تشعر دولة الاحتلال الإسرائيلي، بالقلق من اقتراب موعد جلسة محكمة العدل الدولية، في القضية التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا، ضدها بتهمة ارتكاب إبادة جماعية، في عدوانها على قطاع غزة.
وكشف موقع "واللا" الإسرائيلي، عن قيام خارجية الاحتلال، بإرسال برقية إلى عشرات السفارات الإسرائيلية حول العالم، تطالب فيها بإقناع أكبر عدد ممكن من الدول بنشر إخطارات الأسبوع المقبل، برفض الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي، بتهمة ارتكاب الإبادة الجماعية في عدوانها على قطاع غزة.
تقول البرقية الصادرة عن الخارجية الإسرائيلية: إن "قرار المحكمة له عواقب محتملة كبيرة على المستوى الثنائي والمتعدد الأطراف والأمني والاقتصادي والسياسي، في العالم العملي وخارج الجانب القانوني"
كما طلبت وزارة خارجية الاحتلال، من السفارات الإسرائيلية حول العالم حث مختلف الدول على الإعلان عن اعترافها بأن إسرائيل تحاول تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين في القطاع، وفق ما ورد.
وقال موقع "واللا": "يعتقد كبار المسؤولين في وزارة الخارجية أن نشر أكبر عدد ممكن من هذه الإخطارات قبل جلسة الاستماع التي ستعقد قرب نهاية الأسبوع المقبل سيزيد من فرصة أن يرفض قضاة المحكمة في لاهاي رفضًا قاطعا مطالبة جنوب أفريقيا، بإصدار أمر تقييدي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار".
وتقول البرقية الصادرة عن الخارجية الإسرائيلية: إن "قرار المحكمة له عواقب محتملة كبيرة على المستوى الثنائي والمتعدد الأطراف والأمني والاقتصادي والسياسي، في العالم العملي وخارج الجانب القانوني".
وتشير البرقية إلى أن "الهدف الاستراتيجي لإسرائيل هو دفع المحكمة إلى رفض طلب إصدار أوامر قضائية، وليس تحديد أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية من عدمه في غزة، والاعتراف بأن إسرائيل تشن حربًا معقدة بموجب قواعد القانون الإنساني الدولي في قطاع غزة".
وأبلغت السفارات الإسرائيلية أنه من المتوقع أن يرسل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، رسالة مماثلة إلى نظرائه في عشرات دول العالم في الأيام المقبلة.
وشددت الرسالة على أنه بموجب المعاهدة التي وقعتها إسرائيل، يتم تعريف الإبادة الجماعية أيضًا على أنها خلق ظروف لا تسمح ببقاء السكان مع نية تدميرهم، وكتبوا "لذلك فإن موضوع جهود إسرائيل لتقليل الأضرار التي لحقت بالسكان وكذلك زيادة المساعدات الإنسانية - أمر بالغ الأهمية"، وفق ما ورد.
من هو فريق إسرائيل القانوني؟
اختارت إسرائيل الخبير البريطاني في القانون الدولي مالكولم شو لتمثيلها في محكمة العدل الدولية، إلى جانب فريق من خارجية الاحتلال ووزارة القضاء.
وقدم مالكوم شو، سابقًا، المشورة للحكومة البريطانية وحكومات أجنبية أخرى ومنظمات دولية، ومثل أمام محكمة العدل الدولية في الماضي، وكذلك أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وأعلى محكمة في بريطانيا.
يقوم شو أيضًا بتدريس حصة في الجامعة العبرية في القدس كمحاضر ضيف كل عام.
وفي المرحلة الأولى من القضية، سيتعين على شو أن يتعامل مع طلب جنوب أفريقيا بإصدار أمر قضائي يأمر إسرائيل بوقف الحرب على قطاع غزة. ورغم أن مثل هذا الأمر يمكن تنفيذه من الناحية النظرية من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من خلال العقوبات، فمن المرجح أن تستخدم أمريكا حق النقض ضد مثل هذه الخطوة.
وتقول صحيفة "هآرتس": "الأمر القضائي يمكن أن يؤدي إلى نبذ إسرائيل والشركات الإسرائيلية وإخضاعها لعقوبات تفرضها الدول أو الكتل الفردية".
وتشعر إسرائيل بالقلق من توجه محكمة العدل الدولية، إذ حذر المدعي العام العسكري يفعات تومر يروشالمي، الأسبوع الماضي، كبار ضباط جيش الاحتلال من أن هناك خطرًا حقيقيًا من إصدار محكمة العدل الدولية مثل هذا الأمر القضائي.
وحددت المحكمة أولى جلسات الاستماع في هذه القضية يومي 11 و12 كانون الثاني/يناير.
وتشير صحيفة "الغارديان"، إلى أن "طلب جنوب أفريقيا لإصدار حكم مؤقت يتماشى مع الاتجاه الأوسع في محكمة العدل الدولية لمثل هذه الأحكام. وكانت الأطراف تسعى إلى الحصول على تدابير مؤقتة بوتيرة متزايدة: ففي العقد الماضي، أشارت المحكمة إلى تدابير مؤقتة في 11 قضية، مقارنة بعشر قضايا في الخمسين سنة الأولى من وجود المحكمة (1945-1995)".
