أعلن الرئيس الفرنسي، عن سحب سفيره والقوات العسكرية الفرنسية من النيجر، وذلك بعد الانقلاب العسكري ضد الرئيس المنتخب والموالي لباريس محمد بازوم، في تموز/ يوليو الماضي.
وقال إيمانويل ماكرون إن فرنسا ستسحب سفيرها من النيجر، تليه الوحدة العسكرية الفرنسية في الأشهر المقبلة.
كان الانقلاب على محمد بازوم في النيجر هو الانقلاب الثالث من نوعه في المنطقة خلال عدة سنوات، بعد أعمال مماثلة في مالي وبوركينا فاسو في عامي 2021 و2022 والتي أجبرت أيضًا القوات الفرنسية على الانسحاب
وأنهى إعلان الرئيس الفرنسي شهرين من التحدي الذي ظل فيه سفير باريس في مكانه في نيامي على الرغم من أن قادة الانقلاب أمروه بالمغادرة.
وقال ماكرون للتلفزيون الفرنسي، إن "فرنسا قررت سحب سفيرها" دون أن يذكر المزيد من التفاصيل حول كيفية تنظيم ذلك، موضحًا: "في الساعات القادمة سيعود سفيرنا وعدد من الدبلوماسيين إلى فرنسا".
ومنع الحكام العسكريون في النيجر الطائرات الفرنسية من التحليق فوق المجال الجوي للبلاد، بحسب وكالة سلامة الملاحة الجوية في أفريقيا.
ماكرون يستسلم
وأضاف ماكرون أن التعاون العسكري انتهى وأن القوات الفرنسية ستنسحب في "الأشهر والأسابيع المقبلة مع الانسحاب الكامل بحلول نهاية العام"، متابعًا القول: "سنتشاور مع الانقلابيين، لأننا نريد أن يتم ذلك سلميًا".
ورد الحكام العسكريون في النيجر سريعًا في بيان عبر التلفزيون الوطني، وقال البيان: "نحتفل بخطوة جديدة نحو سيادة النيجر. هذه لحظة تاريخية تعكس تصميم وإرادة الشعب النيجري".
ووصفت السلطات الجديدة في النيجر، المعروفة باسم المجلس الوطني لحماية البلاد، قرار ماركون بأنه "لحظة تاريخية للأمة"، وأضاف البيان: "لم يعد هناك ترحيب بالقوات الإمبريالية والاستعمارية الجديدة على أراضينا".
وتحتفظ فرنسا بنحو 1500 جندي في النيجر في إطار انتشارها في منطقة الساحل. وتبرر فرنسا وجودها بمكافحة المجموعات الجهادية، فيما قال ماكرون إن سلطات ما بعد الانقلاب "لم تعد ترغب في مكافحة الإرهاب"، وفق قوله.
وأخبر القادة العسكريون في النيجر السفير الفرنسي سيلفان إيتي بوجوب مغادرة البلاد بعد أن أطاحوا بازوم. لكن الإنذار النهائي الذي كانت مدته 48 ساعة لإيتي للمغادرة، والذي صدر في آب/ أغسطس، مر بينما رفضت الحكومة الفرنسية الامتثال أو الاعتراف بشرعية النظام العسكري.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال ماكرون إن السفير وموظفيه "محتجزون حرفيًا كرهائن".
وأكد الرئيس الفرنسي في المقابلة موقف باريس من أن بازوم محتجز "كرهينة ويظل السلطة الشرعية الوحيدة في البلاد".
وقال ماكرون: "لقد استهدفه هذا الانقلاب لأنه كان ينفذ إصلاحات شجاعة، ولأنه كانت هناك تصفية حسابات عرقية إلى حد كبير والكثير من الجبن السياسي"، على حدِّ قوله.
وكان الانقلاب على محمد بازوم في النيجر هو الانقلاب الثالث من نوعه في المنطقة خلال عدة سنوات، بعد أعمال مماثلة في مالي وبوركينا فاسو في عامي 2021 و2022 والتي أجبرت أيضًا القوات الفرنسية على الانسحاب. لكن انقلاب النيجر كان "مؤلمًا" بشكل كبير لماكرون بعد أن سعى إلى جعل نيامي حليفًا خاصًا ومركزًا لوجود فرنسا في المنطقة بعد انقلاب مالي. يشار إلى أن الولايات المتحدة تمتلك أكثر من 1000 جندي في البلاد.
خسارة النفوذ الاستعماري
وتحدث الرئيس الفرنسي مرارًا وتكرارًا عن إحداث تغيير تاريخي في بصمة فرنسا ما بعد الاستعمار في أفريقيا، لكن المحللين يقولون إن باريس تفقد نفوذها في جميع أنحاء القارة خاصة مع تزايد نفوذ الصين وتركيا وروسيا.
وهددت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) باتخاذ إجراء عسكري لاستعادة بازوم للحكم، لكن تهديداتها، التي أيدتها فرنسا بقوة، لم تتحول إلى عمل حتى الآن.
وقالت مستشارة وزارة الخارجية الأمريكية السابقة التي عملت في النيجر وتشغل الآن منصب مديرة مستشاري مؤسسة الاستقرار الاستراتيجي في واشنطن، أنيليز برنارد، لـ"نيويورك تايمز": "يشير هذا إلى بداية نهاية حقبة لكل من فرنسا والولايات المتحدة في منطقة الساحل"، مضيفةً: "لقد فشلت الولايات المتحدة في تقديم استراتيجيتها الخاصة حقًا".
وأعلنت الولايات المتحدة هذا الشهر أنها ستنقل قواتها من القاعدة في نيامي، حيث يتمركز الجنود الفرنسيون، إلى موقع متقدم في أغاديز في الشمال، حيث تقوم بتشغيل طائرات مُسيّرة لمراقبة أنشطة المتمردين في المنطقة.
قالت مستشارة وزارة الخارجية الأمريكي السابقة التي عملت في النيجر وتشغل الآن منصب مديرة مستشاري مؤسسة الاستقرار الاستراتيجي أنيليز برنارد، لـ"نيويورك تايمز": "يشير هذا إلى بداية نهاية حقبة لكل من فرنسا والولايات المتحدة في منطقة الساحل"
وعلى مدار ما يقرب من عقد من الزمن، أرسلت فرنسا آلاف القوات إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر لمواجهة التمرد الجهادي الذي تزايدت بصماته منذ ذلك الحين. وقدمت الولايات المتحدة معلومات استخباراتية تم جمعها من أنشطة الطائرات المُسيّرة وقامت بتدريب القوات الخاصة الأفريقية.
إلى جانب التبرير الفرنسي للتدخل والمرتبط في المجموعات الجهادية، فإن النيجر تُعدّ دولة عبور رئيسية في طريق الهجرة إلى أوروبا، مما يفسر جزئيًا الاهتمام الكبير بها، إلى جانب الموارد الطبيعية التي تحصل عليها فرنسا من البلاد.