27-يونيو-2024
انتخابات إيران الرئاسية

الانتخابات الرئاسية في إيران (غيتي)

يتوجّه الإيرانيون يوم الجمعة 28 حزيران/يونيو إلى مكاتب الاقتراع في مختلف أنحاء الجمهورية الإسلامية لاختيار الرئيس التاسع لإيران منذ الثورة التي أطاحت بالشاه.

وتُجرى الانتخابات الرئاسية، في وقت سابق لأوانها، بسبب وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي أيار/مايو المنصرم  في حادث تحطم طائرة هليكوبتر كانت تقله مع وفد مرافق له في محافظة أذربيجان الشرقية شمالي غربي إيران.

وتنظّم  الانتخابات الرئاسية الحالية في ظل سياق دقيق بالنسبة لإيران التي تواجه توترات داخلية وأزمات جيوسياسية من الحرب في غزة والتصعيد في لبنان إلى الملف النووي.

أظهر أحدث استطلاع للرأي في إيران تَقدم المرشح الإصلاحي الوحيد في السباق الرئاسي الحالي مسعود بزشكيان على منافسيْه الرئيسيين المحافظ المتشدد سعيد جليلي ومحمد باقر قاليباف الذي يعد أحد أبرز وجوه المحافظين خلال العقدين الماضيين

وفي آخر مستجدات السباق الرئاسي أسقط المرشحان المحافظان أمير حسين غازي زاده هاشمي، وعلي رضا زاكاني ترشيحهما، وحثا المرشحين الآخرين على فعل الشيء نفسه "حتى يتم تعزيز جبهة الثورة"، في إشارة إلى الجناح المحافظ الذي بقي منه حتى الآن 3 مرشحين هم كل من سعيد جليلي كبير المفاوضين النوويين السابق، ومحمد باقر قاليباف رئيس البرلمان، بالإضافة لمصطفى بور محمدي وزير العدل السابق،  في مواجهة مرشح إصلاحي وحيد هو مسعود بزشكيان الذي أظهرت استطلاعات رأي متعددة تقدمه على بقية منافسيه. ما يرفع من احتمالات أن يسقط مرشحون آخرون من التيار المحافظ ترشحاتهم لتعزيز حظوظ أكثرهم قدرة على منافسة بزشكيان، ويتعلق الأمر أساسًا بالمرشح سعيد جليلي الذي حل ثانيًا في استطلاعات الرأي، ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف الذي جاء ثالثًا  في معظم الاستطلاعات.

يذكر أن الرئيس المنتخب في إيران يعد ثاني أعلى منصب رسمي في البلاد بعد المرشد الأعلى علي خامنئ الذي يحوز السلطة الحقيقية، في حين يتولى الرئيس وحكومته، حسب الدستور الإيراني، تطبيق القوانين التي يشرعها البرلمان، ويوقع الاتفاقيات مع الدول الأخرى ويعين السفراء ويوافق عليهم أو يرفضهم، كما يتولى قضايا البرمجة والميزانية والتوظيف ويختار وزراءه شريطة موافقة البرلمان عليهم بعد ذلك، كما يمكنه عزل البرلمان.

تُنظّم إيران انتخاباتٍ رئاسية سابقة لأوانها بسبب وفاة الرئيس السابق إبراهيم رئيسي في حادث تحطم مروحية كانت تقله شمالي غربي إيران 

لا يرى قطاعٌ واسع من الإيرانيين في هذه الصلاحيات سلطة حقيقية، ولذلك خفّ إقبالهم على المشاركة في الانتخابات الرئاسية، ففي انتخابات 2021 سجلت إيران أقل نسبة مشاركة في تاريخ نظامها الحالي بنسبة 48.8 في المئة، وتتوقع استطلاعات الرأي في الانتخابات الحالية السابقة لأوانها أن تتراجع تلك النسبة إلى حدود 44 في المئة فقط.

النظام الانتخابي في إيران

يحق لجميع المواطنين الإيرانيين البالغين من العمر 18 عاما فما فوق التصويت في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ما يعني أن أكثر من 61 مليون من سكان إيران البالغ عددهم أكثر من 85 مليون مؤهلون للإدلاء بأصواتهم. وجلّ هؤلاء من الشباب الذي تنافس المرشحون في إقناعهم عبر خرجاتهم الإعلامية وأنشطة حملاتهم الانتخابية.

وينص قانون الانتخابات على فرز جميع الأصوات يدويًا، لذلك لن يتم الإعلان عن النتيجة النهائية للانتخابات قبل يومين على الأقل، لكن النتائج الأولية تظهر في العادة قبل ذلك.

