تسبب الهجوم الروسي الأخير على البنية التحتية الأوكرانية، يوم الأربعاء، بانقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء أوكرانيا، بسبب تعطل شبكة الكهرباء، مما يفاقم الوضع الصعب في أوكرانيا مع بداية فصل الشتاء.
تسبب الهجوم الروسي الأخير على البنية التحتية الأوكرانية، يوم الأربعاء، بانقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء أوكرانيا
وأعلنت السلطات العسكرية في العاصمة الأوكرانية كييف، عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 3 آخرين جراء غارة روسية ضربت مبنى مكونًا من طابقين، ونقلت وكالة "أسوشييتد برس" عن مسؤولين أوكرانيين، قولهم إن "روسيا نفذت غارات بمدن أوكرانية منها كييف، استهدفت البنية التحتية"، وجاء الهجوم بعد ساعات من إعلان السلطات الأوكرانية أن "هجومًا صاروخيًا خلال الليل دمر جناحًا للولادة في مستشفى جنوبي أوكرانيا، ما أسفر عن مقتل رضيع يبلغ من العمر يومين".
وغرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تويتر بعد ضربات، يوم الأربعاء، وقال إنه أصدر تعليماته لسفير أوكرانيا لدى الأمم المتحدة لطلب عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن، وكتب على حسابه إن "قتل المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية أعمال إرهابية، وستواصل أوكرانيا المطالبة برد حازم من المجتمع الدولي على هذه الجرائم".
بدوره، قال قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني إن قوات بلاده "أسقطت 51 من بين 67 صاروخ كروز أطلقتها روسيا الأربعاء، ضمن قصف استهدف منشآت لتوليد الطاقة، وأضاف زالوجني، أن "30 صاروخًا استهدفت كييف وحدها، وجرى إسقاط 20 منها". وتستهدف القوات الروسية في الفترة الأخيرة بشكل متزايد البنية التحتية الحيوية لأوكرانيا، خاصة شبكة الكهرباء، مع تعرضها لانتكاسات على جبهات القتال في أوكرانيا. فيما قالت السلطات الأوكرانية إنها تعمل على إعادة التيار الكهربائي بالتدريج على المدن الأوكرانية، مع عودة المياه إلى العاصمة كييف بشكلٍ تدريجي أيضًا.
وفي هذا الإطار، يشهد جنوب وشرق أوكرانيا معارك ضارية، فيما سجلت القوات الأوكرانية تقدمًا استراتيجيا مهمًا على جبهة ميكولايف، حيث دارت معارك بين القوات الأوكرانية والروسية على أطراف شبه جزيرة كينبورن، وهي المنطقة الواقعة على الضفة اليسرى لنهر دنيبرو جنوب أوكرانيا. وقال رئيس الإدارة العسكرية للمنطقة فيتالي كيم "لا يزال علينا استعادة 3 بلدات في شبه جزيرة كينبورن لتحرير منطقة ميكولايف بالكامل".
وكانت المتحدثة باسم القيادة الجنوبية للجيش الأوكراني ناتاليا غومينيوك قد أشارت الاثنين إلى "عملية عسكرية جارية حاليًا في شبه جزيرة كينبورن". وقالت "نواصل القتال، ولدى توفّر نتائج سنبلغ عنها". وسيشكل استعادة الجيش الأوكراني لكامل منطقة ميكولايف انتصارًا مهمًا لأوكرانيا، حيث تكتسب ميكولايف أهمية خاصة كونها قريبة من مدينة أوديسا الاستراتيجية على البحر الأسود، ولكونها تعد مركزًا لبناء السفن. ويأتي هذا الانتصار بعد أيام قليلة فقط من انسحاب القوات الروسية من مدينة خيرسون العاصمة الإقليمية الوحيدة التي تمكنت روسيا من السيطرة عليها منذ عملية اجتياحها لأوكرانيا في شباط/ فبراير الماضي.
إلى ذلك، نفى حاكم شبه جزيرة القرم الروسي سيرغي أكسيونوف استعداد السلطات الروسية لإخلاء منطقة أرميانسك المتاخمة لحدود مقاطعة خيرسون بسبب خطر استهدافها بالصواريخ الأوكرانية، وقال حاكم المقاطعة إن المعلومات عن استعداد السلطات الروسية لإجلاء سكان مدينة أرميانسك شمال القرم "زائفة"، مشددًا على أن "السلطات الروسية تعمل على مدار الساعة لضمان الأمن في القرم".
