23-أغسطس-2024
غزة تحت الحصار

(GETTY) فلسطينيون ينتقلون إلى المناطق الآمنة التي حددها الاحتلال بخانيونس

عاش الفلسطينيون في قطاع غزة لفترة طويلة في واحدة من أكثر الأماكن ازدحامًا على هذا الكوكب، ومنذ اندلعت الحرب الإسرائيلية على القطاع قبل أكثر من عشرة أشهر، تقلصت المساحة المخصصة لهم حيث يمكنهم أن يأملوا في العيش بأمان بشكل كبير، وفقًا لتقرير أعدته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وقد وسعت "إسرائيل" في الأسابيع الأخيرة هجومها ضد حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في غزة إلى مناطق كان الجيش الإسرائيلي حددها على أنها مناطق آمنة، ولكنها تقول الآن إن "المسلحين" يختبئون فيها، بحسب "وول ستريت جورنال"، الأمر الذي أدى إلى حصر الفلسطينيين في أجزاء أصغر وأصغر من القطاع.

تسعة أوامر إخلاء في شهر واحد

وخلال شهر آب/أغسطس الجاري، أصدر الجيش الإسرائيلي ما لا يقل عن تسعة أوامر إخلاء تغطي المناطق التي حددها كمناطق إنسانية، وهي التوجيهات التي تقدر الأمم المتحدة أنها أثرت على 213 ألف شخص، ما يعني أن سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة محصورون الآن في منطقة تبلغ مساحتها حوالي 15 ميلاً مربعًا (نحو 39 كم مربعًا).

أصدر الجيش الإسرائيلي خلال الشهر الجاري ما لا يقل عن تسعة أوامر إخلاء تغطي المناطق التي حددها كمناطق إنسانية

وبعبارة أخرى، في بداية العام الجاري، دفعت أوامر الإخلاء الفلسطينيين الفارين من الحرب إلى اللجوء إلى مناطق تبلغ مساحتها نحو 33 بالمئة من القطاع، وفقًا للأمم المتحدة، لكن الآن تقلصت هذه المساحة إلى 11 بالمئة فقط من غزة.

وتشير الصحيفة إلى أن تقلص المساحة المتاحة للفلسطينيين للبحث عن ملاذ أمن يتسبب في تفاقم المخاوف بشأن تفشي الأمراض، وتدهور الظروف المعيشية في المناطق الصغيرة المتاحة للمأوى.

وقالت المسؤولة عن السياسات في منظمة "أوكسفام" الخيرية العاملة في قطاع غزة، بشرى الخالدي، إن: "هذا يعني أنه سيكون هناك المزيد من الأمراض، والمزيد من الضغوط على أي مرافق موجودة".

مخاوف من تفشي الأمراض

تدعي "إسرائيل" أنها تطلب من السكان التجمع في مساحة أصغر من منطقة المواصي لتقليل الخسائر بين المدنيين، لكن منظمات الإغاثة تشير إلى أن المنطقة تعاني بالفعل من اكتظاظ شديد، حيث يعيش الفلسطينيون في الخيام، وتؤكد تلك المنظمات أن البنية التحتية الطبية محدودة للغاية، وأن الغذاء ومياه الشرب النظيفة نادرة.

ويأتي من بين المخاوف الجديدة تركيز الناس على ظهور فيروس شلل الأطفال بين النازحين في غزة، وقالت وزارة الصحة في القطاع، الأسبوع الماضي، إنها وجدت آثارًا للفيروس، الذي يمكن أن يؤدي إلى شلل الأطفال الذين يبلغون من العمر عشرة أشهر، في الوقت الذي حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن مئات الآلاف من الأطفال في غزة معرضون لخطر الإصابة بشلل الأطفال.

وتتزايد المخاوف من تفشي الأمراض بسبب مياه الصرف الصحي غير المعالجة، ونقص المياه النظيفة، ونقص الغذاء، والمرافق الطبية المتهالكة، ونقص إمدادات النظافة الشخصية، وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، الإثنين الماضي، إن أوامر الإخلاء الإسرائيلية الأخيرة أثرت على العيادات المؤقتة والمدارس ومرافق المياه والصرف الصحي.

وقالت الأمم المتحدة: "إن هذا الانخفاض في المساحة، إلى جانب الاكتظاظ، وانعدام الأمن المتزايد، والبنية التحتية غير الكافية والمرهقة، والأعمال العدائية المستمرة، والخدمات المحدودة، يؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني المزري".

إلقاء ثماني قنابل تزن ألفي رطل

وتقول "وول ستريت جورنال" إن الحملة العسكرية الإسرائيلية انتقلت إلى حد كبير من الشمال إلى الجنوب على مدار عشرة أشهر من الحرب، مما أجبر الفلسطينيين على الانتقال إلى منطقة المواصي في غرب القطاع.

وقالت الصحيفة الأميركية إن الجيش الإسرائيلي ركز في الأشهر الأخيرة على مدينة رفح جنوب غزة، لكنه زعم أيضًا أنه واجه هجمات من "حماس" من داخل ما يسمى بالمنطقة الإنسانية، كما قال الجيش الإسرائيلي هذا الأسبوع إنه انتشل جثث ستة محتجزين من نفق تحت خانيونس في منطقة كان قد حددها سابقًا على أنها منطقة إنسانية.

وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن الجيش الإسرائيلي أسقط في تموز/يوليو الماضي ثماني قنابل تزن ألفي رطل على الجانب الشرقي من تلك المنطقة في محاولة لاغتيال القائد العسكري لـ"حماس" وآخرين، وقالت سلطات الصحة في غزة إن أكثر من 90 شخصًا استشهدوا وأصيب المئات، وفيما ادعت "إسرائيل" أن الضربة قتلت القائد العسكري للحركة، محمد ضيف، فإن "حماس" نفت ذلك.

وتختم "وول ستريت جورنال" تقريرها بالقول إنه بعد أن اضطر الفلسطينيين إلى الانتقال مرتين أو ثلاث مرات على الأقل، يخاطر بعضهم بالبقاء حيث هم، غير قادرين على إيجاد خيام أو مأوى في مكان آخر، وغير مقتنعين بأن أي جزء من غزة أصبح آمنًا الآن.