يتواصل القتال في السودان، بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وبينما تشتد وتيرة المعارك في مدينة الفاشر بإقليم دارفور، فإن القتال يعود إلى العاصمة الخرطوم، ولا يتوقف في أم درمان، وسط جمود سياسي.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن وزير الخارجية أنتوني بلينكن بحث الحاجة إلى إنهاء الصراع في السودان بشكل عاجل مع قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في اتصال هاتفي يوم الثلاثاء.
وأضاف البيان أن الجانبين ناقشا سبل "تمكين وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر الخطوط، لتخفيف معاناة الشعب السوداني".
محاولات دولية وإقليمية مستمرة من أجل إعادة إحياء المسار السياسي والتفاوضي في السودان
وجاءت محادثة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، يوم الثلاثاء، بعد يومين من تصريحات أدلى بها مساعده ياسر العطا بأن السودان يدرس طلبًا من روسيا لإنشاء نقطة تزود للسفن العسكرية في البحر الأحمر مقابل السلاح والذخيرة التي وعدت بها موسكو.
من جانبه، قال الرجل الثاني في الجيش السوداني مالك عقار: "لن نذهب إلى جدة".
وقالت وزارة الخارجية الأميركية، يوم الثلاثاء، إن بلينكن ناقش مع البرهان ضرورة إنهاء الحرب واستئناف المحادثات التي ترعاها الولايات المتحدة والسعودية في جدة، والتي توقفت منذ أشهر بعد فشلها في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار.
وفي الاتصال، ناقش بلينكن أيضًا الحاجة إلى نزع فتيل الأعمال العدائية في الفاشر، عاصمة شمال دارفور، حيث تصاعد القتال منذ 10 أيار/مايو، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 145 شخصًا وتشريد أكثر من 3600 أسرة، معظمهم هذا الأسبوع، وفقًا للأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني.
وفي سياق آخر، رحبت وزارة الخارجية السودانية المتحالفة مع الجيش، يوم الأربعاء، بالدعوة المصرية لعقد قمة للجماعات السياسية المدنية، لكنها وضعت شروطًا على أنواع الجماعات والدول الأجنبية المدعوة.
وطالب بيان للخارجية السودانية، ردًا على المبادرة المصرية، بتوضيح الشركاء الإقليميين والدوليين المشاركين في المؤتمر، وحدود دورهم لأن أهداف المؤتمر تتمثل في الوصول إلى رؤية سودانية خالصة.
وشدد البيان على عدم إشراك "الرعاة الإقليميين الذين يمدون الدعم السريع بالسلاح والعتاد لقتل الأبرياء وتدمير البنية الأساسية". وأضاف البيان: "يجب منع دول الجوار التي أشار إليها تقرير خبراء مجلس الأمن الدولي، بأنها شريكة في إمداد الدعم السريع بالأسلحة الفتاكة مثل الإمارات وتشاد".
وأعلن البيان أن "الشعب السوداني لن يوافق على تمثيل أي منظمة إقليمية أو دولية سكتت عن إدانة الدعم السريع وانتهاكاتها الجسيمة للقانون الإنساني الدولي، وحقوق الإنسان في جوانبھا المتعددة، ولو بصفة مراقب".
وتابع البيان: "تشمل هذه الشروط للدول التي أصبحت قاعدة للعمل الدعائي والسياسي للدعم السريع، وغسيل أموالها التي تتحصل عليها من نهب ثروات البلاد وتهريبها".
ورهن البيان قبول مشاركة الاتحاد الإفريقي ومنظمة "الإيغاد" في مؤتمر مصر بشأن السودان نهاية حزيران/يونيو القادم، برفع تجميد عضوية السودان من المنظمة القارية، إلى جانب "تصحيح الإيغاد لموقفها الذي ينتهك سيادة البلاد"، على حد قول البيان.
وختم البيان بالقول: "في كل الأحوال فإن دور أي أطراف إقليمية أو دولية ستحضر المؤتمر، لا ينبغي أن يتجاوز دور المراقب، وتأكيد دعم المجتمع الدولي لما يتوصل إليه المشاركون بإرادتهم الحرة دون محاولة فرض أي أجندة خارجية، أو رؤى خاصة بهذه الأطراف كما حدث من قبل".
التقى قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان، يوم الأربعاء، بالمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة، لمناقشة الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة في معالجة الأزمة السودانية. وأشار البرهان خلال اللقاء إلى أهمية الجهود الدولية في تحقيق السلام والاستقرار في البلاد.