ويأتي النفي الروسي بعد يوم من تعرض شبه جزيرة القرم الخاضعة للسيطرة الروسية لهجوم بالمُسيّرات، بحسب ما أعلنته السلطات المعيّنة من موسكو، وكتب حاكم منطقة سيفاستوبول الإدارية في شبه جزيرة القرم ميخائيل رازفوجاييف على حسابه في تلغرام إن "هناك هجومًا بمسيّرات، قوات دفاعنا الجوي تعمل في الوقت الحالي"، وفي منشور لاحق أكد رازفوجاييف أن "الدفاع الجوي أسقط طائرتين مُسيّرتين قرب محطة بالاكلافا للطاقة".
هذا وأعلنت حالة التأهب بين القوات الروسية المتواجدة في شبه الجزيرة، وتحدث رازفوجاييف عن أن "المدينة الآن هادئة، لكن كل القوات والأجهزة في حالة جهوزية للقتال". من جهتها نقلت وكالة "تاس" عن وزارة الدفاع الروسية أن دفاعاتها الجوية أسقطت 5 طائرات مُسيّرة أوكرانية في منطقة سيفاستوبول والبحر الأسود.
يذكر أن أسطول البحر الأسود الروسي المتمركز في ميناء المدينة قد تعرض لهجوم بطائرات مُسيّرة الشهر الماضي، وألحق الهجوم أضرارًا بإحدى السفن على الأقل، وفي ردة فعلها على الهجوم، أعلنت السلطات الروسية عن انسحابها لفترة قصيرة من اتفاق تصدير الحبوب مع أوكرانيا.
وفي شرق أوكرانيا، تشهد جبهة باخموت في مقاطعة دونتيسك معارك ضارية، وتحدث قائد عسكري ميداني في مجموعة "فاغنر" التي تقاتل إلى جانب القوات الروسية والانفصاليين في المقاطعة، عن أن قواته تخوض معارك وصفها بالعنيفة للغاية، وتحقق تقدمًا في محور مدينة باخموت، وأوضح القائد الميداني أن قوات "فاغنر" تعمل على توسيع مساحة وطول جبهة المعارك مع الجيش الأوكراني حول المدينة، وأكدت سلطات دونيتسك الموالية لروسيا مشاركة مجموعة "فاغنر" في هجمات بالدبابات، وراجمات الصواريخ على مواقع الجيش الأوكراني في محور باخموت.
تحاول القوات الروسية والانفصاليون الموالون لها السيطرة على مدينة باخموت منذ آب/ أغسطس الماضي
وتحاول القوات الروسية والانفصاليون الموالون لها السيطرة على مدينة باخموت منذ آب/ أغسطس الماضي، إلا أن كل محاولاتها باءت بالفشل، وتوصف المعارك هناك بالأكثر ضراوةً، وتشهد عمليات كر وفر، بالإضافة لعمليات قصف متبادل بين الطرفين. وتمتلك مدينة باخموت موقعًا استراتيجيًا، فهي أقرب نقاط التماس والمواجهة بين القوات الروسية والأوكرانية، وتعتبر البوابة التي يمكن أن تواصل فيها القوات الروسية تقدمها في عمق مقاطعة دونيتسك بإقليم دونباس، وخاصة نحو المدن الرئيسية الخاضعة للسيطرة الأوكرانية وعلى رأسها مدينة كراماتورسك.
وميدانيًا، عقد الجيش الروسي والأوكراني عملية تبادل أسرى شملت 50 أسيرًا من الطرفين. بدوره، نفى المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف القيام باستهداف المرافق المدنية، زاعمًا أن الأهداف العسكرية أو التي لها علاقة بالعمليات العسكرية هي التي استهدفت، مشيرًا إلى أن موسكو لا رغبة لديها في تدمير أوكرانيا، وأن القيادة الأوكرانية تملك القدرة على إعادة الوضع إلى طبيعته في حال تلبية مطالب الكرملين.
