31-يوليو-2024
رفع متضامنون مع فلسطين لافتة كتب عليها أولمبياد الإبادة الجماعية (GETTY)

رفع متضامنون مع فلسطين لافتة كتب عليها أولمبياد الإبادة الجماعية (GETTY)

بالتوازي مع حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس، نشر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، رسالة مصورة ناشد فيها دول العالم "بروح الهدنة الأولمبية لإلقاء أسلحتها"، وحث الناس على "بناء الجسور وتعزيز التضامن والسعي لتحقيق الهدف النهائي وهو: السلام للجميع".

لكن بعد أقل من 24 ساعة، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مدرسة بالقرب من دير البلح، في وسط قطاع غزة، تأوي نازحين ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 30 فلسطينيًا، وإصابة أكثر من 100 آخرين.

وفي ذات المساء، نزل المنتخب الإسرائيلي إلى ملعب الأمراء في باريس ليشارك في مباراة ضد منتخب البارغواي، لكن "الجريمة المروعة في دير البلح بقيت حاضرة في الأذهاب"، وفق تعبير مجلة "ذي نيشين" الأميركية.

قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مدرسة بالقرب من دير البلح في وسط قطاع غزة، تأوي نازحين ما أدى إلى استشهاد ما لا يقل عن 30 فلسطينيا وإصابة أكثر من 100 آخرين

وبحسب التقارير الواردة من باريس، فإن الأجواء قبل المباراة كانت متوترة، وكان عناصر الأمن الفرنسي في حالة تأهب قصوى.

بدت باريس وكأنها بالفعل "مؤتمر عسكري"، والمنطقة المحيطة بالملعب كانت "محصنة بشكل خاص"، فقد قام أفراد الأمن بتفتيش دقيق والتحقق من هوية الأشخاص في المكان مرتين.

انتهت المباراة بفوز منتخب الباراغواي بنتيجة 4-2، لكن بحسب المجلة الأميركية حققت "إسرائيل انتصارها الخاص لمجرد وجودها هناك في المقام الأول".

"إنه فوز دعائي هائل لإسرائيل ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن تتنافس إسرائيل في هذه الألعاب"، كما تقول "ذي نيشين".

فقد أدت الحرب المستمرة التي تشنها إسرائيل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة إلى دعوات من جانب المدافعين عن حقوق الإنسان لمعاقبة إسرائيل ومنعها من المشاركة في الألعاب، لكن اللجنة الأولمبية الدولية "تخلت عن مسؤوليتها وأطلقت عبارات مبتذلة". فقد قال رئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ: "نحن لسنا في مجال السياسة، بل نحن هنا لإنجاز مهمتنا المتمثلة في جمع الرياضيين".

ووصفت المجلة الأميركية موقف اللجنة الأولمبية بـ"الجُبن المذهل"، خاصة أن اللجنة الأولمبية الدولية فرضت عقوبات على روسيا، وأرغمت نحو عشرة رياضيين روس مشاركين في أولمبياد باريس على المنافسة باعتبارهم "رياضيين محايدين فرديين"، كما منعت العديد من الرياضيين الآخرين من المشاركة لأنهم تلقوا تدريبهم من خلال الجيش الروسي.

وهنا تطرح "ذي نيشين" السؤال: كيف تختلف إسرائيل عنهم؟

كتب الصحفي كريم زيدان مؤخرًا مقالًا تحت عنوان "الجنود الأولمبيون الإسرائيليون"، كشف فيه أنه من بين الرياضيين الإسرائيليين الثمانية والثمانين المشاركين في أولمبياد باريس، أيد ما لا يقل عن ثلاثين منهم علنًا الحرب والجيش الإسرائيلي. وقد عمل بعضهم كدعاة ومتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي "أكد على مكانتهم كرموز للقوة الصارمة التي تتمتع بها إسرائيل على الساحة العالمية".

متضامن مع فلسطين في باريس

وأشارت المجلة الأميركية إلى أن كل إسرائيلي يخدم في جيش الاحتلال، ومن بينهم الرياضيون المتميزون، رغم أنهم في بعض الأحيان هم قادرون على تأجيل خدمتهم في الجيش.

ولفت المجلة إلى أن اللجنة الأولمبية الدولية فرضت عقوبات على روسيا لأنها استولت على الأراضي الأوكرانية التي تضم "منظمات رياضية إقليمية تخضع لسلطة اللجنة الأولمبية الوطنية في أوكرانيا"، ثم استولت على تلك المنظمات.

في المقابل قصفت إسرائيل المرافق الرياضية، وقتلت عددًا لا يُصدق من الرياضيين والمدربين (بما في ذلك الرياضيون الأولمبيون)، وحتى حولت ملعب اليرموك التاريخي في غزة إلى معسكر اعتقال مؤقت وغرفة استجواب. كما أن ملاعب كرة القدم في غزة أصبحت غير صالحة للعب.

وصفت "ذي نيشين" المباراة التي أقيمت في ملعب الأمراء بأنها "غسيل رياضي" واضح، وهو ما يعني أن يقوم كيان سياسي باستغلال المسابقات الرياضة على الصعيد الدولي للتغطية على جرائمه، وهذا يساعد على إضفاء الشرعية على انتهاكات حقوق الإنسان، بل حتى يمجدها.

فقد وقف الملعب المزدحم لسماع النشيد الوطني الإسرائيلي. ورفع أعضاء الوفد الإسرائيلي المشارك في ألعاب باريس علمًا إسرائيليًا كبيرًا، وتم رؤيتهم وهم "ينشدون بفخر" على الشاشة الكبيرة.

ولقد لوح عدد كبير من أعضاء الوفد للمشجعين، بما في ذلك قسم مزدحم من المشجعين في الزاوية خلف أحد الشباك، رافعين الأعلام الإسرائيلية، فيما ترددت أصداء هتافات لـ "إسرائيل" داخل الملعب.

لكن هذه الإنجازات لم تخفِ علامات ظاهرة للمشاركة الإسرائيلية، فعلى الرغم من الإجراءات الأمنية المشددة، رفعت مجموعة صغيرة من الناشطين داخل ملعب الأمراء لافتة ضخمة كتب عليها "أولمبياد الإبادة الجماعية"، فيما لوح آخرون بالأعلام الفلسطينية.

وخلال حفل افتتاح ألعاب باريس 2024، كان الهتاف أكبر في حانة باريسية خلال أداء سيلين ديون الحماسي لأغنية إديث بياف  "L’Hymne à l’Amour"، لكن كذلك عندما ظهر الرياضيون الأولمبيون الفلسطينيون على الشاشة وهم على متن قارب في نهر السين. 

قد تكون اللجنة الأولمبية الدولية، وآلاف الكتاب الرياضيين الذين يغطون الألعاب، يحولون أنظارهم إلى حد كبير عما يجري في فلسطين، لكن ليس عند الناس العاديين في المدينة المضيفة، وبالتأكيد ليس الناشطين السياسيين، حسب المجلة الأميركية.

وخلال المباراة التي جمعت منتخبي إسرائيل والبارغواي، تجول رجل على كرسي متحرك كهربائي على طول الملعب والعلم الفلسطيني ملفوفًا حول جسده. كيف تمكن من اجتياز الإجراءات الأمنية كان لغزًا. ولكن نيته، ونية الآلاف من المعارضين في جميع أنحاء باريس، ليست لغزًا.