10-أغسطس-2024
جنود أوكرانيون في سومي

جنود أوكرانيون يستقلون مركبة عسكرية في سومي (رويترز)

أعلنت وزارة الدفاع الروسية إطلاق ما أسمته "عملية مكافحة الإرهاب" لزيادة الأمن على الحدود مع أوكرانيا، وذلك على خلفية توغل القوات الأوكرانية في عمق الأراضي الروسية لليوم الخامس على التوالي، وهو ما أدى إلى اكتشاف نقاط ضعف لدى القوات الروسية، وفقًا لما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس".

وقالت الدفاع الروسية، اليوم الجمعة، إن القتال لا يزال مستمرًا في منطقة كورسك، وأن الجيش نفذ غارات جوية ضد القوات الأوكرانية، لافتًا إلى أن الإجراءات التي تم الإعلان عنها في كورسك، ومنطقتي بيلغورود وبريانسك المجاورتين على الحدود مع أوكرانيا تسمح للحكومة بنقل السكان، والسيطرة على الاتصالات الهاتفية والاستيلاء على المركبات.

إطلاق "عملية مكافحة الإرهاب"

وأعلنت اللجنة الوطنية الروسية لمكافحة الإرهاب، أمس الجمعة، إطلاق "عمليات لمكافحة الإرهاب في مناطق بيلغورود وبريانسك وكورسك من أجل ضمان أمن المواطنين وإزالة تهديد الأعمال الإرهابية التي يرتكبها العدو".

يسمح التشريع الروسي لقوات الأمن والجيش بصلاحيات طوارئ كبيرة أثناء عمليات "مكافحة الإرهاب"

ويسمح التشريع الروسي لقوات الأمن والجيش بصلاحيات طوارئ كبيرة أثناء عمليات "مكافحة الإرهاب": تقييد الحركة، وإمكانية الاستيلاء على المركبات، ومراقبة المكالمات الهاتفية، وإعلان المناطق محظورة، وإقامة نقاط التفتيش وتعزيز الأمن على مواقع البنية التحتية الاستراتيجية.

وذكرت وكالة الأنباء الفرنسية أن روسيا سارعت إلى نشر قوات ومعدّات إضافية، بما في ذلك دبابات وراجمات صواريخ ووحدات طيران لمحاولة وقف الهجوم الأوكراني. ولم يكشف أي من الجانبين بالتحديد عن حجم القوات التي نُشرت.

من جانبها، نقلت وكالة "رويترز" عن القائم بأعمال حاكم كورسك، أليكسي سميرنوف، أن حطام طائرة مسيّرة سقط على محطة فرعية للطاقة بالقرب من كورشاتوف، وهو موقع لإحدى أكبر محطات الطاقة النووية في روسيا، والتي تضم أربعة مفاعلات، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المنطقة لبعض الوقت.

وأشارت "رويترز" إلى أن رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة حث كييف وموسكو على ضبط النفس في ضوء قرب الصراع من المحطة التي تقع على بعد 60 كم من الحدود.

وقالت وكالة الأنباء الفرنسية نقلًا عن الوكالة النووية الروسية "روساتوم"، اليوم السبت، إن الهجوم الذي تشنه أوكرانيا "يشكل تهديدًا مباشرًا" لمحطة للطاقة النووية.

ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن "روساتوم" قولها إن: "تصرّفات الجيش الأوكراني تشكل تهديدًا مباشرًا" لمحطّة كورسك للطاقة النووية في غرب روسيا، مضيفة "في الوقت الحالي، هناك خطر حقيقي من وقوع ضربات واستفزازات من جانب الجيش الأوكراني".

وفي السياق، أشارت وسائل إعلام روسية إلى أن تأكيد رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، اليوم السبت، أن قوات الدفاع الجوي البيلاروسية دمرت، أمس  الجمعة، عدة أهداف جوية في جنوب البلاد، يعتقد أنها مسيرات هجومية قدمت من اتجاه أوكرانيا.

وأفادت الدفاع الروسية باندلاع قتال في ضواحي سودجا، على بعد حوالي 10 كم من الحدود، وهي المدن المهمة نظرًا لأنها مركز لخطوط الأنابيب لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى أوروبا.

وأكد المتحدث الرسمي باسم شركة "غازبروم"، سيرغي كوبريانوف، أن الشركة تواصل نقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا من خلال محطة الضخ سودجا بالحجم الذي أكده الجانب الأوكراني.

