20-أغسطس-2024
خطة ستارمر

(GETTY) محتجون من اليمين المتطرف البريطاني يضرمون النار بحاويات الزبالة

يخوض رئيس الوزراء البريطاني الجديد، كير ستارمر، معركة ضد أقصى أحزاب اليمين، مثله مثل غيره من الزعماء الليبراليين في مختلف أنحاء العالم. لكن بينما يلجأ بعض السياسيين إلى فرض قيود على الهجرة أو استخدام خطاب حاد لمواجهة تهديد اليمين المتطرف، فإن ستارمر يتبنى نهجًا أكثر عملية، وفقًا لمجلة "بوليتيكو" الأميركية.

تقول المجلة إن حلفاء رئيس الوزراء البريطاني يعتقدون أن تيار أقصى اليمين في البلاد يمكن هزيمته من خلال إصلاح الحفر في الطرقات، ومعالجة أوقات الانتظار في المستشفيات.

وزار ستارمر، أمس الاثنين، بلفاست لمناقشة الرد المحلي على واحدة من سلسلة من أعمال الشغب المناهضة للهجرة التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد في موجة نادرة من الفوضى العنيفة التي تتطلب استجابة عاجلة.

يخوض ستارمر معركة ضد أقصى أحزاب اليمين، مثله مثل غيره من الزعماء الليبراليين في مختلف أنحاء العالم

وركزت الحكومة في أعقاب الاحتجاجات على حملة قوية لبسط سيادة القانون والنظام، وجرى استدعاء ضباط شرطة إضافيين، وحددت المحاكم لجلسات استماع إضافية، ووجهت وزارة الداخلية البريطانية نداءً للمتطوعين في ظل مئات الاعتقالات.

لكن السؤال الآن – بحسب بوليتيكو – والذي لا يملك ستارمر وقتًا طويلًا للإجابة عليه هو: كيف يمكنه التعامل مع المشاكل الاجتماعية والاقتصادية طويلة الأمد، والتي تسببت في خلق ظروف مواتية لانتشار العنف؟

يعتقد العديد من المحيطين برئيس الوزراء أن الإجابة تتلخص في إثبات قدرة السياسة على حل مشاكل العالم الحقيقي؛ باختصار، يحتاج ستارمر إلى إعادة بناء ثقة بريطانيا المتضررة بالسياسيين.

وفي تصريحات لـ"بوليتيكو"، قال نائب عمالي مقرب من ستارمر طلب عدم الكشف عن هويته، إن: "هناك شعورًا عميقًا بأنه لا أحد يستمع، وأن السياسة لا تحدث أي فرق"، وأضاف "علينا أن نكون عمليين للغاية وواضحين بشأن سبب عدم صحة ذلك".

بريطانية المكسورة

إن حملة ستارمر السريعة ضد مثيري الشغب تتناسب بشكل جيد مع خلفيته كمدع عام، كما أنه تبدو متوافقة مع المزاج العام، حيث أظهرت استطلاعات الرأي أن الغالبية العظمى من الناخبين يعتبرون أن الاضطرابات العنيفة غير مقبولة.

ووصف ثلثا البريطانيين وفق بحث أجرته شركة "يوغوف"، الأشخاص الذين شاركوا في الاضطرابات بأنهم "بلطجية"، وألقى 71 بالمئة بالمسؤولية على مثيري الشغب أنفسهم، وليس وسائل التواصل الاجتماعي أو المؤثرين من أقصى اليمين، فيما اعتقد 16 بالمئة من المشاركين أن لدى مثيري الشغب "مخاوف مشروعة".

وقال مدير شركة استطلاعات الرأي "مور إن كومون"، لوك تريل، إن كل مجموعة تركيز أجرت معها الشركة استطلاعًا خلال الحملات الانتخابية عكست الرأي القائل بأن: "السياسة لا تعمل ولا يمكنها تحقيق النتائج".

