27-أبريل-2023
Getty

محاولات دولية من أجل تمديد الهدنة قبل نهايتها اليوم الخميس (Getty)

قالت القوات المسلحة السودانية إن "الموقف العسكري داخل وخارج الخرطوم مستقر جدًا، باستثناء ولاية غرب دارفور التي شهدت صراعًا قبليًا يجري معالجته بواسطة السلطات المحلية"، وأضاف البيان أن "قوات الجيش متماسكة وتؤدي دورها"، وذلك مع وصول الهدنة الإنسانية بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى يومها الأخير.

قالت القوات المسلحة السودانية إن "الموقف العسكري داخل وخارج الخرطوم مستقر جدًا، باستثناء ولاية غرب دارفور التي شهدت صراعًا قبليًا يجري معالجته بواسطة السلطات المحلية"

وتجددت الاشتباكات العنيفة صباح اليوم، في مناطق مختلفة من العاصمة الخرطوم، ومدن والأبيض والجنينة والفاشر. وقد شوهدت أعمدة الدخان تتصاعد في محيط القيادة العامة للجيش السوداني، وفي وسط الخرطوم بحري، مع تحليق للطائرات المقاتلة فوق الضاحية الشمالية للعاصمة، التي تعرضت لقصف مدفعي كثيف من قبل قوات الدعم السريع.

وأشار الجيش السوداني إلى محاولة الدعم السريع الهجوم على قيادة المنطقة المركزية، لكن الهجوم فشل، وتحدث البيان عن استخدام الدعم السريع للقصف العشوائي لمناطق وسط الخرطوم، وتابع البيان، بالقول: "قواتنا بسطت سيطرتها على معظم الولايات، إلّا أنّ الوضع معقد قليلًا في بعض أجزاء العاصمة".

واختتم بيان الجيش الذي نشر ظهر اليوم الخميس، بالقول: "الأيام القادمة ستشهد انفراجًا كبيرًا في الأوضاع على الأرض".

Getty

من جانبها، اتهمت قيادة الدعم السريع، الجيش السوداني بقصف مواقعها في منطقة كافوري في شرق الخرطوم بحري بالطيران والمدفعية. فيما قالت مصادر محلية إن قوات الجيش تقوم بتمشيط كامل لحي المطار المتاخم لمقر القيادة العامة. 

في هذه الأثناء، أعلنت نقابة أطباء السودان عن ارتفاع أعداد القتلى في صفوف المدنيين منذ بداية المعارك إلى 303 حالة، وتسجيل 1848 إصابة، وأشارت النقابة إلى مقتل 3 أطفال جراء انفجار قذيفة في مدينة الأبيض.

وأكدت النقابة أن 60 مستشفى من أصل 86 في مناطق الاشتباكات بالعاصمة والولايات متوقفة عن الخدمة.

Getty

وأضافت نقابة أطباء السودان للتلفزيون العربي، قائلةً: إن "26 مستشفى تعمل في الخرطوم تحت ظروف صعبة"، مشيرةً إلى أن "استمرار تواجد جثث الضحايا في المستشفيات يهدد الصحة العامة".

وقال الهلال الأحمر السوداني للتلفزيون العربي: "لم نحصل على ضمانات من قوات الدعم السريع للوصول إلى الجثث والجرحى العالقين في المستشفيات".

وعلى الصعيد الإنساني، قال مدير الهلال والصليب الأحمر الدولي بالسودان أن هناك 6 ملايين شخص في الخرطوم وحدها بحاجة إلى المساعدة. فيما أعلن عن نزوح  أكثر من 20 ألف مواطن سوداني باتجاه تشاد.

وأمس، أعلن الجيش السوداني، أن رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان تسلم مبادرة من المنظمة الإقليمية المعنية بالتنمية في شرق أفريقيا "إيغاد"، تضمنت مقترحات لحل الأزمة الحالية وأعطى موافقته المبدئية عليها. 

وأضاف الجيش في بيان، أنه سيرسل ممثلًا عنه إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، لإجراء محادثات مع ممثل لقوات الدعم السريع، في إطار مبادرة "إيغاد". وأشارت قيادة الجيش السوداني إلى أن المبادرة تشمل تمديد الهدنة الحالية التي من المقرر أن تنتهي مساء الخميس إلى 72 ساعة.

إلى ذلك، أدت عمليات الهروب من السجون السودانية إلى تدهور الأوضاع الأمنية وغياب القانون في الخرطوم، حيث أبلغ السكان عن زيادة انعدام الأمن وأعمال النهب وانتشار العصابات في الشوارع.

وقالت قوى الحرية والتغيير: "هذه الحرب التي أشعلها ويتكسب منها النظام البائد ستقود البلاد إلى الانهيار".

وتبادل الجيش والدعم السريع الاتهامات بالمسؤولية المسؤولية عن اقتحام السجون وإطلاق سراح سجناء، وقدرت وسائل إعلام غربية عدد الفارين من السجون السودانية بنحو 20 ألف سجين.