فشل استخباراتي واستراتيجي

وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عقد اجتماعًا لمجلس الأمن القومي، أمس الجمعة، في الوقت الذي تتزايد الأسئلة حول الفشل الاستخباراتي والاستراتيجي الروسي، مما سمح للقوات الأوكرانية التوغل في عمق الأراضي الروسية على مسافة تقدر بـ160 كم، وهو أكبر هجوم مضاد للقوات الأوكرانية منذ الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية في شباط/فبراير 2022.

وقال أحد رجال الأعمال الروس لـ"واشنطن بوست"، رفض الكشف عن هويته لتجنب الملاحقة الأمنية أو القضائية، إن: "هذه ضربة قوية لسمعة السلطات الروسية والجيش وبوتين، لأنه على مدار عامين ونصف العام، كان هناك قليل من الضرر يصل الأراضي الروسية ... باستخدام المسيّرات".

وأضاف: "لا يوجد عدد ضحايا واضح حاليًا وهناك بعض الدمار، ومن الواضح أنهم غير قادرين على إيقاف ما يحدث بسرعة".

وبحسب "واشنطن بوست"، فإن مدونين عسكريين روسيين أفادوا بأن القتال جار في مختلف أنحاء كورسك، فيما قال بعض المحللين الروس إنهم يخشون أن يستغرق الأمر وقتًا طويلًا لاستعادة الأراضي التي استولت عليها القوات الأوكرانية إذا تأخر الهجوم المضاد من قبل التعزيزات الروسية لعدة أيام أخرى.

وتابعوا أن التأخير سوف يمنح القوات الأوكرانية الوقت الكافي للتشبث بالمواقع المحصنة، ما قد يمنح كييف ورقة مساومة قوية حال الوصول إلى وقف إطلاق نار أو الدخول في مفاوضات سلام في المستقبل.

وشدد المحلل السياسي المقرب من الكرملين، سيرجي ماركوف، على أن توغل القوات الأوكرانية في كورسك يُمثل "ضربة" للرئيس بوتين، وأضاف "من الواضح أن الإشارة جاءت من الاستخبارات إلى القيادة، لكن.. لم يتم اتخاذ التدابير".

واعتبر ماركوف أن التوغل الأوكراني "فشل لنظام الاستخبارات بأكمله، وبما أن بوتين مسؤول عن هذا، فمن الواضح أن هذه ضربة لبوتين"، ومع ذلك، قال ماركوف إن الوضع بالنسبة لبوتين، مشيرًا إلى أنه "لا يزال الناس يأملون في أن ينتهي هذا (التوغل الأوكراني) بتدمير القوات الأوكرانية".

ووفقًا لـ"واشنطن بوست"، فإن أكاديمي روسي مقرب من كبار الدبلوماسيين في موسكو، حذر من أن استخدام الأسلحة الأميركية على الأراضي الروسية يمثل "خطًا أحمر آخر"، وأضاف أنه من المرجح أن يخلف عواقب وخيمة حتى في حين لم يتضح بعد المكسب النهائي لكييف.

وتابع الأكاديمي مضيفًا "أن الاستيلاء الجريء على الأراضي من قبل القوات الأوكرانية من غير المرجح أن يشجع بوتين على تقديم تنازلات".

وشكك بعض الخبراء العسكريين في مدى نجاه الهجوم الأوكراني، نظرًا لضعفه في نقاط رئيسية أخرى على الجبهة، وتوقعوا أن الجيش الروسي الأكبر حجمًا والأفضل تجهيزًا من المرجح أن يهزم الأوكرانيين عاجلًا وليس آجلًا، وفقًا لما نقلت الصحيفة الأميركية.

شكك بعض الخبراء العسكريين في مدى نجاه الهجوم الأوكراني نظرًا لضعفه في نقاط رئيسية أخرى على الجبهة

وقال الزميل بارز في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، مايكل كوفمان، إنه: "من الواضح أن القوات الأوكرانية تقدمت بعيدًا جدًا في كورسك، لكن مقدار الأراضي التي تسيطر عليها أو تنوي السيطرة عليها بالفعل لا يزال غير معروف".

وكانت الدفاع الروسية قد أكدت، اليوم السبت، أن قواتها تواصل التصدي لمحاولة الجيش الأوكراني اقتحام أراضي روسيا في كورسك، مضيفة أن خسائر أوكرانيا على هذا المحور بلغت نحو 175 جنديًا، أمس الجمعة.

وأضافت أن القوات الأوكرانية خسرت منذ، الثلاثاء الماضي، نحو 1120 عسكريًا، فضلًا عن 140 مدرعة، بما فيها 22 دبابة.