيل التوترات، ووصفها بأنها مبالغ بها، وتثير المخاوف بلا داعٍ، وأن حزبه الليكود "قادر على الاضطلاع بمسؤولية حفظ الاستقرار"، وحثَّ رئيس حكومة الاحتلال خلال خطاب في 28 كانون الثاني/يناير، على "الرد المحسوب"، وحذَّر من الرد بأفعال غير قانونية، قائلًا: "نحن لا نسعى للتصعيد، لكننا مستعدون لأي سيناريو".
وتتحدث الصحيفة عن أن وصول حكومة اليمين المتطرف للحكم، جاء بعد انتخاب المتشددين الإسرائيليين بناءً على وعود زادت بالفعل من حدة الغضب الفلسطيني، ولم يردع تصاعد الاضطرابات هذه الحكومة عن سبيلها، بل زادها إيغالًا فيه، فقد فاز "الحزب الذي يقوده المتشدد اليميني الإسرائيلي إيتمار بن غفير بعدد غير مسبوق من المقاعد في انتخابات الكنيست في تشرين الثاني/ نوفمبر، وقد قامت حملة بن غفير على وعود بتشديد الإجراءات المتخذة ضد الفلسطينيين، والقضاء على المخاوف التي تفاقمت بعد أعمال الشغب بين العرب واليهود عام 2021"، بحسب ما جاء في الصحيفة.
يترافق مع العنف المؤسسي والرسمي، عنف آخر يرعاه بن غفير أيضًا، وهو عنف المستوطنين في الضفة الغربية والداخل المحتل
وتقول الصحيفة الأمريكية "لكن في سياق الحديث عن وراثة الاضطرابات من حكومات سابقة، استدعى بعض الخبراء أوجه الشبه والخلاف بين عمليتي إطلاق النار في القدس، وموجة الهجمات الفلسطينية، التي أسفرت عن مقتل 19 إسرائيليًا في الربيع الماضي، والتي كانت تحت ولاية الحكومة الإسرائيلية السابقة"، وأضافت الصحيفة أن "الهجوم الإسرائيلي في جنين إنما هو جزء من حملة عسكرية إسرائيلية مستمرة منذ 10 أشهر، وأسفرت عن مقتل أكثر من 170 فلسطينيًا في عام 2022، وهي أعلى حصيلة سنوية منذ أكثر من عقد ونصف".