وليد خازندار شاعر فلسطيني من غزة، درس القانون في لبنان. ونال شهادة دكتوراه في الفلسفة من لندن. أصدر المجموعات الشعرية الآتية: أفعال مضارعة، غرف طائشة، جهات هذه المدينة، أيام البحر والصحراء، بيوت النور الممكن، مقاطع ليل.
يقول الشاعر والناقد محمد مظلوم: "إذا كان شعر المقاومة قد دوَّنَ تاريخَ المأساة الإنسانية لشعب مقهور ومآثر (البطولة) للمقاتلين في حقبة العمل الفدائي في محاولة لخلق ملحمة جماعية معاصرة، فإن شعر خازندار انتبه لجانب آخر مهمل فانشغل بتفاصيل الحياة الأكثر تعقيدًا، التي تعبر عن الهوية المضمرة، متجنبًا إلى حد بعيد خطاب الهوية التعبوية السائدة في وسائل الإعلام، ومرجحًا الشعر على الشعار؛ لذا سيبدو أبطاله أناسًا هامشيين: بحارة وصيادين وفلاحين وعشاقًا محبطين، وأمهات، وتلامذة مدارس، وشيوخًا يعيدون سرد الحكايات. بيد أن هؤلاء جميعًا يروون في الواقع ملحمتهم الخاصة، وهو ما أتاح للشاعر أن يخلق من سيرهم أجواء بقدر ما تعبر عن يوميات فلسطينية عادية، فإنها تحيل إلى حياة كنعانية تتواصل في اللاوعي الجمعي. وأية مراجعة للطقوس الكنعانية القديمة سنجد ملامحها حاضرة في شعر خازندار من خلال تفاصيل الحياة اليومية لهؤلاء الأبطال الهامشيين فالمكان يعيدنا إلى ذاكرة سحيقة: البحر والسفن والأشرعة، وهي عودة تذكر بنزعة ريتسوس إلى استحضار ما هو حضاري وأسطوري عبر اليومي، ومثلما ثمة إحالة إغريقية لدى ريتسوس، نلمس لدى وليد أيضًا إحالة كنعانية تحيل المشهد اليومي الراهن إلى إرث تاريخي وأسطوري بعيد".
قصيدة "مجروحةٌ وآسرة" منشورة في مجموعته "غرف طائشة".
بالصَّرخةٍ، فجأةً، عاليًا
تغالبين السُّدى
وتراوغين الدمعَ بالنكتةِ السافلة.
على الجدارِ القهوةُ
ماتزال، من فورةٍ أخيرةٍ
وعلى الكرسي
عند السرير
في التَّميمةِ، من شهرين
كنزةٌ تؤرِّخُ لي يديك.
كم، تُرى، أَخْطأْتُ؟!
أتوجَّسُ إذ يتأخَّرُ الشجرُ
وإذ قمرٌ، وراء الغيم، يختفي
وأخبئُ عن عينيك وردةٌ ذبلت
وأحاذرُ كلمة
تُفضي إلى الزَّعَلِ.
لأنك مجروحةٌ وآسرةٌ
لأنك منهوبةٌ من الخَطْفِ.
حدُّكِ العَصّفُ
حدك المغْفرةُ
تَدُورينَ، طيلةَ بعد الظُّهر
في ثيابٍ خفيفةٍ
في غُرَفٍ، طائشةٌ.