هل تلتزم الدول؟
تنقل "الغارديان"، عن تقييمات للمحامي الأمريكي ماتي أليكسيانو، الذي أشار إلى أن إجراءات المحكمة التزمت بها الدول الأطراف في 50% فقط من القضايا، بينما في بعض القضايا، وهي عادةً القضايا الأحدث شهرة، بما في ذلك قضية أوكرانيا ضد روسيا في عام 2022، وادعاءات غامبيا بارتكاب إبادة جماعية ضد ميانمار في عام 2020، وناغورنو كاراباخ، والعقوبات الأمريكية على إيران، فقد تحدت الدولة الخاسرة المحكمة.
أمّا عن التزام إسرائيل من عدمه، فإن "الغارديان"، تشير إلى أنه "بغض النظر عن هذا النقاش، فإن الضرر الذي قد يلحق بسمعة إسرائيل نتيجة لهذا الحكم سيكون كبيرًا".
ماذا قدمت جنوب أفريقيا؟
تقول "الغارديان"، إن طلب جنوب أفريقيا "موضوعي ومبني على حجج قوية مكون من 80 صفحة، ومليء بإشارات مفصلة إلى كبار مسؤولي الأمم المتحدة وتقاريرها، ونادرُا ما يحيد عن غرضه الأساسي المتمثل في السعي لإثبات نية إسرائيل في الإبادة الجماعية. والمحامون الذين ترسلهم جنوب أفريقيا إلى لاهاي هم أفضل المحامين لديها. الكثير من حجج جنوب أفريقيا مستمدة من حكم محكمة العدل الدولية بشأن التدابير المؤقتة التي أصدرتها في قضية غامبيا ضد ميانمار في عام 2020".
ووفقاً للطلب، فإن "الأفعال والتقصيرات من جانب إسرائيل... هي إبادة جماعية في طابعها، لأنها ترتكب بنية محددة مطلوبة... لتدمير الفلسطينيين في غزة كجزء من المجموعة الوطنية والعنصرية والإثنية الفلسطينية الأوسع، وأن سلوك إسرائيل من خلال أجهزة الدولة ووكلاء الدولة وغيرهم من الأشخاص والكيانات التي تعمل بناءً على تعليماتها أو تحت توجيهها أو سيطرتها أو نفوذها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، يعد انتهاكًا لالتزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية".
وتقول جنوب أفريقيا: "إن المحكمة ليست مطالبة بالتأكد مما إذا كان قد حدث أي انتهاك لالتزامات إسرائيل بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية"، بل تسعى للحصول على قرار أولي من المحكمة "عن وجود نية لتدمير المجموعة، كليًا أو جزئيًا". مضيفةً: "ما يتعين على المحكمة أن تفعله في مرحلة إصدار أمر باتخاذ تدابير مؤقتة هو تحديد ما إذا كانت الأفعال موضع الشكوى... يمكن أن تندرج ضمن أحكام اتفاقية الإبادة الجماعية".
وتشير إلى أنه: "لا يتعين على المحكمة أن تقرر أن جميع الأفعال موضوع الشكوى يمكن أن تندرج ضمن أحكام الاتفاقية. ويكفي بعض الأفعال".
وتقول الصحيفة البريطانية: "لا تحتاج المحكمة إلى التأكد مما إذا كان وجود نية الإبادة الجماعية هو الاستنتاج الوحيد الذي يمكن استخلاصه من المواد المعروضة على المحكمة، لأن هذا الشرط من شأنه أن يصل إلى حد قيام المحكمة باتخاذ قرار بشأن موضوع الدعوى".
وتسعى جنوب أفريقيا إلى إثبات أن التدابير التي اتخذتها إسرائيل تتجاوز نطاق الدفاع عن النفس وتمتد إلى تدمير الفلسطينيين.
ويوضح الادعاء تفاصيل عدد الضحايا، والتهجير القسري، والحرمان من الطعام، والقيود المفروضة على الولادات، من خلال الهجمات على المستشفيات، قائلًة إنها أدلة كافية لاستنتاج نية الإبادة الجماعية.
سيقود الفريق الإسرائيلي في محكمة العدل الدولية، الخبير البريطاني مالكولم شو، الذي يقوم بتدريس حصة في الجامعة العبرية في القدس كمحاضر ضيف كل عام
ويضيف هذا الادعاء عنصرين آخرين: الدرجة التي تم بها استهداف الحياة الثقافية الفلسطينية، والدرجة التي دعا بها المسؤولون الإسرائيليون مرارًا وتكرارًا، دون أي استنكار عالمي، إلى تدمير ليس فقط حماس بل الفلسطينيين أيضًا.
وتورد جنوب أفريقيا أمثلة عديدة على "التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية من قبل مسؤولي الدولة الإسرائيلية"، بما في ذلك من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من خلال التهديدات بجعل غزة غير صالحة للسكن بشكل دائم، والإشارات إلى الفلسطينيين كـ"حيوانات بشرية" من قبل وزير الأمن يوآف غالانت، وكلها موثقة في المطالبة. كما تم الاستشهاد بدعوات الوزيرين اليمينيين المتطرفين بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير لتهجير أهالي القطاع خارج غزة.