قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إنه يجب على منغوليا أن تمنع دخول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أراضيها، أو تقوم باعتقاله إذا دخل البلاد. وتأتي هذه الدعوة من المنظمة الحقوقية بعدما أعلن الكرملين أن بوتين يخطط للسفر إلى منغوليا اليوم الثلاثاء 3 أيلول/سبتمبر 2024، إثر دعوة تلقاها من الرئيس المنغولي أوخنا خوريلسوخ لحضور حفل عسكري.
ولفتت "رايتس ووتش" إلى أن الرئيس بوتين مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية منذ 17 آذار/مارس 2023، عندما أصدر قضاة المحكمة مذكرة اعتقال ضده وأخرى بحق مفوضة حقوق الطفل ماريا لفوفا بيلوفا، بتهمة ارتكاب جرائم حرب تتمثل في الترحيل غير القانوني لأطفال من المناطق المحتلة في أوكرانيا إلى روسيا.
وقالت ماريا إيلينا فيجنولي، المستشارة القانونية الدولية في هيومن رايتس ووتش: "ستتحدى منغوليا التزاماتها الدولية كعضو في المحكمة الجنائية الدولية إذا سمحت للرئيس الروسي فلاديمير بوتن بزيارتها دون اعتقاله"، مضيفةً القول إنّ: "الترحيب ببوتين، الهارب من المحكمة الجنائية الدولية، لن يكون إهانة للعديد من ضحايا جرائم القوات الروسية فحسب، بل سيقوض أيضًا المبدأ الحاسم المتمثل في عدم وجود أحد، مهما كانت قوته، فوق القانون".
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية منذ 17 آذار/مارس 2023
وانضمت منغوليا إلى المحكمة الجنائية الدولية في عام 2003. وبموجب المعاهدة التأسيسية للمحكمة، فإن منغوليا ملزمة بالتعاون مع المحكمة، بما في ذلك اعتقال وتسليم أي مشتبه بهم يدخلون أراضيها. وبدون قوة شرطية خاصة بها، يتعين على المحكمة الجنائية الدولية الاعتماد على الدول والمجتمع الدولي للمساعدة في الاعتقالات.
وإذا زار بوتين منغوليا، فستكون هذه هي المرة الأولى التي ترحب به دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية منذ أن أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحقه.
وفي آب/أغسطس 2023، كان من المتوقع أن يحضر بوتين قمة زعماء مجموعة البريكس السنوية - وهي مجموعة من الدول تضم جنوب أفريقيا وروسيا - في جوهانسبرغ، ولكن زيارته ألغيت في نهاية المطاف، بعد ضغوط من المجتمع المدني وقرارٍ من محكمة جنوب أفريقيا بإعادة تأكيد التزام جنوب أفريقيا بتنفيذ مذكرة الاعتقال الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية ضده.
وقالت "هيومن رايتس ووتش" إن جميع أعضاء المحكمة الجنائية الدولية ينبغي لهم أن يحذوا حذو جنوب أفريقيا ويحترموا التزاماتهم بموجب معاهدة المحكمة.
واعتبرت أن السماح بزيارة بوتين من شأنه أن يشير إلى تراجع دعم منغوليا للمحكمة الجنائية الدولية، مذكِّرةً حكومة منغوليا بانضمامها في 15 حزيران/يونيو، إلى بيان صادر عن 94 دولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية أعلنت فيه "دعمها الثابت" للمحكمة الجنائية الدولية في ضوء التهديدات المتزايدة ضد المحكمة ومسؤوليها.
كما دعا البيان جميع الأعضاء إلى: "ضمان التعاون الكامل مع المحكمة حتى تتمكن من تنفيذ ولايتها المهمة المتمثلة في ضمان العدالة المتساوية لجميع ضحايا الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان، وهي الجرائم الخطيرة التي تهدد السلام والأمن ورفاهية العالم".
وأشارت "رايتس ووتش" كذلك إلى أنه في عام 2023، رشحت منغوليا أيضًا أحد قضاة المحكمة العليا، القاضي إردينيبالسورين دامدين، للانضمام إلى هيئة المحكمة الجنائية الدولية، ثم انتُخب كأول قاض منغولي في المحكمة الجنائية الدولية.
وإلى جانب الترحيل القسري للمدنيين الأوكرانيين إلى روسيا، بما في ذلك الأطفال، وثّقت "هيومن رايتس ووتش" العديد من الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الروسية منذ غزوها الكامل لأوكرانيا في عام 2022، والتي يجب التحقيق فيها، حسب المنظمة الحقوقية، باعتبارها جرائم حرب محتملة.
وتشمل هذه الانتهاكات الهجمات غير القانونية على المدنيين والبنية التحتية المدنية، والهجمات العشوائية بما في ذلك الاستخدام الواسع النطاق للأسلحة المحظورة، مثل الذخائر العنقودية، والاحتجاز التعسفي، والتعذيب والإعدام بإجراءات موجزة للمدنيين والجنود الأوكرانيين الذين يحاولون الاستسلام.
وأسفرت تحقيقات المحكمة حتى الآن عن أوامر اعتقال ضد ستة أفراد بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
وقال المستشارة القانونية لـ"هيومن رايتس ووتش" إنه: "عندما خطط بوتين لحضور قمة البريكس في جنوب إفريقيا العام الماضي، واجهت جنوب إفريقيا الخيار الذي تواجهه منغوليا لكنها أوضحت أنها تعترف بالتزاماتها باعتقاله وفي النهاية بقي في وطنه. إن السلطات المنغولية لديها الآن فرصة لإظهار التزامها بالعدالة في الجرائم الدولية بشكل ملموس من خلال منع بوتين من دخول البلاد أو اعتقاله إذا دخل البلاد".