عبد المنعم رمضان شاعر مصري من مواليد مدينة القاهرة عام 1951. يُعتبر أحد أهم شعراء ما يُعرف بـ "جيل السبعينيات" في مصر، وأبرز وجوه جماعة "أصوات" التي تمثّل، إلى جانب جماعة "إضاءة"، شعراء ذلك الجيل الذين انقسموا بين هاتين الجماعتين.
ساهم الشاعر المصري في تأسيس "أصوات" إلى جانب كل من أحمد طه، ومحمد سليمان، وعبد المقصود عبد الكريم، ومحمد عيد إبراهيم، الذين عملوا، جميعًا، على تطوير القصيدة العربية عمومًا، والمصرية خصوصًا، وتوفير مناخ ثقافي أساسه الديمقراطية والانفتاح. كما شارك أيضًا في تأسيس مجلة "الكتابة السوداء"، التي صدر عددها الأول، والأخير، فية نهاية ثمانينيات القرن الفائت.
أصدر عبد المنعم رمضان مجموعته الشعرية الأولى عام 1980 تحت عنوان "الحلم ظل الوقت، الحلم ظل المسافة". ونشر، منذ ذلك الوقت، أكثر من 15 مجموعة، منها: "الغبار"، و"لماذا أيها الماضي تنام في حديقتي"، و"قبلة الماء فوق الحافة"، و"بعيدًا عن الكائنات"، و"الصعود إلى المنزل"، و"الحنين العاري"، و"الشهيق والزفير"، و"الهائم في البرية".
يقول الروائي المصري الراحل إدوار الخراط في وصفه: "عبد المنعم رمضان هو شاعر الحافة. شاعر يقف باستمرار على حافة حرجة مقلقة ومثيرة كما هو شأن الشعر الحق. حافة بين مناطق شعرية، ومن ثم أو بالضرورة وفي الآن نفسه، مناطق رؤيوية، متفارقة ومتماسة، وكلها مناطق في قلب الشعر، وليست على حافته".
قصيدة "أقل من أغنية" منشورة في مجموعته الشعرية "الحنين العاري"، الصادرة عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب" عام 2012.
ارفغْ ذراعَك عن ذراعي
أيُّها الضلّيلُ
والملكُ القديمْ
لا تتّخذْ منّي صديقًا
لستُ أصلحُ أنْ أكونَ لكَ
المهرِّجَ
والمسافرَ
والنديمْ
ارفعْ ذراعَكَ عن ذراعِ أخي
وأختي
عن ذراعِ حبيبتي
عن قبر أمّي
واستعدّ إذا رأيتَ فمي
يدمدمُ
أو يزومْ
ما زلتُ أحلمُ
أنْ يكونَ دمي نظيفًا
أنْ تكونَ أصابعي بيضاءَ
أعماقي مقرًّا للهواء البكرِ
جسمي طائرًا يقظًا كثيرًا
أو كأنَّ الريحَ تسكنُه
وتجري فيهِ
أحلمُ أنّ تعود براءتي
ما زلت أحلمُ أنْ أرى
في طَرْفِ منديلي
فراشاتٍ تحومْ
ارفعْ ذراعَكَ عن ذراعِ مدينتي
فأنا الذي شاهدتُ غيمتَها
تطوفُ
أنا الّذي شاهدتُ في طرقاتِها
ناسًا إذا يسعون
تسعى خلفهم كلُّ النجومِ
وبعضُ أنواعِ الهمومْ
هذا هو البيتُ الّذي أُنزلتُ فيهِ
فلا تزرْهُ
إذا أردتَ سلامتي
هذا هو الميدانُ
تلكَ الشّمسُ ما زالتْ إذا نمنا تنامُ
كأنّها مملوكةٌ عذراءُ
ليس لها غريمّ
فانظْر بعيدًا عن أشعّتِها
تذكّرْ خيمةَ الماضي
تذكّرْ ما تريدُ
عصا المعلّمِ
منزلَ النسّاكِ
صندوقَ العجائبِ
بابَ إنجيلِ المحبّةِ
قُبَّةَ الميدانِ
تلكَ الشّمسُ
ما زالتْ إذا قُمنا تقومْ
ارفعْ ذِراعَكَ عن ذراعِ الشمسِ
فهي وديعتي
ما زلتُ أؤثر أنْ أراقبَها
أشمَّ لهيبَها
ما زلتُ أؤثر أنْ أراها
تستعيد ثيابَها
ما زلتُ أؤثر أنْ أرى ظلّي
الذي جاءت به خلفي
يسابقُ خطوتي
ما زلتُ أؤثر أنْ تهيمَ معي
وأنْ معها أهيمْ
يا ليتَني أعطيتُ نفسي
للهوى العذريِّ
والعشقِ الرجيمْ
وبدوتُ مثل الصّاحبِ المهجورِ
وجهي ذابلٌ
وخطايَ نافذهٌ
أحاولُ أنْ أغضَّ الطرْفَ
أنْ أقتادَ عائلتي
وأنْ أنوي العكوفَ هناكَ
قربَ البئرِ
لكنّ التخومْ
يا ليتَني أعطيتُ نفسي
للنعيمِ وللجحيمْ
هو ذا أنا أخشى السماءَ بكلِّ أهبتِها
وأخشى أنْ يراني اللّهُ
مكتئبًا حزينًا
أنْ يراني اللّهُ
أحملُ آلتي من غيرِ أعنيةٍ
أغنّيها أمامَ خطيئتي
في أنّ أظلَّ العاشقَ المحمومَ
والخَصْمَ الحميمْ
هو ذا أنا أخشى الغيومْ
فارفعْ ذراعَك عن ذِراعي
أيُّها الضلّيلُ
والملكُ القديمْ.