تداولت وسائل إعلام إيطالية خبرًا مفاده أنّ الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عيّن مبعوثًا خاصًا للاتحاد عند النظام السوري هو الدبلوماسي النمساوي كريستيان بيرغر، الأمر الذي دفع بعض المتابعين إلى استنتاج أنّ الاتحاد الأوروبي تراجع، تحت ضغط بعض الدول، عن لاءاته الثلاث بشأن سوريا: "لا تطبيع مع نظام الأسد، ولا رفع للعقوبات، ولا مساعدة لإعادة الإعمار".
لكنّ الاتحاد الأوروبي، على لسان المتحدث باسمه، اعتبر ما تم تداوله من معلومات غير دقيق بما فيه الكفاية، قائلًا إن بوريل: "يفكر في تعيين مبعوث خاص بالاتحاد لدى سوريا".
يشار إلى أنّ دولًا أوروبية عدة، تتصدّرها إيطاليا والتشيك، تدفع نحو تغيير سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه النظام السوري بهدف التخلص من اللاجئين السوريين، تحت عنوان مخاتل هو "معالجة أزمة اللاجئين في دول الاتحاد الأوروبي الـ27"، مستفيدةً في تحقيق ذلك الهدف من صعود أحزاب يمينية إلى سدة الحكم وصنع القرار في أكثر من بلد أوروبي.
تحدثت وسائل إعلام عدة عن نية جوزيب بوريل تعيين ممثل للاتحاد الأوروبي لدى النظام السوري
وفي حال صحّت الأنباء المتداولة عن تعيين بوريل مبعوثًا خاصًا للاتحاد الأوروبي لدى سوريا، فسيكون استجاب ـ ولو جزئيًا ـ للمقترح الذي قدمته إيطاليا وعدة دول أخرى بتغيير التوجهات نحو سوريا عبر تعيين ممثل للاتحاد الأوروبي، وإنشاء مناطق "آمنة" لاحتضان اللاجئين. وهي فكرة قدمتها تشيكيا منتصف عام 2023، وأعلنت المفوضية الأوروبية مؤخرًا أنه: "يتم الإعداد لمهمة تقصّي حقائق بقيادة تشيكية لإنشاء المناطق الآمنة بهدف إعادة اللاجئين إلى بلادهم".
ومع ذلك، لا تزال هذه المبادرة تراوح مكانها، والسبب في ذلك قد يكون عائدًا إلى عدم الإجماع الأوروبي عليها، فما تزال ألمانيا وفرنسا ورئاسة الاتحاد الأوروبي تحتفظ بمواقف قوية ضد النظام السوري.
تغيير محدود أم ماذا؟
نقلت صحيفة "العربي الجديد" عن متحدث باسم الاتحاد الأوروبي قوله إنّ: "استراتيجية الاتحاد بشأن سوريا تستند إلى استنتاجات مجلس الاتحاد الأوروبي لعامي 2017/2018، وقد استكملت استنتاجات مجلس الاتحاد الأوروبي لشهر أبريل 2024 الاستنتاجات السابقة، ولكنها لم تحلّ محلها، حيث كانت قصيرة للغاية ومُركزة، فقد أعادت التشديد على الحاجة إلى تهيئة الظروف للعودة الآمنة والطوعية والكريمة للاجئين السوريين، كما حددتها المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ودعت الاتحاد الأوروبي إلى مراجعة وتعزيز فعالية المساعدة التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للاجئين والنازحين السوريين في سوريا والمنطقة، وقد أعيد تأكيد ذلك في اجتماع المجلس الأوروبي في تشرين الأول/أكتوبر 2024".
إلّا أنّ المتحدث الأوروبي شدّد على أن: "المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لا تزال تؤكد أن الظروف للعودة الآمنة والكريمة والطوعية غير موجودة في سوريا. ومع ذلك، وبناءً على دعوة زعماء الاتحاد الأوروبي للمساعدة في تهيئة الظروف لعودة آمنة وطوعية وكريمة للاجئين السوريين، بدأت المفوضية مناقشات مع وكالات الأمم المتحدة، وفقًا للشروط التي حددتها مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، للعمل مع البلدان المضيفة على نهج أكثر تنظيمًا للعودة الطوعية إلى المناطق في سوريا التي تكون آمنة وكريمة ومستنيرة وطوعية، مع الحفاظ على تدابير الحماية".
وفيما يخص ملفّ التطبيع مع النظام السوري، أكّد المتحدث الأوروبي في حديثه لصحيفة "العربي الجديد" أنّ: "موقف الاتحاد الأوروبي كما هو منصوص عليه في استنتاجات المجلس المتعاقبة لم يتغير: لا تطبيع مع نظام الأسد، ولا رفع للعقوبات ولا مساعدة لإعادة الإعمار، حتى يشارك نظام الأسد بشكل هادف في عملية سياسية وفقًا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254".
وقال حول تعيين مبعوث جديد للاتحاد في سورية: "يمكننا أن نؤكد أن الممثل الأعلى بوريل يفكر حاليًا في تعيين مبعوث خاص لسورية، ونظرًا لأن هذه عملية مستمرة، فلا يمكننا الخوض في التفاصيل أكثر، وسنقدم مزيدًا من المعلومات في الوقت المناسب".