اتهمت روسيا، اليوم الأربعاء، أوكرانيا بشن هجوم بطائرة مُسيّرة بقصد ضرب مقر إقامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المعروف باسم "الكرملين"، وذلك في محاولة لاغتيال بوتين.
حول إمكانية استخدام الهجوم كذريعة لزيادة الهجمات الروسية، قال البيت الأبيض: "من السابق لأوانه القول إن روسيا ستستخدم حادثة الكرملين ذريعة لمزيد من الاستفزازات في أوكرانيا"
وجاء الإعلان عن الهجوم الذي استهدف الكرملين من خلال بيان حكومي، قال: "الليلة حاول نظام كييف توجيه ضربة بطائرة مُسيّرة إلى مقر إقامة رئيس الاتحاد الروسي في الكرملين".
وأضاف الكرملين: "نحن نعتبر هذه الأعمال بمثابة عمل إرهابي مخطط ومحاولة اغتيال رئيس الاتحاد الروسي، وتم تنفيذها عشية يوم النصر، وموكب 9 أيار/ مايو"، وأشار البيان إلى أن بوتين لم يكن في المبنى وقت الهجوم.
وتابع البيان، بالقول: "روسيا تحتفظ بالحق في الرد على محاولة الهجوم على الكرملين حيثما ومتى تراه مناسبًا".
وأضافت وسائل إعلام روسية أنه تم استخدام طائرتين مُسيّرتين في الهجوم لكن الدفاعات الروسية عطلتهما. مؤكدةً وقال على أنن بوتين لم يصب بأذى ولم تقع أضرار مادية في مباني الكرملين.
اللحظات الأولى لاستهداف مبنى الكرملين بطائرتين مسيّرتين قبل إسقاط الدفعات الروسية لهما ليلة أمس، والرئاسة الروسية تتهم #كييف بالوقوف وراء الهجوم مؤكدة سلامة الرئيس #بوتين #روسيا #أوكرانيا pic.twitter.com/ETK4bBH2rx
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) May 3, 2023
نفي أوكرانيا وتشكيك أمريكي
من جانبه، رد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، على الاتهامات الروسية بأن أوكرانيا كانت وراء هجوم بطائرات مُسيرة، بالقول: "نحن لا نهاجم بوتين أو موسكو، نحن نقاتل على أراضينا".
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن الولايات المتحدة لا يمكنها تأكيد التقارير الروسية بأن أوكرانيا استهدفت بوتين في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، موضحًا: "لقد اطلعت على التقارير. لا يمكنني بأي حال من الأحوال التحقق من صحتها، نحن ببساطة لا نعرف".
وقال البيت الأبيض: "مطلعون على التقارير المتعلقة باستهداف الكرملين لكننا لا نستطيع تأكيد صحتها"، مضيفًا: "الولايات المتحدة لا تشجع أوكرانيا على توجيه ضربات خارج حدودها".
وحول إمكانية استخدام الهجوم كذريعة لزيادة الهجمات الروسية، قال البيت الأبيض: "من السابق لأوانه القول إن روسيا ستستخدم حادثة الكرملين ذريعة لمزيد من الاستفزازات في أوكرانيا".
ونفى مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولاك مزاعم موسكو بأن أوكرانيا استهدفت الكرملين بطائرات مُسيّرة، قائلًا: "أوكرانيا بالتأكيد لا علاقة لها بهجمات الطائرات المُسيّرة على الكرملين". مضيفًا: الادعاء بمحاولة هجوم بطائرة مُسيّرة على الكرملين كان علامة على أن "روسيا تستعد بشكل واضح لهجوم إرهابي واسع النطاق".
وصرح المتحدث باسم الرئيس الأوكراني سيرجي نيكيفوروف، بأنه "ليس لدينا معلومات حول ما يسمى بالهجمات الليلية على الكرملين، أوكرانيا توجه كل القوات والوسائل المتاحة لتحرير أراضيها وعدم مهاجمة الآخرين".
تهديد روسي
قال رئيس البرلمان الروسي فياتشيسلاف فولودين، إن على روسيا استخدام "أسلحة قادرة على إيقاف وتدمير" ما أسماه "نظام كييف الإرهابي"، ردًا على هجوم الكرملين يوم الأربعاء، مشيرًا إلى أن موسكو لا ينبغي عليها التفاوض مع زيلينسكي بعد الهجوم.
وقال الرئيس السابق دميتري ميدفيديف إنه يجب "تصفية" زيلينسكي انتقامًا.
من جانبه، أعلن عمدة موسكو سيرجي سوبيانين، في وقت سابق يوم الأربعاء، أن السلطات الروسية حظرت تحليق الطائرات المُسيّرة فوق المدينة إلا بإذن خاص.
وتفرض روسيا إجراءات أمان إضافية استعدادًا للاحتفال السنوي بذكرى انتصار 9 أيار/ مايو في الحرب العالمية الثانية، عندما تحتفل دول الاتحاد السوفيتي السابق بهزيمة ألمانيا النازية، حيث تم إلغاء فعاليات الحداد على الجنود الذين سقطوا بالحرب في عدة مناطق من البلاد، معظمها في غرب روسيا على طول الحدود مع أوكرانيا.
واعتبرت صحيفة واشنطن بوست أن "محاولة قتل الرئيس فلاديمير بوتين، وهو ادعاء يمكن أن يبرر روسيا لتصعيد حربها في أوكرانيا".
