هيمنت قضيّة مقترح وقف إطلاق النار في غزة، بالإضافة لقضية اليوم التالي للحرب، على جولة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في المنطقة.
وكان بلينكن بدأ جولته أمس الإثنين من القاهرة وتل أبيب، على أن يختتمها غدًا الأربعاء بعد زيارة كلٍّ من الأردن وقطر، حيث سيشارك في المؤتمر الدولي للاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة المقرر عقده اليوم الثلاثاء في عمّان.
مقترح وقف إطلاق النار
أعلن بلينكن من القدس الغربية أنّ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أكّد له في اللقاء الذي جمعهما "التزامه بالمقترح" الذي أعلنه الرئيس الأميركي جو بايدن في أيار/مايو الماضي.
ويتضمن المقترح المذكور مرحلتين، تستمر الأولى منهما لمدة ستة أسابيع، يتم خلالها وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الإسرائيلية من جميع المناطق المأهولة بالسكان في غزة. مقابل إطلاق حماس سراح "عدد من الرهائن"، بينهم نساء ومسنون وجرحى، مقابل إطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين. بالإضافة لتمكين سكان غزة من العودة إلى منازلهم في جميع أنحاء القطاع. وفتح المعابر إلى غزة للسماح بدخول 600 شاحنة محملة بالمساعدات يوميًا، وهي الكمية التي تقول وكالات الإغاثة إنها الحد الأدنى الذي يحتاجه 2.3 مليون نسمة يتضورون جوعًا.
وعلى مدى المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار الذي يستمر ستة أسابيع، سوف تتفاوض إسرائيل وحماس على مرحلة ثانية تهدف إلى التوصل إلى نهاية دائمة "للأعمال العدائية". وإذا لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق خلال الأسابيع الستة، فإن وقف إطلاق النار سيمتد طالما بقيا في المفاوضات، التي توسطت فيها الولايات المتحدة وقطر ومصر.
أعلن بلينكن من القدس الغربية التزام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بمقترح خطة وقف إطلاق النار، دون ذكر تفاصيل الموافقة وما إذا كانت مشروطة بشيء
وقد أكّد بلينكن لنتنياهو أنّ "مقترح الاتفاق سيتيح الهدوء في الشمال واندماجًا أكثر مع دول المنطقة"، كما أفاد بيانٌ للخارجية الأميركية أنّ بلينكن ناقش مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال اجتماعهما في تل أبيب، "مقترح وقف إطلاق النار في غزة".
وقبيل صدور قرار مجلس الأمن الداعم لخطة وقف إطلاق النار في غزة صدر بيان للمتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، قال فيه إنّ بلينكن "جدّد التأكيد على أن الولايات المتحدة وزعماء العالم يدعمون مقترح الرئيس جو بايدن الشامل، والذي يؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح جميع المحتجزين، وزيادة كبيرة ومستدامة في المساعدات الإنسانية لتوزيعها في جميع أنحاء غزة".
وفي هذا الصدد يرى مراقبون أنّ قرار مجلس الأمن الدولي سيكون بمثابة ورقة ضغط جديدة على نتنياهو وائتلافه الحكومي المتطرف الذي يزداد عزلة على الصعيدين الداخلي والخارجي.
وأضاف بيان المتحدث باسم الخارجية الأميركية أنّ بلينكن "شدّد على التزام واشنطن الصارم بأمن إسرائيل، بما في ذلك ضمان عدم تكرار أحداث السابع من أكتوبر 2023".
في محطّة القاهرة وبُعيد لقائه بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال بلينكن إنّ "تحقيق وقف إطلاق النار سيفتح الباب أمام وقف مستدام للقتال في قطاع غزة"، مشدّدًا على أنّ "حماس هي العقبة الوحيدة أمام اتفاق وقف إطلاق النار"، موجّهًا خطابًا للوسطاء قائلًا: "إذا كنتم تريدون وقف إطلاق النار فاضغطوا على حماس لتقبل به، وهناك ضرورة ملحة للحصول على رد إيجابي" مع العلم أنّ حركة المقاومة الإسلامية حماس عبّرت عن نظرتها الإيجابية لمقترح بايدن وتطالب فقط بتوفير ضمانات تحقق هدف إنهاء الحرب.
وأكّد بلينكن في القاهرة أنّ إدارة الرئيس الأميركي ستواصل جهودها من أجل وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن، معتبرًا أنّ "الطريقة المثلى لاستعادة جميع الرهائن بمن فيهم الأميركيون هي قبول وقف إطلاق النار"، ويشار في هذا السياق إلى ما نقلته شبكة إن بي سي الأميركية عن مسؤولين أميركيين بأنّ إدارة الرئيس بايدن "ناقشت إمكانية التفاوض على صفقة منفصلة مع حماس بوساطة قطرية لإطلاق سراح 5 محتجزين أميركيين".
وختم بلينكن تصريحاته في القاهرة بالحديث عن المساعدات الإنسانية قائلًا: "نعمل لإدخال المزيد من المساعدات إلى غزة بغض النظر عن التوصل لاتفاق من عدمه".
محادثات اليوم التالي
بحسب بيان للخارجية الأميركية فقد أطلع بلينكن نتنياهو على "الجهود الدبلوماسية الجارية للتخطيط لفترة ما بعد الحرب وأهميتها"، وعلى هامش لقائه بنتنياهو قال بلينكن إنّ "محادثات خطط اليوم التالي للحرب في غزة ستستمر بعد ظهر يوم الإثنين وخلال اليومين المقبلين".
وتعليقًا على المحادثات الإسرائيلية الأميركية حول هذه النقطة، قال وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش إنّ "هناك مخططًا وحيدًا يجري حاليًا هو إدخال السلطة الفلسطينية إلى غزة، والأغلبية الساحقة من الشعب الإسرائيلي تعارض قيام دولة فلسطينية". الأمر الذي يشي بمحورية نقطة عودة السلطة إلى غزة وتنشيط حلّ الدولتين في محادثات اليوم التالي للحرب.
يشار إلى أنّ جولة بلينكن الحالية في المنطقة هي الثامنة له منذ السابع من أكتوبر الماضي، وتعكس، حسب بعض المراقبين، التزام الإدارة الأميركية بالبحث عن حلول دائمة للأزمات المتفاقمة في الشرق الأوسط.