الترا صوت - فريق الترجمة
فلنتفق بدايةً على شيءٍ ما: أن تكون إنسانًا انطوائيًا هو أقرب إلى خصوصيةٌ منه إلى نقص. فالانطواء (Introversion)، أو مضاده الانبساط (Extroversion)، هما طبعان يبرزان في الإنسان ضمن سياقاتٍ ومواقف معيّنة.
قد تجتمع في إنسانٍ ما نزعةٌ اجتماعية وطبيعةٌ انطوائية، فكل ما في الأمر أن المنطوي يميل إلى إعادة شحن طاقته عندما يكون وحيدًا
الانطواء أيضًا بحد ذاته يأخذ صورًا وحالاتٍ مختلفة، فقد تتوازى انطوائية شخصٍ ما بالفعل مع حبّه للعزلة وتنعّمه بيومه فقط عندما يكون بصحبة كتابٍ أو القيام بنشاطٍ يستطيع فيه الاختلاء بنفسه.
اقرأ/ي أيضًا: ماذا تعرف عن اضطراب الشخصية التجنبية؟
في المقابل قد تجتمع في إنسانٍ ما نزعةٌ اجتماعية وطبيعةٌ انطوائية، فكل ما في الأمر أن الإنسان المنطوي (ولو أن هذا الاختزال فيه شيءٍ من الإخلال) يميل إلى إعادة شحن طاقته عندما يكون وحيدًا، على عكس الإنسان المنبسط الذي يستمد طاقته من الاختلاط بالناس.
في كل الأحوال، قد تكون انطوائية الإنسان، بغض النظر عن سياقاتها وتفاصيلها، عائقًا حقيقيًا في حياته العملية التي يحتل الجانب الاجتماعي فيها مساحةً كبيرةً. ولكن هذا لا يعني أن المنطويين قد حُكِمَ عليهم بحياةٍ عمليةٍ متواضعة فقطٍ لوجود هذا الطبع فيهم. كل ما في الأمر أن ذلك قد يتطلّب شيئًا من الجهد وسعة الحيلة.
وهنا ننقل لكم بشيءٍ من التصرف، هذا المقالة عن موقع "Ellevate"، والتي تحوي عددًا من النصائح تعين المنطويين على بناء مشوارٍ مهنيٍّ ناجح.
ربما تجلس الآن، متذكرًا ذلك الموقف العسير، عندما كنت مستغرقًا في أفكارك، وسألك أحدهم، وليكن مديرك في العمل: "هل تحب مشاركتنا؟ لماذا أنت صامت؟ هل أن مريض أو مرهق؟"، في حين أن الموضوع بكل بساطة، أنك بأحسن حال، لكنك لا تملك ما تقوله!
أدركتُ خلال السنوات الماضية، أن بعض الناس يدفعهم فضولهم وتطفلهم إلى سؤال أسئلةٍ كهذه، والبعض الآخر يسألك ذلك بطيبة قلبٍ وحسن نية تتجلّى في شكل قلق.
ولكن أيضًا خلال تلك السنوات لم أشعر أبدًا بحاجةٍ إلى تلبّس طبع إنسانٍ آخر غير طبعي. وهذا يرتكز طبعًا على ثقة الإنسان بنفسه ووضوحه ومعرفته لذاته. فقد اتخذت قرارًا في مرحلةٍ مبكّرة أن الحلّ الأفضل هو أن أحاول إفهام الناس كيف يمكن لهم التعامل معي بدلًا من التضحية بأصالتي.
ورد في مقالة على موقع "Psychology Today": يقدر الباحثون أن المنبسطين يشكلون ما نسبته ما بين 50 إلى 75% من مجموع السكان. هؤلاء الفراشات الاجتماعية التي تقفز من محادثة إلى أخرى برشاقة، إنما هي تركز على البيئة الخارجية وعلى الناس والأنشطة من حولهم. بمعنى أن المنبسطين يشعرون بذواتهم في وظائف نشطة سريعة الرتم، يُطلب منهم فيها اتخاذ قرارات سريعة، كما أنهم يتعلّمون من خلال الاستمتاع بالحديث عن أفكارهم ومشاكلهم".
قرأت هذا الجزء من المقال، وانتظرت في شوق أن أصل إلى الجزء الذي يتحدّث فيه الكاتب عن المنطويين وخصائصهم وأين يجدون ذواتهم، ولكنني لم أسعد بما قرأته في النهاية:
"ما بين 16 إلى 50% من السكان يميلون أكثر إلى الانطواء على الذات، ويستمدون طاقتهم من عزلتهم. يستمتع المنطوون بقضاء أوقاتهم بعيدًا عن الناس أو مع مجموعاتٍ صغيرة، ولكنهم قد يشعرون بشيءٍ من الإرهاق الساحق في المواقف الجديدة أو بين مجموعاتٍ كبيرةٍ من الناس. يفضّل المنطوون التركيز على مهمةٍ واحدة ودراسة موقفٍ ما قبل خوضه". السؤال هو: لماذا لا يوجد أي ذكرٍ للسياقات التي يستطيع المنطوون إيجاد النجاح فيها؟!
