بالتوازي مع العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، كان هناك حراك سياسي على صعيد إدانة الجرائم الإسرائيلية في غزة والعمل على التوصل إلى وقف لإطلاق النار لإنهاء الحرب.
كان للعدوان تداعيات كبيرة على الصعيد الدولي، فقد اندلعت احتجاجات كبيرة في جميع أنحاء العالم رافضة للحرب ومؤيدة للفلسطينيين، وتطالب بوقف إطلاق النار وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
لكن في المقابل، كان لافتًا أن التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة يتم بتواطؤ رسمي غربي، ومواقف عربية باهتة تجاه ما يحدث في غزة، بل إن الدول العربية المنخرطة في مسار التطبيع نأت بنفسها عما يحدث، وقدمت مواقف عديدة تقاطعت فيها مع الموقف الإسرائيلي وحمّلت المقاومة الفلسطينية مسؤولية ما يحدث.
كان لافتًا أن التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة يتم بتواطؤ رسمي غربي، ومواقف عربية باهتة، إن لم تكن متواطئة مع الإبادة
وعلى صعيد الأممي، عطلت الولايات المتحدة كل مشاريع القرارات التي قدمت لمجلس الأمن وتطالب إسرائيل بوقف عدوانها على غزة، لكن في 25 آذار/ مارس 2024، أصدر مجلس الأمن قرارًا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، يستمر حتى نهاية شهر رمضان، فيما امتنع مندوب الولايات المتحدة عن التصويت، وصوت جميع المندوبين الآخرين لصالح القرار، إلا أن إسرائيل لم تلتزم بالقرار وواصلت عدوانها على غزة.
وبالتوازي مع التواطؤ الغربي والصمت والنأي بالنفس العربي، بدأت دولة جنوب إفريقيا، في كانون الأول/ديسمبر 2003، إجراءات أمام محكمة العدل الدولية، تتهم فيها إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة.
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) October 7, 2024
إسرائيليًا، منذ الأيام الأولى للعدوان، تبنى المسؤولون الإسرائيليون خطابًا يدعو للإبادة وسياسة العقاب الجماعي، عبر نفي ونزع صفة الأبرياء والمدنيين عن أهالي القطاع، كما جرى الحديث عن نية تهجير سكان القطاع لجعله مكانًا غير قابل للحياة، وقد أظهرت إسرائيل نيتها المضي في هذا المشروع، عبر أوامر الإخلاء المتكررة لدفع الفلسطينيين إلى آخر نقطة من الحدود مع مصر، وبالفعل تم تداول معلومات عن نية إسرائيل تهجير الفلسطينيين إلى صحراء سيناء. وقد عبرت السلطات المصرية عن رفضها لهذا المخطط بشكل حازم.
على صعيد المفاوضات للتوصل لوقف إطلاق نار وصفقة التبادل بين المحتجزين الإسرائيليين في غزة والأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، أظهر العديد من المسؤولين الإسرائيليين، الحاليين والسابقين، نية لتأييد عقد صفقة تشمل "الكل مقابل الكل"، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، رفض الفكرة بشكل مطلق، ولجأ إلى سياسة المراوغة لكسب الوقت، واستطاع الصمود بوجه كل ضغوطات أهالي المحتجزين في غزة والمتمثلة في المظاهرات شبه اليومية التي تجري في شوارع المدن الإسرائيلية وأمام مقر إقامته، بل أن المسار السياسي الذي وضعه لما بعد الحرب، هو الوصول لغزة منزوعة السلاح وتحت الإدارة العسكرية الإسرائيلية، وإن كان على حساب حياة كل المحتجزين في غزة.
لذا فإن كل جولات التفاوض تحت رعاية الولايات المتحدة وقطر ومصر، لم تُفض إلا إلى عملية تبادل واحدة وهدنة استمرت أسبوعًا فقط، جرت في 24 تشرين الثاني/نوفمبر، وبعدها استأنفت إسرائيل عدوانها على غزة، بعد ادعائها رفض حركة حماس تسليمها قائمة جديدة بأسماء من ستطلق سراحهم.
تسبب القنابل التي ألقتها "إسرائيل" على رؤوس المدنيين باستشهاد أكثر من 41 ألف فلسطيني.#عام_على_العدوان
اقرأ أكثر: https://t.co/4tXA1wxVLv pic.twitter.com/JKVMTF292s— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) October 7, 2024
أميركيًا، مع كل الدعم السياسي والعسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة لإسرائيل لاستمرار عدوانها على غزة، كشف الرئيس جو بايدن عن عدد من المبادرات، كان آخرها مبادرة تتكون من ثلاث مراحل لإنهاء الحرب في غزة.
رغم هذه المحاولة، واجهت المبادرة الأميركية عراقيل كبيرة، خاصة بسبب الشروط الإضافية التي وضعتها إسرائيل والتي تعقّد تنفيذ بنودها، مما أدى في النهاية إلى فشل المبادرة وعدم تحقيق أي تقدم في وقف العدوان أو الوصول إلى اتفاق شامل.
أما المبادرة الأخيرة ذات المراحل الثلاث فتشمل المرحلة الأولى، التي تستمر ستة أسابيع، وقفًا شاملًا لإطلاق النار، مع انسحاب القوات الإسرائيلية من كافة المناطق المأهولة في قطاع غزة، وإطلاق حركة حماس سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين لديها، مقابل إفراج إسرائيل عن مئات الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية. وأن يتمكن المدنيون الفلسطينيون، خلال هذه المرحلة، من العودة إلى منازلهم في كافة مناطق غزة، بما فيها الشمال. كذلك يُسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بمعدل 600 شاحنة يوميًا.
وتشهد هذه المرحلة عملية تفاوض بين إسرائيل وحماس على الترتيبات اللازمة للوصول إلى المرحلة الثانية، والتي تشمل "وقفًا نهائيًا للأعمال العدائية".
وخلال المرحلة الثانية، يجري الإفراج عن كافة المحتجزين الإسرائيليين الأحياء المتبقين لدى حركة حماس، بمن فيهم الجنود الرجال، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، مع تحول وقف إطلاق النار المؤقت إلى "وقف دائم للأعمال العدائية"، في حال أوفى الطرفان بالتزاماتهما.
وفي المرحلة الثالثة، يبدأ إعادة إعمار قطاع غزة. وكذلك يجرى إعادة رفات من تبقى من المحتجزين الإسرائيليين الذين قتلوا.
فلسطينيًا، شددت فصائل المقاومة الفلسطينية، من خلال مواقفها السياسية على رفض أي مشاريع سياسية أو خطوات تخلق وقائع جديدًا في غزة بعيدًا عن إرادة الشعب الفلسطيني. وأوكلت لحركة حماس التحدث باسمها خلال جولات التفاوض الرامية للوصول إلى وقف لإطلاق النار وتبادل للأسرى والمحتجزين.