08-سبتمبر-2024
سيرغي كيريينكو وبوتين

(Getty) يلعب كيريينكو دورًا مهمًا في ترويج الدعاية الروسية

تلعب ما تسمى بالمزارع الإلكترونية أدوارًا قذرة في الدعاية والتلاعب بالعقول، وتتهم وزارة العدل الأميركية أحد أبرز الأسماء في هذا المجال، وهو رجل الدعاية الروسي سيرغو كيريينكو، بالإشراف على نحو 30 نطاقًا في الإنترنت تستخدمها الحكومة الروسية لنشر معلوماتٍ كاذبة.

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فإن سيرغي كيريينكو الذي كان يسعى منذ وصوله إلى الكرملين لإقناع الشعب الروسي بألّا يرى إلا ما يريد الرئيس فلاديمير بوتين أن يراه، هو الآن بصدد فعل ذات الشيء للأميركيين.

تعمل النطاقات، التي يتهم الادعاء الأميركي كيرنييكو بالإشراف عليها، وكأنها مواقع إخبارية أميركية، إلا أنّها جميعها مليئة بـ"الدعاية الروسية" التي تهدف إلى تآكل الدعم الدولي لأوكرانيا، والتلاعب بالناخبين الأميركيين قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية المزمع تنظيمها في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.

دخل كيريينكو الإدارة الرئاسية في الكريملن بعد سنواتٍ من الاحتجاجات الجماهيرية التي بدأت عام 2011، حيث سعت موسكو إلى فرض سيطرةٍ أكبر على الحريات الشخصية

وتزعم المصادر التي تحدثت لـ"وول ستريت جورنال" أنّ كيريينكو ـ وهو تكنوقراطي مخضرم وأحد أكثر من يثق بهم بوتين من مساعديه ـ كُلّف بكل شيء: من تنظيم الانتخابات، إلى قيادة جهود الدعاية لحرب أوكرانيا لمصلحة الكرملين، والإشراف على الأراضي الروسية المحتلة هناك.

ويرى ألكسندر غابوييف، وهو مدير "مركز كارنيغي المختص بشؤون روسيا وأوراسيا في برلين"، أنّ: "كيريينكو تكنوقراطي مثالي بالمعنى الأسوأ، وأن مزاعم الولايات المتحدة مؤشرٌ على صعود نجمه"، مؤكدًا أنه: "إذا كانت هناك أوامر لقتل حرية التعبير، فسوف يفعل ذلك بأكثر الطرق فعاليةً".

وقد تم تعيين كيريينكو رئيسًا للوزراء في عهد الرئيس بوريس يلتسين عام 1998 وهو حينها في سن 35 عامًا، ليكون أصغر من تولى المنصب على الإطلاق في روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي، مما أكسبه لقب "مفاجأة كيندر".

وكان الهدف من تعيين كيريينكو هو أن يبث حياةً جديدة في الاقتصاد الروسي المتعثر، وأن يعزز جهود يلتسين لإصلاح النظام السوفيتي، لكنه جاء في وقتٍ لم تعد فيه موسكو قادرةً على سداد ديونها الخارجية، وتم فصله بعد 5 أشهر من توليه المنصب.

ومع ذلك، رأى بوتين في كيريينكو تلميذًا قادرًا ومخلصًا وفقًا لما يتداوله مراقبو الكرملين. وعندما أصبح بوتين رئيسًا عام 2000، عين كيريينكو مبعوثًا له إلى منطقة الفولغا التي تستضيف المركز النووي الفدرالي الروسي. وبعد 5 سنوات، اختاره لرئاسة شركة الطاقة الذرية الروسية الحكومية "روساتوم".

السيطرة على الإنترنت

دخل كيريينكو الإدارة الرئاسية في الكرملين بعد سنواتٍ من الاحتجاجات الجماهيرية التي بدأت عام 2011، حيث سعت موسكو إلى فرض سيطرةٍ أكبر على الحريات الشخصية، وكان الكرملين قد اقتنع بأن منصات مثل فيسبوك وتويتر (إكس حاليًا) ليست إلا أذرعًا للحكومة الأميركية تحاول خلق الثورة في الخارج، وتم تكليف كيريينكو بكبح جماح حرية التعبير عبر الإنترنت.

ومع توليه المسؤولية، سعى كيريينكو، وفقًا لـ"وول ستريت جورنال"، إلى فرض قيودٍ على الرسائل عبر الإنترنت بنفس الطريقة التي سيطرت بها روسيا على وسائل الإعلام التقليدية، وتم تمرير سلسلة من القوانين التي زادت الغرامات على المنشورات المناهضة للحكومة.

وكان مكتب كيريينكو مسؤولًا عن مراقبة شركات التكنولوجيا الروسية مثل "في كي" النسخة الروسية من فيسبوك، بالإضافة إلى مراقبة استعداد هذه الشركات للاستجابة لمطالب المسؤولين. وكان كيريينكو يتصل بالشركات بشكلٍ مباشر، وفقًا لما نقلته الصحيفة الأميركية عن مسؤولٍ عمل في شركةٍ تكنولوجية روسية.

وقد دفعت نشاطات كيريينكو الولايات المتحدة إلى فرض عقوبات عليه عام 2022 لدوره في تأسيس الحكم الروسي في الأراضي الأوكرانية التي احتلتها موسكو بشكلٍ غير قانوني، ولكن نجم كيريينكو السياسي واصل الصعود لدرجة أن بعض مراقبي الكريملن اعتبروه خليفةً محتملًا لبوتين حسب "وول ستريت جورنال".