روسيا تنفي المحادثات مع الناتو
في سياق آخر، نفت وزارة الدفاع الروسية الأنباء التي تحدثت عن محادثة جرت مؤخرًا بين رئيس الأركان في الجيش الروسي ورئيس لجنة الناتو العسكرية حول أمان السفن في البحر الأسود، ووصفتها بـ "الأخبار المزعومة"، وقالت الوزارة "لم تحدث أية اتصالات، ولا سيما المنهجية منها، مع رئيس اللجنة العسكرية للناتو أو غيره من ممثلي الحلف في إطار لجنة الأزمات الروسية الأمريكية لحل النزاعات "، وتابعت الوزارة "المعلومات المتعلقة بالتوصل إلى نوع من الاتفاق بشأن الحركة الآمنة للسفن في البحر الأسود، خيال من البداية إلى النهاية".
وكانت مصادر إعلامية قد أفادت بأن رئيس الأركان العامة للجيش الروسي فاليري غيراسيموف اتفق مع رئيس لجنة الناتو العسكرية روب باور على "توخي الحذر في البحر الأسود لتجنب حالات النزاع"، وأضافت المصادر "اتفق المسؤولان العسكريان مؤخرًا على توخي الحذر، لا سيما عدم السماح للسفن بالإبحار على مقربة من بعضها البعض في البحر الأسود لتجنب وقوع الحوادث".
البرلمان الأوروبي يصنف روسيا كدولة إرهابية
سياسيًا، صنف البرلمان الأوروبي اليوم الأربعاء روسيا دولة راعية للإرهاب، وقال إن "الضربات العسكرية التي تنفذها موسكو على أهداف مدنية مثل البنية التحتية للطاقة والمستشفيات والمدارس والملاجئ في أوكرانيا تنتهك القانون الدولي"، واعتبر البرلمان الأوروبي "ممارسات الجيش الروسي انتهاكًا للقانون الدولي، والقانون الإنساني الدولي".
وصوّت البرلمان الأربعاء خلال جلسة مصورة مكتملة الحضور لصالح قرار يصنف روسيا "دولةً راعيةً للإرهاب"، وصوت 494 عضوًا لصالح القرار، بينما عارضه 58 عضوًا وامتنع 44 عضوًا عن التصويت. ويعتبر قرار برلمان الاتحاد الأوروبي رمزيًا إلى حد كبير، إذ ليس لديه إطار عمل قانوني يدعم تلك الخطوة.
من جهة أخرى، يقول دبلوماسيون أوروبيون إن العمل جارٍ لإعداد حزمة جديدة من العقوبات بعد أن "أطلقت موسكو وابلًا من الصواريخ، والمُسيّرات ضد بنى تحتية للطاقة في أوكرانيا، وذلك بعد تكبدها خسائر في ساحة المعركة". وفي أول تعليق على قرار البرلمان الأوروبي، رحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بقرار البرلمان اعتبار روسيا دولةً راعيةً للإرهاب، وكتب عبر حسابه على تويتر "يجب عزل روسيا على جميع المستويات ومحاسبتها من أجل إنهاء سياسة الإرهاب التي تتبعها منذ فترة طويلة في أوكرانيا وأنحاء العالم"، وحث زيلينسكي "الولايات المتحدة ودولًا أخرى على إعلان موسكو راعية للإرهاب، متهمًا القوات الروسية باستهداف المدنيين" وهو ما تنفيه موسكو وتنكر إطلاقها صواريخ تجاه العاصمة الأوكرانية كييف.
وفي ردها على قرار البرلمان الأوروبي، كتبت الناطقة الرسمية باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، على قناتها في تيلغرام "اقترح الاعتراف بالبرلمان الأوروبي كجهة راعية للحماقة"، وفي منشور لاحق كتبت زاخاروفا "جدد البرلمان الأوروبي دوره كمساعد في اللعبة ضد روسيا، تم حساب كل شيء مقدمًا، الخطاب مشحون سياسيًا - راع للإرهاب، ومع ذلك من الناحية القانونية كل هذا غير مهم ، ولكن تم القيام به من أجل تشويش المعلومات وفرض تسميات جديدة، هذا هو الدور الداعم للبرلمان الأوروبي في "اللعبة الكبرى" الجديدة، دعونا نرى إلى أي مدى سيذهب هذا الفصام السياسي".
أعلنت الخارجية الأمريكية عن تقديم حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بقيمة تصل إلى 400 مليون دولار
من جانبها، أعلنت الخارجية الأمريكية عن تقديم حزمة جديدة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا بقيمة تصل إلى 400 مليون دولار، تشمل أسلحة وذخائر ومعدات دفاع جوي. فيما وافق برلمان الاتحاد الأوروبي على منح أوكرانيا 15 مليار يورو من أجل المساهمة في عملية إعادة الإعمار.