30-يوليو-2024
سيرغي لافروف رفقة قادة من حركة طالبان

(AFP) عبّرت موسكو عن دعمها عدة مرات مواقف طالبان

يبدو الموقف الروسي من أفغانستان متناقضًا، فمن جهةٍ تتلكأ روسيا في إعلان قيام علاقات كاملة مع كابول بسبب الإبقاء على طالبان في قائمتها للمنظمات الإرهابية، ومن جهة ثانية تدعم موسكو طالبان علنًا وتستقبل وفودها تباعًا، بل وأكثر من ذلك سلمت روسيا لممثلي طالبان السفارة الأفغانية في موسكو لممثلي الحركة. فما هي الرسائل التي يريد الدب الروسي بعثها إلى العالم وحركة طالبان من خلال هذا الموقف "المتناقض"؟

 علاقات كاملة معلقة

لا تخفي روسيا اقترابها من إقامة علاقاتٍ كاملة مع طالبان الأفغانية، فقد ذهب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في تصريحات جديدة له إلى اعتبار حركة طالبان "حليفًا في مكافحة الإرهاب"، كما أعلن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف أنّ موسكو تقترب من شطب طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية.

وكان الممثل الخاص للرئيس الروسي لأفغانستان، زامير كابولوف، أكد في وقتٍ سابق أن وزارتي العدل والخارجية الروسيتين اقترحتا على الكرملين رفع حركة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة في البلاد. كما أعلن ذات المسؤول الروسي عن احتمال اعتراف روسيا بحكومة طالبان المؤقتة في أفغانستان، وذلك بعد أن صنفت موسكو الحركة إرهابيةً عام 2003.

تكتسب أفغانستان أهمية كبيرة عند روسيا رغم عدم وجود حدود مشتركة بينهما، لأنها تشترك في الحدود مع طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان

وفي ذات الصدد أكّدت تصريحات المبعوث الروسي الخاص لأفغانستان وبعض المسؤولين في وزارة الخارجية الروسية، أنّ موسكو قدّمت دعمًا لطالبان خاصةً في مجال مكافحة الإرهاب وضرب تنظيم الدولة الإسلامية بخراسان.

وشملت تلك المساعدات، حسب تقارير، تزويد روسيا مسلحي طالبان بالأسلحة المتطورة في ولايات أفغانستان الشمالية المتاخمة لجمهورية طاجيكستان مثل ولاية قندز.

كما عبّرت موسكو عن دعمها عدة مرات مواقف طالبان، خاصةً منها المطلب المتعلق "برفع الحظر عن أموال البنك المركزي الأفغاني، ومعارضة تعيين ممثل أممي خاص لأفغانستان".

هذه التصريحات والمواقف الديبلوماسية الإيجابية تقابلها تصريحات لوزراة الدفاع الروسية تبدي قلقها وتخوفها من ما تسميه "الإرهاب الموجود في أفغانستان"، الذي يهدد حسب الأمنيين الروس "أمن دول الجوار، وجمهوريات آسيا الوسطى، التي تعتبر روسيا أمنها جزءًا من منظومة الأمن القومي الروسي".

أولوية الأمن

تحظى أفغانستان بأهمية كبيرة لروسيا على الرغم من عدم وجود حدود مشتركة بين البلدين، لكن أفغانستان تشترك الحدود مع دول تمثل الحديقة الخلفية لأمن روسيا وإحدى مناطق نفوذها ومصالحها الحيوية، وهذه الدول هي طاجيكستان وأوزبكستان وتركمانستان في آسيا الوسطى.

وتخشى روسيا من انتقال عدوى عدم الاستقرار والاضطراب الأمني في أفغانستان إلى آسيا الوسطى، بدخول تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" إلى تلك الدول الحليفة لروسيا من الأراضي الأفغانية.

هذا فضلًا عن تهديد أمني آخر يتمثل في تجارة المخدرات، وإمكانية تفاقم تهريبها إلى روسيا، وأخيرًا القلق الأمني الروسي من تهديد أمن البعثات الدبلوماسية الروسية في كابل.

وبحسب مصادر مطلعة حصلت روسيا على التزامات من حكومة طالبان بشأن مخاوفها الأمنية، المتعلقة بانتهاك حدود بلدان آسيا الوسطى، وأمن البعثات القنصلية والدبلوماسية الأجنبية في أفغانستان، والقضاء على إنتاج المخدرات في أفغانستان، والخطر الذي يمثله تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستان.

وعلى الرغم من التقييم الإيجابي الروسي لسيطرة طالبان على الوضع الأمني، والوفاء بالتعهدات الأمنية التي قطعتها لموسكو بعد استلامها لحكم أفغانستان منذ 3 سنوات، فإن بعض الإخفاقات الأمنية ما تزال تحول دون تحقيق العلاقات الكاملة، فقد فشلت الحركة في منع حادث تفجير تبناه تنظيم الدولة بخرسان وقع أمام السفارة الروسية في كابل أيلول/سبتمبر 2022، أدى لمقتل اثنين من موظفي السفارة.

وبالتالي يمكن القول إن المحدّد الأمني يلعب دورًا حاسمًا في علاقة روسيا بكابل.

يضاف إلى ما سبق خشية روسيا من إمكانية التقارب الأميركي والأوروبي مع طالبان، فهذا من السيناريوهات التي تعتبرها موسكو خطرًا على أمنها القومي.

يشار إلى أن الولايات المتحدة والصين تنافسان روسيا على تقاسم النفوذ في منطقة آسيا الوسطى.