بعد تجريد الديمقراطية الداعمة للفلسطينيين كوري بوش من مقعدها في مجلس النواب الأميركي، يتحفز اللوبي المؤيد لدولة الاحتلال الإسرائيلي لتكرار السيناريو ذاته مع النائب الديمقراطية إلهان عمر.
وأسّس متبرعون أثرياء مؤيدون للاحتلال الإسرائيلي مجموعة هدفها جمع الأموال لدعم دون صامويلز، المرشح الذي ينافس إلهان عمر في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي بولاية مينيسوتا.
وتضمنت المجموعة الجديدة مستشارًا كان يعمل لحملة صامويلز. وناقش الأعضاء، وفقًا لمصادر مختلفة، جمع مبالغ مالية كبيرة لصالح لجنة عملٍ سياسي ووضع استراتيجيات لحشد الناخبين الجمهوريين لدعم صامويلز.
الهدف من المجموعة توفير الدعم المالي اللازم لإقصاء إلهان عمر واستبدالها بالمرشح المؤيد لإسرائيل دون صامويلز
وكتب مستشار الحملة، أليكس مين، في مجموعة الاتصال التي تضم المتبرعين، أن لديهم القدرة على: "التخلص من العدو العام رقم 1 لليهود، إسرائيل، وأميركا، إلهان عمر" على حدّ تعبيره.
ورغم تأكيد مدير حملة صامويلز أن مين لم يعد يعمل لصالح الحملة، إلا أنه ظهر كعضوٍ في فريق الحملة في حلقة من برنامج يوتيوب في الرابع من آب/ أغسطس الجاري، ما يوضّح استمرار الجهود المكثفة للإطاحة بالنائب إلهان عمر في الانتخابات المقبلة.
يشار إلى أنّ هذه ليست المرة الأولى التي تحاول فيها مجموعات الضغط الإطاحة بإلهان عمر بسبب معارضتها للاحتلال الإسرائيلي. ففي بداية العام 2023، استبعدت الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأميركي النائبة إلهان عمر من لجنة الشؤون الأفريقية داخل الكونغرس، وهو ما أرجعه زعيم الأغلبية كيفن مكارثي، في تصريحات صحفية، إلى: "موقفها المعارض لإسرائيل".
وتعد لجنة الشؤون الإفريقية بالكونغرس فرعًا من لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب التي تتمتع بسلطة قضائية في المسائل الدبلوماسية والمتعلقة بالأمن القومي، بما في ذلك المساعدات الخارجية، وسلطات الحرب، وإنفاذ العقوبات الدولية.
ومنذ أن فاز الجمهوريون بالسيطرة على مجلس النواب في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، وعد مكارثي ببذل جهوده لإقصاء إلهان عمر من اللجنة، وقال في تصريحات صحفية حينها: "أتذكر ما قالته عن إسرائيل، لقد وعدت العام الماضي بأنها لن تكون في الشؤون الخارجية بعد الآن. أنا أفي بهذا الوعد".
واشتهرت إلهان عمر، وهي من أصل صومالي، بعد انتخابها عضوًا في مجلس نواب ولاية مينيسوتا عن الحزب الديمقراطي.
وتشير تفاصيل سيرتها الذاتية إلى أنّ عائلتها فرّت من الصومال بعد اندلاع الحرب الأهلية في البلاد في 1991. وقبل وصولها للولايات المتحدة عام 1995، قضت 4 سنوات في مخيم للاجئين في كينيا.
خسارة كوري بوش لمقعدها
خسرت النائب الديمقراطية كيري بوش الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عن مقعد الترشح للكونغرس الأميركي، بعد الحملة التي قادتها "لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية" (أيباك) ضدها.
وخسرت بوش مقعدها في الانتخابات التمهيدية بفارق ضئيل أمام منافسها المدعي العام من سانت لويس، ويسلي بيل، وهو منافس تدعمه جماعة "أيباك" التي أنفقت أكثر من 8 ملايين دولار للإطاحة ببوش في أقل من شهرين.
