فاجأت النسخة السابعة عشر من كأس العالم 2002 المتابعين، فشهد دور المجموعات خروج أبرز فريقين مرشّحين لنيل اللقب، وهما فرنسا بطلة أوروبا 2000 والعالم 1998، إضافة إلى الأرجنتين التي تملك كوكبة رائعة من النجوم. في المقابل كان هنالك مفاجآت سارّة كتركيا والسنغال، بينما تأهّل مستضيفا البطولة كوريا واليابان إلى دور الـ16 لأول مرّة في تاريخهما، فخرجت اليابان من الدور ثمن النهائي أمام تركيا، وحقّقت كوريا المستحيل عندما أقصت إيطاليا من دور الـ16 بالهدف الذهبي، وإسبانيا من دور الثمانية بركلات الترجيح.
قرر رونالدو أن يحلق رأسه بطريقة غريبة، وذلك كي لا يتكلّم أحد عن إصابته ويتحدّث عن تسريحته الغريبة
ضمّ الدور ربع النهائي من كأس العالم 2002، 8 فرق من 5 قارّات للمرّة الوحيدة في تاريخ البطولة، فمثّل آسيا فريق كوريا الجنوبية، وأمريكا الشمالية الولايات المتحدة، ومثّل أفريقيا السنغال، إضافة إلى البرازيل من أمريكا الجنوبية، وتركيا وإسبانيا وألمانيا وإنجلترا من أوروبا.
واجهت ألمانيا في الدور ربع النهائي من كأس العالم 2002 فريق الولايات المتّحدة، ورغم أداء الأمريكيين الرائع وتفوّقهم على ألمانيا في الكثير من مراحل اللقاء، إلا أن بطاقة العبور إلى الدور نصف النهائي كانت من نصيب المانشافت بهدف وحيد، سجّله نجم الفريق مايكل بالاك، وبالتالي ضربت ألمانيا موعداً مع كوريا الجنوبية قاهرة إيطاليا وإسبانيا.
من حسن حظّ السنغال وتركيا أن الأقدار جمعتهما في الدور ربع النهائي من كأس العالم 2002، فالفائز سيصل إلى الدور نصف النهائي لأول مرّة في تاريخه، وكانت السنغال تأهّلت إلى هذه المرحلة عقب فوزها على السويد 2-1 بالهدف الذهبي، بينما تغلّبت تركيا على اليابان بهدف وحيد، وهنا أذاقت تركيا السنغال من الكأس ذاته الذي شربت منه السويد وإيطاليا، حيث سجّل إلهان مانسيز هدف الأتراك الوحيد في الوقت الإضافي الأول، فخرجت السنغال من بطولة كأس العالم 2002 إثر هذا الهدف الذهبي، وواصلت تركيا مغامرتها في المونديال.
لا يوجد في دور الثمانية أهم من مواجهة البرازيل وإنجلترا، فالفريق الفائز سيكون أكثر المرشحين لنيل اللقب، سيّما وأن كبار اللعبة خرجوا من بطولة كأس العالم 2002 أمثال إيطاليا وفرنسا والأرجنتين، ومع بداية اللقاء استطاع مايكل أوين أن يمنح بلاده هدف التقدّم، لكن البرازيل أبت الخروج من الشوط الأول وهي خاسرة، فاستغلّ ريفالدو مجهوداً رائعاً من رونالدينيو ، وأحرز هدف التعادل لبلاده.
في مطلع الشوط الثاني سنحت للبرازيل ركلة حرّة مباشرة، اعتقد الجميع أنّ رونالدينو سيرفعها لزملائه، لكنّه صوّبها مباشرة إلى مرمى الحارس ديفيد سيمان، حيث تقدّم الأخير إلى الأمام معتقداً أن اتجاه الكرة سيكون نحو المهاجمين، عندها تقدّمت البرازيل على الإنجليز بهدفين لهدف، ورغم طرد نجم اللقاء رونالدينو بعد الهدف بـ5 دقائق، بسبب خشونته مع داني ميلز، وإصابة المهاجم الخطير رونالدو، وبقاء 40 دقيقة على نهاية اللقاء، إلا أن الإنجليز لم يستغلّوا تفوّقهم العددي، فاستطاعت البرازيل أن تخرج منتصرة في أصعب مباراة لها في كأس العالم 2002، وضربت موعداً مكرّراً مع تركيا في الدور نصف النهائي.
تعذّبت البرازيل كثيراً عندما قابلت تركيا في دور المجموعات في كأس العالم 2002، وانتصرت حينها 2-1 بمساهمة حكم اللقاء، والذي منح السامبا ركلة جزاء غير صحيحة نفّذها ريفالدو بنجاح، وهنا رغب الأتراك أن يردّوا بانتقام، وليس هنالك زمان ولا مكان للردّ أفضل من الدور نصف النهائي.
خرج نجم البرازيل رونالدو من لقاء إنجلترا في كأس العالم 2002 مصاباً، وكان جلّ اهتمام الصحافة العالمية هو مدى قدرته على اللعب أمام تركيا، وإمكانية عودة إصابته التي أبعدته عن الملاعب أكثر من عامين، لذلك قصّ رونالدو شعر رأسه بطريقة غريبة، وترك نصف دائرة في الأمام. يقول رونالدو" الكلّ كان يتحدّث عن الإصابة وابتعادي لسنوات وطرح تساؤلات عن احتمالية خوضي للمباراة، ولكن حين فعلت ذلك أصبح الكل يتحدث عن تسريحة شعري الغريبة، فتمكنت من الاسترخاء، كان أمراً ممتعاً ". وتألّق رونالدو أمام تركيا مرّة أخرى، وقاد بلاده للمباراة النهائيّة من كأس العالم 2002 بهدف وحيد سجّله بنفسه.