من وراء الهجوم؟
تقول صحيفة الغارديان البريطانية، إن الدلائل الأولية تشير إلى أن الهجوم على الكرملين جاء من قبل مُسيّرة متطورة نسبيًا.
وقال المتخصص في الطائرات بدون طيار في المركز الأمريكي للتحليلات البحرية صامويل بينديت، إنه بحسب المقاطع المصورة "يبدو أن المُسيّرات لها أجنحة رقيقة". مما يشير إلى إمكانية وجود مشغل معروف، مشيرًا إلى أن تشبه الطائرة الصينية من طراز Mugin-5 الصيني الصنع بقيمة 7500 جنيه إسترليني.
وأشارت تحليلات أخرى إلى إمكانية أن تكون الطائرة المُسيّرة من طراز UJ-22 الأوكراني الصنع، ومع ذلك تؤكد الغادريان أن إمكانية حسم نوع الطائرة صعب من المقاطع المصورة المنشورة.
ونُسبت سلسلة من الغارات على الأراضي الروسية باستخدام طائرات مُسيّرة إلى جهات أوكرانية أو أنصار روس، بما في ذلك هجوم في نهاية نيسان/ أبريل على مدينة سيفاستوبول التي تحتلها روسيا في شبه جزيرة القرم. كما تضيف الغارديان أنه يمكن برمجة الطائرات المُسيّرة مسبقًا لضرب هدف محدد من مسافة بعيدة.
بدوره، قال المسؤول الكبير السابق في البنتاغون والضابط في وكالة المخابرات المركزية ميك مولروي: "قد تكون روسيا ملفقة لاستخدامه كذريعة لاستهداف الرئيس زيلينسكي، حاولوا فعل ذلك بالماضي".
وتشير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن لم يكن لدى الولايات المتحدة "أي تحذير مسبق بشأن الضربة المزعومة بطائرة مُسيّرة على الكرملين"، مضيفة: "لا يتسم المسؤولون الأوكرانيون دائمًا بالشفافية مع نظرائهم الأمريكيين بشأن خططهم للعمليات العسكرية، لا سيما تلك التي تجري على الأراضي الروسية".
وفي الشهر الماضي، ذكرت صحيفة واشنطن بوست أن الولايات المتحدة راقبت سرًا المناقشات بين المسؤولين الأوكرانيين حول الهجمات المحتملة ضد موسكو والتي تم توقيتها لتتزامن مع الذكرى بداية الغزو الروسي في 24 شباط/ فبراير، وذلك بحسب ما ورد في تسريبات ديسكورد.
وفي حينه، خشي البيت الأبيض من أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى رد فعل عدواني من موسكو، حيث ضغطت واشنطن على كييف من أجل تأجيل الضربات.
ويأتي الادعاء الروسي في لحظة محورية من الحرب، حيث جهزت أوكرانيا عشرات الآلاف من الجنود وصعدت الضربات التي تهدف إلى إضعاف القوات الروسية قبل هجوم مضاد متوقع خلال الأيام المقبلة.
وقبل الهجوم الأوكراني المضاد الذي يلوح في الأفق، كان هناك ارتفاعًا في التفجيرات بالمواقع ذات الصلة بالجيش داخل روسيا، فيما تشير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن أوكرانيا " حافظت على سياسة الغموض الاستراتيجي بشأن الهجمات في روسيا، وغالبًا ما تحتفل بها دون أن تتحمل المسؤولية المباشرة".
يترافق ما سبق، مع دعوات للتصعيد الروسي ردًا على ما وصفته روسيًا رسميًا بالهجوم الأوكراني على الكرملين.
وتقول نيويورك تايمز إن روسيا سبق لها التصعيد في أعقاب وقوع هجمات داخل أراضيها، حيث قامت بقصف البنية التحتية الأوكرانية بشكلٍ واسع، مستخدمةً تفجير جسر شبه جزيرة القرم كتبرير لذلك.
وفي السياق نفسه، كتب ليونيد فولكوف، مساعد المعارض الروسي المعتقل ألكسي نافالني، في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، الإعلان عن الهجوم بدلًا من إنكاره "هذا يعني أنهم وجدوا بعض الإيجابيات في هذا، وبعد تقييمهم ، قرروا أن الإيجابيات ستكون قادرة على التغلب على السلبيات"، وأضاف أن تلك "الإيجابيات" يمكن أن تتمثل في تحفيز الروس على دعم المجهود الحربي بحماس أكبر، أو التنبؤ بتصعيد جديد.
تقول نيويورك تايمز إن روسيا سبق لها التصعيد في أعقاب وقوع هجمات داخل أراضيها، حيث قامت بقصف البنية التحتية الأوكرانية بشكلٍ واسع، مستخدمةً تفجير جسر شبه جزيرة القرم كتبرير لذلك
أمّا عن وجود بوتين في الكرملين في وقت الاستهداف، قال جليب كاراكولوف، النقيب في خدمة الحماية الفيدرالية المسؤولة عن حراسة الرئيس الروسي الذي انشق مؤخرًا، وأجرى عدة مقابلات في وقت سابق، إن بوتين قام بتأسيس "مكاتب متطابقة في مواقع متعددة، جميعها مؤثثة ومزينة بنفس التفاصيل"، حيث أكيد أنه سيكون من المستحيل تمييز مكان وجود بوتين.