أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، أجرى اتصالين هاتفيين مع أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، لمناقشة الجهود المبذولة لتهدئة التوتر في الشرق الأوسط، وجهود الوساطة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح المحتجزين، في الوقت الذي يتوجه وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي إلى جدة تلبية لدعوة طهران لبحث ردها المرتقب على "إسرائيل".
وتتأهب الولايات المتحدة لرد إيراني مرتقب على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، في طهران، الأسبوع الماضي، فيما توعد "حزب الله" بالرد على اغتيال القيادي البارز في الحزب، قبيل ساعات من اغتيال هنية، مما ينذر باندلاع حرب إقليمية في المنطقة.
جهود دبلوماسية متواصلة لاحتواء الموقف
توضيحًا للمكالمة الهاتفية التي أجراها أمير دولة قطر مع الرئيس الأميركي، قال الديوان الأميري في قطر في بيان إنه: "جرى خلال الاتصال، بحث العلاقات الاستراتيجية بين دولة قطر والولايات المتحدة، إضافة إلى آخر تطورات الأوضاع في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وجهود الوساطة المشتركة لإنهاء الحرب على القطاع"، مضيفًا أن الجانبين استعرضا "المستجدات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك".
يتوجه وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي إلى جدة تلبية لدعوة طهران لبحث ردها المرتقب على "إسرائيل"
من جهتها، قالت الرئاسة المصرية في بيان، أمس الثلاثاء، إن السيسي شدد خلال الاتصال الهاتفي مع بايدن على "الرؤية المصرية حول خطورة التداعيات المترتبة على استمرار الحرب بقطاع غزة، وتأثيرها السلبي على استقرار المنطقة، أخذًا في الاعتبار أن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بغزة يعتبر النواة الرئيسية لإعادة الهدوء والاستقرار بالإقليم".
في غضون ذلك قال وزير الخارجية الأميركي إن واشنطن نقلت رسالة إلى إيران و"إسرائيل" مفادها أنه يتعين عدم تصعيد الصراع في الشرق الأوسط، وأضاف بلينكن مشددًا على أن "شن المزيد من الهجمات سيؤدي فقط إلى زيادة خطر حدوث نتائج خطيرة لا يمكن لأحد التنبؤ بها، ولا يمكن لأحد السيطرة عليها بالكامل".
كما أجرى وزير الخارجية الإيراني المؤقت، علي باقري، ونظيره المصري، بدر عبد العاطي، مباحثات هاتفية جديدة، أمس الثلاثاء، هي الثالثة من نوعها في غضون أيام، منذ اغتيال هنية في طهران، قبل أسبوع، تطرقا فيها لتداعيات اغتيال هنية، والاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي المرتقب، اليوم الأربعاء، في جدة.
مساع دبلوماسية أميركية متواصلة لمحاولة خفض التصعيد.. التفاصيل مع مراسلة التلفزيون العربي ريما أبو حمدية@ReemaAHamdieh pic.twitter.com/OFN8KdSwhn
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 6, 2024
وأكدت الخارجية الإيرانية في بيانها أن باقري أعرب في المباحثات عن أمله في أن يكون اجتماع منظمة التعاون "مفيدًا ومؤثرًا للعالم الإسلامي والقضية الفلسطينية، وأن يوقف الوحشية العسكرية والأمنية الإسرائيلية من خلال إجراءات تهديد وتأديب"، وشدد على أن طهران بـ"ردها الحازم ستتصدى عمليًا لعنصر الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة".
من جانبه، قال عبد العاطي إن مصر حذرت جميع الأطراف الأوروبية والأميركية من "التصرفات الخطيرة للكيان الصهيوني وتأمل أن تنخفض التوترات في المنطقة".
وقالت الخارجية الروسية في بيان، إن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ناقش مع نظير الأردني، أيمن الصفدي، في مكالمة هاتفية الأوضاع في الشرق الأوسط، وأكدا على أهمية تحقيق وقف إطلاق النار في فلسطين، وضرورة خفض التوتر في المنطقة، وأضاف البيان أن الوزيرين وجها دعوة إلى الأطراف المعنية لضبط النفس لتجنب العواقب الكارثية في الشرق الأوسط.
وكانت الخارجية الأردنية قد حمّلت في بيان، أمس الثلاثاء، "إسرائيل" مسؤولية "التصعيد الخطير" بالمنطقة، مطالبة المجتمع الدولي باتخاذ "خطوات رادعه تكبح عدوانيتها"، مشيرةً إلى أن الصفدي أجرى سلسلة من الاتصالات الهاتفية مع مسؤولين عرب وغربيين.
نصر الله ردنا سيكون "قويًا وفعالًا"
وفي سياق التطورات المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن الولايات المتحدة ستنشر المزيد من المقاتلات والسفن الحربية التابعة للبحرية في الشرق الأوسط، وقال وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، تعقيبًا على الانتشار العسكري الأميركي في المنطقة، إن: "ما أركز عليه هو التأكد من أننا نبذل كل ما في وسعنا لوضع التدابير اللازمة لحماية قواتنا، والتأكد أيضًا من قدرتنا على المساعدة في الدفاع عن إسرائيل، إذا دعينا لذلك".
وتأتي تصريحات البنتاغون الأخيرة في سياق الرد الأميركي على استهداف قاعدة "عين الأسد" الأميركية غربي الأنبار، أول أمس الاثنين، لقصف صاروخي جديد في إطار تصعيد المواجهة على خلفية الاغتيالات والأحداث الأخيرة، مما أسفر عن إصابة سبعة أميركيين، خمسة جنود ومتعاقدين أميركيين.