سجّل التركي حاكان شوكور أسرع هدف في تاريخ كأس العالم بالثانية 10.8
كرّرت ألمانيا ما فعلته أمام الباراغواي وأمريكا في الدورين الثمن والربع النهائي من كأس العالم 2002، وغلبت كوريا الجنوبية صاحبة الأرض بهدف وحيد أحرزه مايكل بالاك، فحجزت موعداً مع البرازيل في النهائي، ومع نهاية هذه المباراة ضمّ المدرب الألماني رودي فولر بالاك إلى صدره وواساه، لأن اللاعب صاحب الرقم 13 سيغيب عن المباراة النهائية بسبب تراكم الإنذارات، حيث اضطر أن يعرقل لاعباً كوريّاً كاد أن ينفرد بحارس المرمى المتألق أوليفر كان. يقول المدرّب رودي فولر "رغم أن بالاك كان يعرف أن بطاقة صفراء أخرى ستمنعه من خوض النهائي، إلا أنه ارتكب خطأ تكتيكيّاً ضروريّاً للغاية، لذلك يستحق التحيّة والتقدير".
بعد أن غلبت تركيا اليابان صاحبة الضيافة في دور الـ16 من كأس العالم 2002، كرر أبناء المدرب شينول غونيش فعلتهم أمام كوريا الجنوبية، وأذاقوا صاحبة الأرض مرارة الخسارة في مباراة تحديد المركزين الثالث والرابع 3-2، وكان هدف حاكان شوكور هو أبرز الأحداث التي حصلت في هذا اللقاء وفي كأس العالم 2002 عمومًا، لأنه أتى بعد 10.8 ثوانٍ من بداية المباراة، ليصبح المهاجم التركي صاحب أسرع هدف في تاريخ كأس العالم.
رغم عدم فشل أي الفريقين في التأهل لكأس العالم بتاريخهما، إلا أن البرازيل وألمانيا لم يلتقيا على الإطلاق موندياليّاً، والموعد الأول سيكون في المباراة النهائيّة من كأس العالم 2002 التي ستقام بيوكوهاما اليابانية. تعذّبت ألمانيا كي تشارك في كأس العالم، فلعبت مباراتي ملحق مع أوكرانيا كي تحقق مبتغاها، وتعرّضت لخسارة قاسية على أرضها أمام إنجلترا 5-1، بينما لم يكن حال البرازيل في كأس العالم 2002 أفضل من الألمان، بل أسوأ بكثير.
فالفريق تعرّض لست خسارات في التصفيات قبل أن ينجح في التأهل لكأس العالم 2002، وهو أسوأ سجلّ بتاريخ البرازيل في تصفيات كأس العالم، وفي مرحلة التصفيات هذه تناوب على تدريب الفريق 4 مدربين آخرهم سكولاري، والذي تعرّض لانتقادات شديدة بسبب عدم استدعاءه روماريو، بل جلب للفريق رونالدو الذي لم يلمس الكرة منذ أكثر من عامين بسبب الإصابة، وريفالدو نجم برشلونة الذي تراجع أداؤه في الآونة الأخيرة، وهنا لم يتوقّع أكثر المتفائلين أن البرازيل ستصل للمباراة النهائيّة في كأس العالم 2002.
كان نجم ألمانيا الأول في بطولة كأس العالم 2002 هو الحارس أوليفر كان، والذي استطاع أن يحافظ على شباكه في الأدوار الإقصائيّة، والتي فاز فيها فريقه ثلاث مرّات بنتيجة واحدة 1-0، ولكن في المباراة النهائية كان أوليفر سبباً رئيسياً في تسجيل البرازيل هدفها الأول عبر المتألق رونالدو، عندما فشل في السيطرة على تسديدة ريفالدو، فارتدّت الكرة الزاحفة منه إلى رونالدو الذي أودعها في الشباك في الدقيقة 67، قبل أن يعاود رونالدو الكرّة ويسجّل هدف فريقه الثاني في المباراة بالدقيقة 79، ويمنح البرازيل كأسها الخامسة.
وهنا رفع كافو كأس البطولة في ثالث مباراة نهائيّة يشارك بها، وبرهن المدرب لويس فيليبي سكولاري على صحّة اختياراته، فاللاعب المصاب رونالدو أحرز 8 أهداف تُوّج بها هدّافاً لكأس العالم، وأحرز أغلى هدفين في مسيرته الدولية بالمباراة النهائيّة في كأس العالم 2002، في شباك الحارس الذي توّج كأفضل لاعب وأفضل حارس في البطولة، وهو الحارس الوحيد الذي يحظى بهذا الإنجاز.
قال مدرّب البرازيل سكولاري عقب التتويج بكأس العالم 2002، " بمقدور رونالو تسجيل الأهداف وهو مغمض العينين، قدّم لنا كأس عالم استثنائيّاً، وحسم الموقف في أدقّ الظروف عندما تصاعدت الضغوط في المباراة النهائيّة".