يستمر حدث استقالة مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية أندرو ميلر في التفاعل داخل الأوساط الدبلوماسية الأميركية والإسرائيلية على حدٍّ سواءٍ. وفي هذا الصدد نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل عن مسؤولٍ كبيرٍ في الخارجية الأميركية، قوله إنّ الاستقالة "يجب أن تنبه المسؤولين في إسرائيل أكثر من الأميركيين"، وذلك لأن ميلر "يحظى باحترامٍ كبيرٍ في تل أبيب ويدعم العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل"، وليس هناك شكٌّ حسب المسؤول الأميركي الذي لم تكشف الصحيفة الإسرائيلية هويته، "أن استقالة ميلر يجب أن تكون بمثابة دعوة للاستيقاظ للمسؤولين الإسرائيليين"، مشددًا، أي المسؤول الأميركي على أنه: "إذا كانت الحكومة الإسرائيلية تخلق بيئة يستقيل فيها أشخاص مثله، فمن الواضح أنهم يفعلون شيئا خاطئًا للغاية".
وربط المسؤول الأميركي الذي تحدث لتايمز أوف إسرائيل بين استقالة ميلر واتهام نتنياهو لواشنطن الثلاثاء الماضي "باحتجاز شحنات أسلحةٍ إلى إسرائيل"، إذ يتسبب مثل هذا السلوك حسب المسؤول الأميركي "في خسارة إسرائيل للأصوات الأكثر دقةً في الإدارة"، كما نقلت تايمز أوف إسرائيل عن المسؤول الكبير في الخارجية الأميركية قوله إن نتنياهو "يعمل بنشاطٍ على دق إسفينٍ أكبر بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وهذا يقود أشخاصًا مثل ميلر إلى الشعور بأنه ليس لديهم خيارٌ سوى الاستقالة"، حسب قوله.
يعد ميلر أعلى مسؤولٍ في الدبلوماسية الأميركية على اتصال بسياسة الحرب يستقيل من منصبه
وكان ميلر أعلن أمس الجمعة استقالته من منصبه كنائب مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون الإسرائيلية الفلسطينية، وربطت مصادر عدة بين الاستقالة والحرب الجارية في غزة، فبحسب المصادر كان ميلر "يعتزم الاستقالة منذ فترةٍ على خلفية موقف الإدارة الأميركية من حرب غزة"، وأضافت المصادر "أن ما عزز قرار ميلر هو موقف الإدارة الأميركية من الهجوم الإسرائيلي على مدينة رفح وإخفاقها في معالجة موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المتعنت".
ويعد ميلر أعلى مسؤولٍ في الدبلوماسية الأميركية على اتصال بسياسة الحرب يستقيل من منصبه. ومن موقعه ذلك كان "يأمل في تحولٍ ملموسٍ في موقف إدارة الرئيس جو بايدن، وسعى لاعتدال السياسات من داخل الحكومة"، لكنّ ذلك لم يتحقق فجاءت استقالته المفاجئة.
إلا أنّ وزارة الخارجية الأميركية ذكرت تعليقًا على الاستقالة أن ميلر "قدّم أسبابًا عائليةً مبررًا بها خروجه من منصبه وتقديم استقالته".
فيما صرّح المتحدث باسم الخارجية الأميركية لشبكة سي إن إن الأميركية بأن ميلر "صاحب خبرةٍ عميقةٍ ويقدم يوميًا آراء ثاقبةً للوزارة، وجميع العاملين في وزارة الخارجية متأسفون لاستقالة ميلر".
وتعدّ استقالة ميلر هي الأحدث من بين سلسلة استقالات شهدتها الخارجية والإدارة الأميركية منذ بدء إسرائيل عدوانها على غزة، ومن بين أبرز هؤلاء المستقيلين ستايسي غيلبرت مسؤولة وزارة الخارجية من مكتب السكان واللاجئين والهجرة، ولِيلي غرينبرغ، مساعد خاص لرئيس الأركان بوزارة الداخلية الأميركية، والمتحدثة الناطقة بالعربية باسم وزارة الخارجية الأميركية هالة غريط، وأنيل شيلين من مكتب حقوق الإنسان بوزارة الخارجية. حيث استقال هؤلاء بسبب تعامل الإدارة الأميركية مع العدوان الإسرائيلي على غزة، وهم يعملون معًا، حسب شبكة سي إن إن "لدعم الأصوات المعارضة للحرب والضغط على واشنطن لتغيير مسارها".
وصرحت هذه المجموعة وآخرون غيرهم "بأن وجهات نظرهم وخبراتهم ومخاوفهم لم يتم الالتفات إليها، وأن الإدارة الأميركية تتجاهل الخسائر الإنسانية الناجمة عن الحرب الإسرائيلية"، كما "تحدثوا عن عدم انتباه الإدارة لتأثير الحرب على مصداقية واشنطن".