وفي السياق، أعاد الأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، على أن رد الحزب على اغتيال شكر سيكون "قويًا وفعالًا"، مشيرًا إلى أن الرد سيكون إما "وحدنا أو مع المحور (محور المقاومة)"، ومشددًا في الوقت ذاته على أنه "لا يمكن أيًا تكن العواقب أن تمر المقاومة عليها (الهجمات الإسرائيلية) هكذا".
وقبيل كلمة نصر الله بنحو 20 إلى 30 دقيقة، خرقت مقاتلات جيش الاحتلال في أقل من نصف ساعة جدار الصوت عدة مرات فوق بيروت، والضاحية الجنوبية، المعقل الرئيسي لـ"حزب الله"، وجبل لبنان، فيما أظهرت مقاطع فيديو جرى تداولها على منصة "إكس"، إلقاء جيش الاحتلال بالونات حرارية فوق الضاحية الجنوبية.
بالتزامن من كملة نصر الله.. الطيران الحربي الإسرائيلي يحلق على علو منخفض فوق #بيروت ويخرق جدار الصوت pic.twitter.com/pmeUilSvZf
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 6, 2024
وهذه المرة الثانية التي يخرق فيها جيش الاحتلال جدار الصوت فوق العاصمة بيروت في أقل من يومين، لكن خرق، أمس الثلاثاء، كان الأقوى والأعنف منذ الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، نتيجة تحليق المقاتلات على علو منخفض سمح للسكان بمشاهدة سحب الدخان في السماء.
وتخوفًا من رد "حزب الله" شبه المؤكد، وبالتزامن مع كلمة، نصر الله، التي بثتها قنوات مختلفة بدءًا من الساعة الخامسة مساءً بالتوقيت المحلي لبيروت، أصدرت العديد من البلدات والمجالس الإقليمية في جميع أنحاء الشمال، بما في ذلك الجليل والجولان المحتل، رسائل لسكانها بالبقاء بالقرب من أماكن محمية، بحسب ما ذكرت إذاعة جيش الاحتلال.
واستبق "حزب الله" كلمة أمينه العام بإطلاق دفعة جديدة من المسيّرات الانقضاضية، أمس الثلاثاء، تجاه مواقع عسكرية إسرائيلية في شمال الأراضي المحتلة، وقالت إذاعة جيش الاحتلال إن مسيرتيّن قطعتا مسافة 20 كم، وتجولتا في أجواء المنطقة الشمالية، دون اعتراضهما رغم رصدهما، مما أسفر عن إصابة 19 مستوطنًا في أحداث مرتبطة.
حصار متبادل
وفي الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من دخول الشرق الأوسط في دوامة من الصراع الإقليمي، قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إن استطلاعًا للرأي أجراه مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، قد أظهر أن "55 بالمئة من الأميركيين عارضوا إرسال قوات أميركية للدفاع عن إسرائيل إذا هاجمها جيرانها، بينما أيد 41 بالمئة القيام بذلك".
وأوضح الاستطلاع أن "الجمهوريين هم أكثر تأييدًا لتلك الخطوة، حيث قال 55 بالمئة منهم إنهم يفضلون إرسال القوات (إلى إسرائيل)، بينما أيد 35 بالمئة من الديمقراطيين والمستقلين الرأي نفسه"، وأشارت الصحيفة إلى أن تأييد الأميركيين لإرسال قوات إلى إسرائيل "انخفض إلى أقل نسبة خلال أكثر من عقد من الزمن".
وفيما تفرض إيران حصارًا على "إسرائيل" عبر حلفائها في الشرق الأوسط، فإن الولايات المتحدة تفرض من جهتها حصارًا على إيران من خلال إعادة نشر قواتها، وإرسال المزيد من التعزيزات العسكرية إلى المنطقة.
وضمن هذا السياق، قال الخبير العسكري، محمد الصمادي، في حديث لـ"التلفزيون العربي"، إن واشنطن تقسم دول العالم إلى مناطق نفوذ لتعزيز الردع، وتأمين الدعم الحاسم لعملياتها، وتعزيز الأمن البحري حتى تمكّن قواتها من الاستجابة السريعة.
وأضاف موضحًا أن الانتشار الأميركي ارتفع في منطقة الشرق الأوسط لدعم "إسرائيل" في مواجهة أي هجوم، وضمان أمنها منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، لافتًا إلى أن الانتشار العسكري الأميركي في المنطقة يأتي في إطار استعراض القوة، لكن في الوقت نفسه هناك إمكانية لاستخدامها لضمان الأمن الوجودي لـ"إسرائيل"، وتفوق "تل أبيب" في المنطقة.
وكانت تقارير عبرية قد نقلت عن مسؤولين إسرائيليين عدم وجود توجه لشن ضربة عسكرية استباقية ضد "حزب الله" أو إيران، مشيرة إلى أن الرد الإسرائيلي على الهجمات المرتقبة من الطرفين سيكون متعلقًا بشدة الهجمات، وحجم الضرر والإصابات في "إسرائيل".
فيما أشارت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية إلى وجود مواقف في جيش الاحتلال تدعو إلى شن هجوم استباقي ضد "حزب الله"، موضحة ذلك بالقول: "لن تكون هناك فرصة أفضل لتغيير الوضع الاستراتيجي في الشمال مثلما هي الآن".
وأضافت الصحيفة أن "البلدات هناك (في الشمال) خالية من السكان، ومنظومة الدفاعات الجوية في حالة انتشار كامل، والجبهة الداخلية مستعدة إدراكيًا أكثر من أي وقت، وقيادة المنطقة الشمالية للجيش صادقت على خطط عسكرية"، مشددة على "هذا هو الوقت للدخول إلى عدة أيام قتالية مع حزب الله".