كانت الإشارات الأولى عن قرب انفجار الوضع بالسودان هو بيان الجيش السوداني عن تحريك قوات الدعم السريع لقطاعات من قواتها تجاه مدينة مروي شمال البلاد بدون التنسيق معه، وارتبط هذا التحرك بالحديث عن وجود قوات مصرية بمطار المدينة.
مقاطع جنود الجيش المصري، من أول المقاطع المصورة التي خرجت من السودان بعد بداية اليوم من الأول الاشتباكات
وبعد انفجار الموقف واندلاع المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يوم الأحد، تم تداول مقاطع مصورة على وسائل التواصل الاجتماعي، لجنود مصريين أسرى بعد اعتقالهم من قبل قوات الدعم السريع في مطار مروي. وهو ما أكده في وقتٍ لاحق حساب الدعم السريع الرسمي على تويتر، حيث أشار إلى "تسليم كتيبة من الجيش والقوات المصرية نفسها لقوات الدعم السريع بمروي".
وقد أثارت المقاطع المصورة الواصلة من السودان لجنود الجيش المصري، حالةً واسعة من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي، وتحولت إلى حالة من الغضب ضد قوات الدعم السريع والمطالبة برد مصري على ما حصل من "إهانة" للجيش المصري.
وعلى خلفية ما سبق، صدر بيان عن القوات المسلحة المصرية، أشار إلى أن القوات المصرية المشتركة موجودة في السودان لإجراء تدريبات عسكرية.
وصرح المتحدث العسكري باسم الجيش المصري بأن "القوات المسلحة المصرية تتابع من كثب، الأحداث الجارية في السودان، ويجري التنسيق مع الجهات المعنية في السودان لضمان تأمين القوات المصرية". وأضاف: "تهيب القوات المسلحة المصرية بالحفاظ على أمن وسلامة القوات المصرية المشتركة الموجودة لإجراء تدريبات مع نظرائهم في السودان".
كتيبه من الجيش والقوات المصرية تسلم نفسها لقوات الدعم السريع بمروي⭕
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ#قوات_الدعم_السريع#جاهزية_سرعة_حسم pic.twitter.com/3t4oNoCpPg— Rapid Support Forces - قوات الدعم السريع (@RSFSudan) April 15, 2023
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مصادر أمنية مصرية، حديثها عن التمكن من التواصل مع قائد القوة المصرية المتواجدة في السودان.
وبالتزامن مع بيان الجيش المصري، أعربت قوات الدعم السريع على لسان مسؤولها الإعلامي عن أسفها لانتشار المقطع المصورة لجنود الجيش المصري في قاعدة مروي.
وعبر قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عن أسفه لانتشار المقطع المصور، مؤكدًا أن "الكتيبة المصرية لا تعتبر عدو، وسلمت نفسها دون مقاومة"، ووجه رسالة للمصريين، قائلًا: "أولادكم في الحفظ والصون وفي مكان آمن، ومستعدين لتسليمهم للحكومة المصرية".
وجود محدود بعد مناورات عسكرية
تتحدث مصادر غير رسمية مصرية وسودانية أن وجود القوات المصرية في السودان مرتبط في قضية سد النهضة، لكن هذا التواجد يتم بدون إعلان رسمي من قبل القاهرة أو الخرطوم.
وكان آخر إعلان رسمي عن تواجد قوات مصرية في السودان في أيار/مايو 2021، ويتعلق بإعلان المتحدث باسم القوات المسلحة المصرية عن وصول قوات مصرية للمشاركة في التدريب المشترك "حماة النيل"، ويتضمن مشاركة قوات برية وبحرية وجوية، من مصر والسودان.
شاهد | قوات "الدعم السريع" تُهين جنوداً مصريين أسرى!
📌 نشرت "القوات" مقطع فيديو قالت إنه في مدينة مروي أظهر جنوداً مصريين كانوا يُجرون تدريبات مع جنود سودانيين وقد سلّموا أنفسهم في حين قال "حميدتي" إن قواته مستعدة لتسهيل عودتهم إلى بلادهم.#تلفزيون_سوريا #نيو_ميديا_سوريا pic.twitter.com/UAlelW0zqr— تلفزيون سوريا (@syr_television) April 16, 2023
وأضاف المتحدث في حينه أن "هذه التدريبات تأتي استمرارًا لسلسلة التدريبات السابقة نسور النيل-1، ونسور النيل -2". وأشاد المتحدث "بما تتسم به القوات المصرية من كفاءة وجاهزية عالية وخبرات تدريبية وقتالية متميزة"، مؤكدًا أن "التدريب يهدف إلى تبادل الخبرات وتعزيز سبل التعاون العسكري بين البلدين".
وربط الإعلان عن تواجد القوات المصرية في ذلك الوقت، باستعدادات إثيوبيا لعملية الملء الثاني لسد النهضة، والتي أطلقت موجةً من التهديدات المصرية في حال المس بحصة مصر من مياه النيل، لكن الملء الثاني تم وتلاه الملء الثالث دون أن يتطور التهديد المصري إلى مواجهة عسكرية، مع بقاء القوات المصرية في السودان.
وفي نهاية العام الماضي، طالبت عدة جهات سياسية، ومن بينها لجان المقاومة، بإنهاء الوجود العسكري المصري في قاعدة مروي الاستراتيجية، وذلك لما يمثله من دعم، للعسكر في السودان.
أمّا عن مصير جنود الجيش المصري في السودان، فبحسب صحيفة "العربي الجديد" هناك تباينات في التقديرات المصرية بشأن التعامل مع أزمة الجنود المحتجزين، ففي حين يرى الفريق الأول ضرورة التعامل بحزم مع الأزمة والتدخل بشكلٍ حاسم وعاجل لتحرير الجنود، يرى فريق آخر أنه لا داعي لتصعيد الموقف مفضلًا اتباع الطرق الدبلوماسية، لا سيما أن الجنود كانوا في مهمة سلمية ووجودهم في السودان شرعي.
وتقلل التقديرات من إمكانية تدخل مصر بشكلٍ عسكري في الفترة الحالية، سواء من أجل سحب جنودها أو لدعم الجيش السوداني، وذلك في ظل عدم رغبتها في التورط بالمعارك، والتي ما تزال غير محسومة حتى الآن.
تحاول كل الأطراف تطويق الأزمة، المرتبطة في جنود الجيش المصري بالسودان، خطابيًا على الأقل
ولم تتفاعل السلطات المصرية بشكلٍ كبير مع قضية جنود الجيش المصري في السودان، فيما قامت بحجب مواقع "بي بي سي" العربية والإنجليزية، ومن ثم موقع "المصري اليوم"، وذلك بعد نشر تقارير تتعلق في جنود الجيش المصري في السودان، ولم تعد المواقع للعمل من جديد، إلاّ بعد حذف التقارير المرتبطة بالقضية.