ذكّرتني هذه المقالة بما يمكن وصفه بالتحامل على الناس المنطويين، عندما تصبح تقارير الأداء التي تحتوي جملًا مثل: "إنها ليست حيوية بما يكفي، لا أظنّ أنها ستصلح لهذا الدور"، أو "لا أعرف إن كانت تتمتّع بما يتطلبّه هذا المنصب. لا أستطيع رسم صورةٍ عنها"؛ نقطةً تُحسَب على الإنسان المنطوي.
رأيت أيضًا في هذا المقال فرصةً لمحاولة التذكير بأن عليك فهم إنسانٍ ما قبل إسقاطهم من حساباتك بخصوص ترقيةٍ أو منصبٍ ما في العمل. لذا، إن كنت إنسانًا منطويًا فإليك بعض النصائح التي تعينك على النجاح في حياتك العملية:
1. الأصالة صفةً جذابة
لا تشعر بالعار من ذاتك المنطوية. إياك أن ترتكب جريمةً بحقّ نفسك وتخسر ذاتك، فقط لكي تتماشى مع آراء وأفكار الناس. ولأولئك الذين يظنّون أن النجاح والانطوائية لا يجتمعان، فعليهم أن يقرأوا أكثر عن ناسٍ مثل مايكل جوردن، وباربرا وولترز، وغاندي، ووارين بافت.
2. الإدراك
ربما تكون تكره اللعبة الجارية في المكتب، ولكن عليك أن تعي أن اللعبة مستمرة بكل الأحوال. فيجب أن تفهم القواعد المكتوبة وغير المكتوبة التي تسيّر منظّمتك.
حاول أن تجد الفرصة الاستراتيجية المناسبة باستغلال علاقاتك ونقاط قوتك. يجب أن تفعل أكثر من مجرد الوقوف والتفرج، بل ارمِ بنفسك إلى المعركة في اللحظة المناسبة، وستغتنم لذة الفوز.
ولكن احذر، فعليك أولًا أن تحصل على ما يكفي من معلومات. وبكلماتٍ أوضح: وصفك الوظيفي، وما يتوقّعه منك مديرك، وما تنصّ عليه المبادئ الإرشادية لتقييم الأداء لا يكونون شيئًا واحدًا في العادة.
3. اسأل
عندما يقول لي شخصٌ ما: "أنتِ إنسانةٌ هادئةٌ جدًا"، فأردّ عليه بابتسامةٍ، قائلة: "أسمع هذا كثيرًا. هل كان هناك ما تريد أن تسألني عنه أو ما ترغب في مناقشته معي". وإن كان جوابهم "نعم"، فنستطيع التحدّث عن ذلك بكل سرور، وإن لم يكن هناك شيءٌ، فقد استطعت بكل هدوءٍ ولطف أن أطلب منه تركي لإتمام عملي، كما أنني ساعدته على فهمي بصورةٍ أفضل، فقط لأنني سألت الأسئلة الصحيحة.
4. افهم محدوديتك وارسم حدودك
إرضاء الناس غايةٌ لا تدرك، ولن تستطيع أن تتفوّق في كل شيء، فالأجدى ألا تحاول ذلك. قدّم التميز على المثالية، وميّز بين ما هو عاجل وبين ما هو مهم، فذلك سيساعدك على توفير جهدك.
5. التمكن هو سلاحك
بالرغم من أني إنسانةٌ منطوية، كنت أفهم عملي جيدًا، وكنت أستطيع التحدّث بكل ثقة، وليس بالضرورة عندما يطلب مني الناس ذلك، وإنما عندما تدعو الحاجة لذلك. كنت خبيرةً في مجالٍ ما، ويجب أن تكون كذلك أيضًا.
لم يكن أدائي في العمل مشكلةً أبدًا، ولكن المشكلة كانت فكرة الناس عني. وعندما تبرز هذه المشكلة، ففكّر كيف ومتى تستطيع استغلال ذلك لصالحك، كيف تستطيع أن تؤكّد لمديرك وزملائك وصانعي القرار أنك تعرف من أنت، وظروف العمل الأنسب لك، والقيمة التي تقدّمها لقسمك والمنظّمة بشكلٍ عام.
ذا كنت إنسانًا منطويًا، فحاول أن تفكّر كيف أن انطوائيتك لها قيمةٌ كبيرةٌ في مكان عملك دون أن تُضحّ بذاتك كي تنجح في عملك
في النهاية، إذا كنت إنسانًا منطويًا، فحاول أن تفكّر كيف أن انطوائيتك لها قيمةٌ كبيرةٌ في مكان عملك، فالمنظمات تقوم على المنطويين والمنبسطين معًا، لذلك ليس عليك أن تضحِّ بذاتك كي تنجح في حياتك العملية.
اقرأ/ي أيضًا:
كيف تدير اجتماعات العمل بفاعلية أكبر؟.. 3 قواعد ذهبية من رئيس شركة مايكروسوفت
أخطر من الاكتئاب الحاد.. ماذا تعرف عن الاكتئاب المُبتسِم؟