وبحسب وكالة الأنباء السودانية، أكد لعمامرة أن مهمته تتمثل في دعم الجهود نحو التوصل إلى حل سلمي للأزمة في السودان، وذلك من خلال تشجيع الأطراف المعنية على التفاوض للعودة إلى طاولة المفاوضات وتقريب وجهات النظر. مشيرًا إلى أن زيارته للسودان تهدف أيضًا للتعرف على الوضع الحالي بجانب التشاور مع المسؤولين السودانيين.
اقرأ/ي: المؤتمر التأسيسي لـ"تقدم" يشعل خلافات بين لجان المقاومة
قتال لا يتوقف ويتسع
واستمر القتال العنيف في المناطق الشمالية من العاصمة الخرطوم، يوم الأربعاء، حيث أبلغ السكان عن قصف جوي ومدفعي كثيف.
وأكدت مصادر لـ"الترا سودان"، سقوط قذائف صاروخية على مناطق الحارة الثامنة في محلية كرري بمدينة أم درمان، يوم الأربعاء، وتوفي مواطن على الأقل مع وجود خمسة مصابين بمركز إيواء في الحارة الثامنة.
وحصل مراسل "الترا سودان" على معلومات متطابقة، في أم درمان أكدت سماع دوي المدافع القادمة من مناطق تمركز الدعم السريع، خاصة الخرطوم بحري الواقعة على الضفة الشمالية من النيل.
وأوضحت المصادر: "القذائف بدأت منذ وقت مبكر من صباح الأربعاء، والأصوات هذه المرة كانت عالية". وتحدث المصادر عن سقوط ضحايا جراء سقوط قذيفة بمركز إيواء الحارة الثامنة في أم درمان.
والأسبوع الماضي سقطت قذائف صاروخية في محلية كرري أودت بحياة خمسة مواطنين، كما وقعت قذيفة أخرى في حافلة ركاب وقتلت خمسة من بينهم صحفية وطفلها.
ومنذ منتصف آذار/مارس الماضي، أحرز الجيش السوداني تقدمًا في أحياء أم درمان خاصة أم درمان القديمة، كما يسيطر الجيش السوداني على محلية كرري التي تضم عددًا من الوحدات العسكرية منذ بداية القتال.
وخلال هذا الشهر قتل حوالي عشرة أشخاص وأصيب أكثر من 25 سودانيًا بسبب قذائف صاروخية وقعت في أحياء سكنية بمحلية كرري.
حذّرت منظمة أطباء بلا حدود، يوم الثلاثاء، من استمرار القتال العنيف والمتواصل في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، وقالت إن المرضى والفرق الطبية باتوا في عداد الخسائر المدنية الهائلة.
وأكدت المنظمة في بيان لها، تضرر أهم ثلاثة مرافق طبية في الفاشر، بجانب استهداف مستشفى الجنوب الذي تدعمه "أطباء بلا حدود" مرتين خلال الأيام القليلة الماضية، وذلك على خلفية الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في عاصمة شمال دارفور. وأشارت إلى أن اثنين فقط من المرافق الطبية لا تزال قادرة على مواصلة العمل.
وبحسب البيان قالت مديرة برامج "أطباء بلا حدود" في السودان كلير نيكوليه، "نشهد على إراقة الدماء أمام أعيننا في الفاشر. لا تترك شدة المعارك أي متنفس للمدنيين، فيما تغرق المستشفيات الآن في القتال، مما يزيد صعوبة علاج الجرحى".
حصل مراسل "الترا سودان" على معلومات متطابقة، في أم درمان أكدت سماع دوي المدافع القادمة من مناطق تمركز الدعم السريع، خاصة الخرطوم بحري الواقعة على الضفة الشمالية من النيل
وأضاف: "يجب حماية المرافق الطبية، وعلى الأطراف المتحاربة أن تحترم الدور المحايد للمرافق بصفتها ملاذات للمرضى والجرحى يتلقى فيها الناس المساعدة الطبية بأمان".
واستمرت في القول "على المرافق الصحية أن تظل آمنة للمرضى والكوادر الذين يعملون تحت ضغط شديد لعلاج الأشخاص الذين تشتد حاجتهم إلى الرعاية الصحية. نحث الأطراف المتحاربة في السودان على تجنب استهداف المرافق الطبية واحترام حيادها، وبأن تلتزم بواجبها بحماية المدنيين والعاملين في مجال الرعاية الصحية والمرافق الصحية".