وعلى الرغم من خسارتها لمقعدها، توعدت كيري بوش "إيباك" قائلةً: "أنا قادمة لتمزيق مملكتكم"، مردفةً: "واسمحوا لي أن أحذر جميع هذه الشركات، فأنا ألاحقكم أيضًا".
وقالت بوش أيضًا: "بإبعادي عن منصبي كعضو في الكونغرس، كل ما فعلتموه هو إزالة بعض القيود عني، لأنه كما ترون الآن، لا داعي لأن أقلق بشأن بعض القيود، ولكن بقدر ما أحب وظيفتي، كل ما فعلوه هو جعلي متشددة، لذا يجب عليهم الآن أن يخافوا".
وكانت بوش أحد أوائل أعضاء الكونغرس الذين دعوا إلى وقف إطلاق النار في غزة، إلى جانب النائبة الديمقراطية من ميشيغان، رشيدة طليب، وهي العضو الفلسطيني الأميركي الوحيد في الكونغرس. وقد فازت طليب في الانتخابات التمهيدية بلا منازع، الثلاثاء الماضي، بعد فشل جهود "أيباك" بإيجاد منافس لها.
كوري بوش تتوعد إيباك بتمزيق مملكتها
وفازت بوش بمقعدها في الكونغرس عن ولاية ميسوري في عام 2020، وساهم فوزها إلى جانب بومان بارتفاع عدد النواب الديمقراطيين التقدميين من أربعة إلى ستة نواب في الكونغرس، مما جدد آمال التقدميين في بناء قاعدة في الكونغرس يمكن أن تعمل نحو سياسات مثل: الرعاية الصحية للجميع، الصفقة الخضراء الجديدة، وإصلاحات نظام العدالة الجنائية.
غضب التقدميين من "إيباك"
سادت حالة من الغضب داخل التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي تجاه لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية "أيباك"، بعد خسارة النائبة التقدمية عن ولاية ميسوري، كوري بوش، الانتخابات التمهيدية عن مقعدها للكونغرس الأميركي، وسعيها لتكرار السيناريو ذاته مع إلهان عمر.
وكانت "أيباك" قد استهدفت بحملتين النائب التقدمي عن ولاية نيويورك، جمال بومان، وبعدها بفترة وجيزة استهدفت بوش، حيثُ أنفقت جماعة الضغط المؤيدة لـ"إسرائيل" نحو 24 مليون دولار لإخراج اثنين من النواب السود التقدميين البارزين في المجموعة اليسارية من سباق الترشّح لإعادة انتخابهما مجددًا في الكونغرس الأميركي.
واحتفلت "أيباك" بهزيمة بوش أمام المدعي العام من سانت لويس، ويسلي بيل، باعتبارها خطوة أساسية نحو حماية تحالف البلاد مع "إسرائيل"، وقال المتحدث باسمها، مارشال ويتمان، لـ"ذا هيل": "إن معيارنا الوحيد لدعم المرشحين أو معارضتهم هو موقفهم من العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل".
وتابع مضيفًا: "لقد أرسل التيار السائد المؤيد لإسرائيل رسالة قوية مفادها أن أميركا تقف إلى جانب إسرائيل في معركتها ضد وكلاء إيران الإرهابيين"، مشيرًا إلى أن: "الناخبين في جميع أنحاء أميركا يرفضون الأصوات المعادية لإسرائيل لصالح المرشحين الذين يفهمون الأهمية الحيوية للعلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل"، على حد قوله.
لكن التقدميين الذين يؤيدون احتفاظ بوش وبومان بمقعديهما في الكونغرس يختلفون بشدة مع ويتمان، ويقول التقدميون الذين عارضوا إنفاق "أيباك" إن المجموعة أصبحت أكثر بروزًا، ولديها الآن سجل أكبر في هزيمة معارضيها.