وفي حال لم يحصل أي مرشح على 50 بالمئة من الأصوات، بالإضافة إلى صوت واحد من جميع الأصوات التي تم الإدلاء بها، بما يشمل البطاقات التي لم يختر أصحابها أيًا من المرشحين، فسيتم تنظيم جولة ثانية بين المرشحيْن اللذين حصلا على أكبر عدد من الأصوات.

استطلاعات

أظهر أحدث استطلاع للرأي نظمه مركز "إيسبا" تقدم المرشح الإصلاحي مسعود بزشكيان على منافسيه المحافظين، حيث حلّ المرشح الإصلاحي أولًا بنسبة 24.4% من المستطلعة آراؤهم، يليه المرشح سعيد جليلي في المرتبة الثانية بنسبة 24% ورئيس البرلمان محمد باقر قاليباف في المركز الثالث بنسبة 14.7%.

ويبلغ بزشكيان من العمر 69 عامًا، وهو جراح قلب، وكان أحد العناصر المرتبطة بالإدارة السابقة للرئيس حسن روحاني، الذي توصل إلى الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع القوى العالمية. وحصل بازشكيان على دعم الرئيس الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي.

وكان المجلس التنفيذي لوزارة الداخلية قد رفض في البداية مؤهلات بيزيشكيان للانتخابات البرلمانية، قبل أن يوافق عليها مجلس صيانة الدستور في وقت لاحق. ورفض المجلس التنفيذي مؤهلات بزشكيان على أساس "عدم الالتزام بالجمهورية الإسلامية".

وكانت الجبهة الإصلاحية سمت كلا من عباس أخوندي ومسعود بزيشكيان وإسحاق جهانغيري، كمرشحين مقبولين للانتخابات الرئاسية المقبلة. ومع استبعاد أخوندي وجيهانغيري، يبقى بيزيشكيان الخيار الإصلاحي الوحيد في السابق الرئاسي.

وعلى الرغم من ارتباط اسمه بالإصلاحيين  يصف بزيشكيان نفسه بأنه محافظ إصلاحي حيث سبق أن قال: "أنا محافظ، وهذه هي المبادئ التي نريد الإصلاح من أجلها". وسبق لبزيشكيان أن شغل منصب وزير الصحة  في الحكومة الإصلاحية الثانية 2001 ـ 2005، ومنذ العام 2008 وحتى الآن وهو ممثل تبريز وآذرشهر وأوسكو في مجلس الشورى.

وسبق له أن سجل سابقاً للانتخابات الرئاسية في عام 2013 لكنه انسحب لاحقا بسبب تسجيل أكبر هاشمي رفسنجاني في نفس الانتخابات، أما في انتخابات عام 2021 التي فاز بها رئيسي فلم يوافق مجلس صيانة الدستور على مؤهلاته.

أما سعيد جليلي الذي يعد أوفر الأسماء المحافظة في السباق الرئاسي فيوصف بالمحافظ المتشدد، فخلال فترة رئاسته للمفاوضات النووية الإيرانية، فُرضت على إيران أقسى العقوبات من دون التوصل إلى اتفاق نهائي.

ومع ذلك، يجادل أنصاره بأنه قاوم الضغوط الغربية واتبع سياسة "عدوانية ومتطلبة"، رافضًا الرضوخ لمطالب الدول القوية.

فيما تواتر دبلوماسيون غربيون على وصف خطاباته خلال المفاوضات بأنها "طويلة وغير ذات صلة وبأنه غير مرن"

يذكر أن جليلي عضو في "مجمع تشخيص النظام" منذ 2013 وحتى الآن وذلك بقرار من المرشد الأعلى لإيران خامنئ.

وبالنسبة للمحافظ الآخر محمد باقر قاليباف الذي حلّ ثالثا في معظم استطلاعات الرأي، فهو يعد شخصيةً بارزة بين المحافظين على مدى العقدين الماضيين، واستطاع، بخلاف المعتاد، أن يترأس مجلس الشورى الحالي لعهدتين، على الرغم من الخلافات بينه مع بعض زملائه المحافظين.

وفي حال انسحاب بقية المرشحين المحافظين لصالح أحدهم، من المرجح أن يتمكن التيار المحافظ من حسم السباق الرئاسي، أو يتأجل الحسم على الأقل إلى الجولة الثانية في مواجهة المرشح الإصلاحي الوحيد بزشكيان.