وأضاف "يشمل ذلك الهجرة، لكنه يتعلق أيضًا بحقيقة أن الناس لا يستطيعون الحصول على موعد مع الطبيب العام، وأن قوائم الانتظار طويلة جدًا، وأنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف التسوق الأسبوعي".

وتابع حديثه مشيرًا إلى أنه: "يتعين على الساسة أن يدركوا هذا الأمر لأنه ليس من الممكن أن تكون هناك ديمقراطية فاعلة تتمتع بهذه المستويات العالية من خيبة الأمل".

ويقول حلفاء ستارمر إنه يفكر وفريقه منذ فترة طويلة في كيفية معالجة هذه العزلة، وقال حليف ستارمر الذي تحدث لـ"بوليتيكو" إن الفكرة الرئيسية هي "التركيز على شيء نعلم أنه يمكننا القيام به، ثم القيام به على مدار فترة انعقاد البرلمان".

وأضاف الحلفاء "قد يكون إصلاح كل حفرة في بريطانيا مجرد شيء يمنحنا قصة لنرويها في الكثير من الأماكن التي شهدت أعمال شغب، وهو ما يقلل من الشعور بأن السياسة لا علاقة لها"، بينما رأى تريل أن معالجة الخدمة الصحية هي القضية التي سيحكم عليها معظم الناخبين.

صنع في "داجنهام"

وتأثرت استراتيجية "الحفر" جزئيًا بتجربة "حزب العمال" الذي واجه في أوائل العقد الأول من القرن الـ21 الحزب الوطني البريطاني من أقصى اليمين، والذي نجح في تحقيق مكاسب كبيرة في منطقة "باركينغ وداجنهام" العمالية التقليدية الواقعة شرق لندن.

وقالت النائبة العمالية السابقة عن المنطقة، مارغريت هودج، إن هناك "أوجه تشابه حقيقية" بين صعود الحزب الوطني والوضع الحالي، موضحة أن الناس: "يشعرون بالغضب، وليس اللامبالاة لأننا لم نستمع إليهم، ولم نفهم المشاكل التي كانوا يواجهونها في حياتهم اليومية".

ومن بين أفكار مستشاري ستارمر اتخاذ إجراءات صارمة ضد "الحدائق القبيحة" التي أهملها أصحاب العقارات الذين اشتروا بهدف التأجير.

وكان أحد الأشخاص الذين يقفون وراء هذه المبادرة هو، مورجان ماكسويني، وهو حاليا اليد اليمنى لستارمر في "داونينغ ستريت"، بعدما لعب دورًا فعالًا في صياغة استراتيجية حزب العمال للفوز في الانتخابات الأخيرة، كما يعمل حاليًا على متابعة وضع الحزب من أجل تأمين الانتخابات المقبلة.

وقال مسؤول حكومي طلب عدم الكشف عن هويته، إنه جرى إخبار الوزراء بالحفاظ على "المهام الخمس" لحزب العمال، وهي رؤية شاملة ومصغرة للمجتمع خلال 10 سنوات للطاقة الخضراء، والحد من الجريمة، والإصلاح الاقتصادي وتكافؤ الفرص، وتحسين الخدمات الصحية، ويعد الأمر الأخير هو الأولوية الأولى للحكومة

لكن البعض برغب في رؤية ستارمر وهو يتجاوز الاستجابة العملية ويتحدث مباشرة للناخبين، ويعتبر كبير الباحثين في مركز الأبحاث "IPPR"، بارث باتيل، أنه "إذا لم تعبر الحكومة بوضوح عن وجهات نظرها بشأن الهوية والهجرة فستستمر المناقشات في الانجراف إلى أقصى اليمين".

ويقول تريل: "قد يكون لدى الناس توقعات منخفضة من هذه الحكومة، لكنهم يريدون بالتأكيد أن يجربونها، ويريدون لها النجاح".