ويؤكد التقدميون في الكونغرس والمنظمون الساعون للحفاظ على تحالفهم أن تعديل نظام تمويل الحملات الانتخابية هو الخطوة الأهم للحد من تأثير مجموعات الإنفاق الخارجي مثل "أيباك".
وتعود جهود التقدميين لإعادة هيكلة نظام دعم الانتخابات إلى حملة السيناتور، بيرني ساندرز، ضد وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، في انتخابات 2016، لكن هذه الجهود لم تحقق الكثير حتى الآن.
واستطاع ساندرز خلال دورتين تمرير حملته الرئاسية باستخدام هذا النموذج الذي كرره مرشحون آخرون بمستويات مختلفة من النجاح، اعتمادًا على منطقتهم، وقوة منافسيهم وعيوبهم الفردية.
وتعليقًا على هزيمة بوش، كتب ساندرز على منصة "إكس": "كان على أيباك أن تنفق 8.5 مليون دولار للحصول على 51 بالمئة من الأصوات لهزيمة كوري بوش"، وأضاف: "إن شراء المليارديرات للانتخابات ليس ما يفترض أن تكون عليه هذه البلاد.. يتعين علينا إنهاء لجان العمل السياسي الفائقة والانتقال إلى التمويل العام للانتخابات ".
ويتوقع البعض داخل تيار اليسار أن الأمور ستزداد سوءًا قبل أن تتحسن، وهو ما يعني هزيمة المزيد من المرشحين.
أنفقت إيباك نحو 24 مليون دولار لإخراج اثنين من النواب السود التقدميين البارزين في المجموعة اليسارية من سباق الترشّح لإعادة انتخابهما مجددًا في الكونغرس الأميركي.
وشكك تقدمي تحدث لـ"ذا هيل" في نهج اليسار تجاه "أيباك"، حيث قال: "أعتقد أن الديمقراطيين يفضلون خسارة الانتخابات على تحدي إسرائيل"، وأضاف أن: "الشعبويين من اليسار واليمين يزدادون غضبًا إزاء سياستنا تجاه إسرائيل".
وشدد العضو التقدمي على أنه: "ستندلع انتفاضة ضخمة العام المقبل، إذا استمر هذا الصراع، بغض النظر عن هوية الرئيس"، مشيرًا إلى أنه: "إذا بدأت إسرائيل حرب عملاقة في الشرق الأوسط ودعمناها، فستكون هناك أكبر احتجاجات شهدتها هذه البلاد على الإطلاق".
وترددت رواية وفقًا لـ"ذا هيل" تقول إن بوش وبومان كانا ضد ترشّح بايدن للانتخابات، كما أن بوش صوتت ضد قانون البنية التحتية، فضلًا عن دعوتهما لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
ويقول التقدميون إن تلك الأخطاء السياسية كان من الممكن التغلب عليها إذا حدثت بشكل منفصل، ولكن عندما اجتمعت معًا، جعلتهم أهدافًا سهلة.
وأضافوا بأن وضعهم ازداد سوءًا بسبب ثباتهم على مواقف تعتبرها "أيباك"، بالإضافة إلى مشروع الديمقراطية المتحدة، وجماعات أخرى مؤيدة لـ"إسرائيل"، أنها تعمل ضد قضيتهم، وأشاروا إلى أن الأمر ازداد سوءًا بالنسبة لبوش وبومان بسبب غياب الدعم من الإدارة.
وكانت بوش قد أعربت عن غضبها المتزايد من "أيباك"، وقالت في أعقاب خسارتها في الانتخابات التمهيدية: "أيباك، أنا قادمة لتمزيق مملكتكم"، وهو ما أثار انتقادات من جانب الديمقراطيين المعتدلين.
وأدانت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، تصريحات بوش باعتبارها: "مثيرة للانقسام وغير مفيدة على الإطلاق".