تتصاعد ظاهرة الاستيطان الرعوي في الضفة الغربية، ويمتزج فيها العنف الاستيطاني مع الجموح نحو السيطرة على أكبر كم من الأراضي، مع تهجير أهالي المناطق المستهدفة، وهي في غالبها المناطق المصنفة "ج".
ويقود هذه الظاهرة حاليًا تيارات الصهيونية الدينية، التي تتمظهر في مجموعات "فتية التلال" بالأساس، إلى جانب حركات استيطانية أخرى مثل حركة نحالا، ومجموعات حاخامية قومية، وتيارات الحردليم.
تناولت صحيفة "نيويورك تايمز"، الاستيطان الرعوي في تقرير جديد لها من الضفة الغربية، ركزت فيه على تهجير الفلسطينيين
وتناولت صحيفة "نيويورك تايمز"، الاستيطان الرعوي في تقرير جديد لها من الضفة الغربية، ركزت فيه على تهجير الفلسطينيين، وقالت في افتتاح تقريرها: "في حظائر الأغنام المهجورة في البقعة، وهي قرية فلسطينية نائية في الضفة الغربية، لا يزال بإمكانك شم رائحة الماشية. لكن الأغنام نفسها، وكذلك رعاتها، اختفت". مشيرةً إلى تهجير 54 فلسطينيًا من القرية بشكلٍ جماعي، نتيجة أقامت مجموعة استيطانية من الرعاة مستوطنة على بعد أمتار منهم في حزيران/ يونيو الماضي. أمّا سبب التهجير، فهو نتيجة "إرهاب السلاح" الإسرائيلي المستمر تجاه القرية الصغيرة.
وقال محمد مليحات، أحد سكان القرية، الذي نزّل إلى وادٍ على بعد خمسة أميال: "كانت مهمتهم استفزازنا. يريدون إخلاء المنطقة".
وبحسب تقديرات أممية، فإن العام الأخير يشهد ذروة عملية تهجير سكان القرى الفلسطينية في مناطق الأغوار والجبال، وبمعدلات غير مسبوقة وصلت إلى تهجير أكثر من 5 تجمعات بشكلٍ كامل، وأكثر من 1100 فلسطيني في العموم.
وفي الوقت نفسه، يقوم المستوطنون الإسرائيليون بإنشاء بؤر استيطانية عشوائية للرعي بمستويات قريبة من المستويات القياسية، غالبًا بالقرب من القرى الفلسطينية، وفقًا لتقييمات الأراضي التي أجرتها منظمة كرم نافوت. وتقول المجموعة إنه تم إنشاء ما لا يقل عن 20 موقعًا استيطانيًا جديدًا منذ بداية العام، وقد قام الجيش الإسرائيلي بتفكيك عدد قليل منها قبل إعادة تجميعها.
وكانت النتيجة هي التوسع المتسارع للوجود الاستيطاني الإسرائيلي عبر مساحات كبيرة واستراتيجية من الأراضي –أكثر من 140 ميلًا مربعًا، وفقًا لكرم نافوت– والتهجير المتزامن للفلسطينيين من نفس المناطق الريفية.
وقال أرييل دانينو، وهو مستوطن إسرائيلي يعيش في موقع استيطاني ويساعد في قيادة الجهود لبناء مواقع جديدة لـ"نيويورك تايمز": "إن إجلاء السكان ليس أفضل شيء. لكننا نتحدث عن حرب على الأرض، وهذا ما يحدث في أوقات الحرب"، وفق قوله.
وتنشر إسرائيل 130 مستوطنة إسرائيلية في الضفة الغربية، إلى جانب رقم مشابه من البؤر الاستيطانية، ولكنها منذ اتفاقية أوسلو أوسلو قبل 30 عامًا، لم تقرر إنشاء إلّا مستوطنة واحدة جديدة من الصفر، لكنها قامت بإقرار الموافقة وقوننة عشرات البؤر الاستيطانية، مع معدلات بناء مرتفعة في المستوطنات القائمة حاليًا، تصل ذروتها في العام الحالي.
ورغم جهود دولة الاحتلال في تعزيز الاستيطان، إلّا أنّ التيارات الاستيطانية، ترغب في المزيد من الاستيطان بالضفة الغربية، وتقوم بتوسيع المستوطنات وإقامة بؤر استيطانية بشكلٍ دوري في الضفة الغربية.
ومنذ 2018 تقريبًا، بدأت مجموعات صغيرة من المستوطنين في إقامة بؤر استيطانية رعوية بشكل منهجي في مواقع نائية.
وقال زئيف هيفر، زعيم المستوطنين الذي قاد هذه الاستراتيجية، في خطاب ألقاه في عام 2021، وحصلت صحيفة هآرتس الإسرائيلية على تسجيل له: "هذه هي الطريقة التي سيتم بها تجنيد الدولة للمهمة"، متابعًا القول: "سوف نتصرف كما لو كانت هذه الأرض هي آخر شيء نملكه في هذه الحياة"، مضيفًا: "وستكون هذه هي الطريقة التي ستتعامل بها الدولة أيضًا مع هذه الأرض".
بحلول أوائل عام 2021، قدر هيفر أن استراتيجيته ضاعفت الانتشار الجغرافي للمشروع الاستيطاني بالضفة الغربية، بزيادة قدرها حوالي 40 ميلًا مربعًا في ثلاث سنوات تقريبًا.
بحسب تقديرات أممية، فإن العام الأخير يشهد ذروة عملية تهجير سكان القرى الفلسطينية في مناطق الأغوار والجبال
وتحتل أراضي الرعي التابعة للمزارع الآن 100 ميل مربع أخرى، ليصل المجموع إلى حوالي 6% من مساحة الضفة الغربية، وفقًا لتقديرات كرم نافوت.
وقال شاؤول أرييلي، العقيد السابق في الجيش الإسرائيلي الذي شارك بشكل كبير في عملية أوسلو ويعارض الجهود المبذولة: "الهدف هو تعزيز الوجود اليهودي في المناطق الرئيسية في الضفة الغربية من أجل منع إمكانية قيام الدولة الفلسطينية وعرقلة السيادة الفلسطينية. وكان التأثير غير المباشر هو الزيادة الحادة في تهجير الرعاة الفلسطينيين".