واتهمت وزارة الداخلية السودانية، قوات الدعم السريع بالمسؤولية "عن الاضطرابات والجرائم الخطيرة التي ارتكبتها في حق البلاد، ومنها اقتحام عدد من السجون، وإطلاق سراح عتاة المجرمين". 

أصوات من تحت الركام

وأكد بيان الداخلية أن قوات الدعم السريع اقتحمت سجني "الهدى" و"النساء" بأم درمان، وسجون "سوبا" و"الأبيض" و"أم روابة"، وقامت بإطلاق جميع المساجين، بمن فيهم عناصر الدعم السريع الذين تمت إدانتهم بارتكاب جرائم. وأضاف البيان أن الدعم السريع اقتحمت سجن "كوبر"، مما تسبب في مقتل وجرح عدد من موظفي إدارة السجون، كما دخلت السجن الرئيسي، وأطلقت سراح جميع المساجين.

على صعيد عمليات الإجلاء، قالت وزارة الخارجية الفرنسية، إنه تم إجلاء 936 شخصًا من السودان حتى الآن. بعد إجلاء 398 شخصًا في أحدث عملية إجلاء شملت فرنسيين ومواطنين من دول أخرى.

من جانبه، أعلن وزير الدفاع السويدي عن انتهاء عمليات الإجلاء في السودان بعد إجلاء 160 شخصًا بينهم 60 مواطنًا سويديًا. وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية عن إجلاء 536 مواطن من السودان. 

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، أنه يتعين التحرك الآن لأننا ربما لا نستطيع القيام بعمليات إجلاء بعد انتهاء وقف إطلاق النار في السودان. بدوره، حذر وزير الدولة البريطاني للشؤون الأفريقية من كارثة إنسانية محتملة في السودان.

كما أعلنت وزارة الدفاع الصينية، اليوم الخميس، أن بكين أرسلت مجموعةً من السفن البحرية إلى السودان لمساعدة رعاياها على مغادرة السودان. وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية في بيان الخميس: "من أجل حماية أرواح وممتلكات المواطنين الصينيين أرسلت البحرية الصينية أمس الأربعاء سفنًا لاستعادة وإجلاء الرعايا الصينيين من السودان".

وأعلنت وزارة الخارجية المصرية، مساء الأربعاء، عن إجلاء 1140 مصريًا من السودان برًا وجوًا، ليرتفع إجمالي العائدين من إلى 2679 مواطنًا مصريًا.

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان، إن "الوزير أنتوني بلينكن بحث مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي التعاون لوضع حد للقتال في السودان بصفة دائمة".

حول مبادرة التسوية في السودان، قال وزير خارجية جنوب السودان دينق داو للتلفزيون العربي إنهم في انتظار الإجابة حول مبادرة التسوية في السودان، مضيفًا: "إقرار وقف إطلاق النار والسماح باستكمال عمليات الإجلاء جوهر مبادرتنا لحل الأزمة بالسودان".

وتابع داو، بالقول: "المفاوضات بين أطراف النزاع في السودان جزء أساسي من المبادرة التي قدمناها للتسوية". وأوضح داو: "اقتراحنا أن تكون جوبا مكانًا لعقد اللقاء بين البرهان وحميدتي لبدء مفاوضات التسوية".

Getty

هل من أفق لمبادرة الإيغاد؟

وقالت مصادر صحيفة، إن الجيش والدعم السريع تسلموا بشكلٍ رسمي المبادرة الهادفة لتمديد الهدنة الحالية التي تنتهي اليوم الخميس. وكشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، عن أن الجيش سمى عضو مجلس السيادة الفريق شمس الدين الكباشي ليكون ممثله في المفاوضات، ولم يُعرف بعد اسم ممثل "قوات الدعم السريع".

وحول إمكانية تقدم المفاوضات، رهن اللواء المتقاعد صلاح عيساوي، القريب من دوائر قوات الدعم السريع، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، نجاح مبادرة إيغاد، "بابتعاد فلول النظام البائد عن طاولة المفاوضات وعن التأثير على قرار قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان"، وفق تعبيره. مبيناً أن "تلك العناصر لا تبدي أي حرص على وقف الحرب وتعمل عبر أدواتها السياسية والإعلامية وأذرعها داخل الجيش على استمرار الحرب ولا تهمهم أي نتائج إنسانية ودمار وخراب".

واعتب عيساوي أن جلوس كل من البرهان وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو حميدتي وجهاً لوجه سينهي الحرب تماماً حتى دون وساطات أو ضغوط دولية. ونوه عيساوي إلى أن الجيش إذ اختار الفريق شمس الدين لتمثيله في المفاوضات، فإن ذلك ربما يعقد الوصول لتسوية، مشيراً إلى أن كباشي "من المتشددين في مواقفه".

من جانبه، يرى سفير السودان الأسبق في إثيوبيا، الطريقي كرمنو، استحالة نجاح مبادرة "إيغاد"، مشيراً إلى أن "المواجهة الحالية أخذت طابع العداء والغبن الشخصي بين البرهان وحميدتي، وكل طرف يشعر بقوته ويخطط للانتصار في المعركة ما يصعب عليهما تقديم أي تنازلات في الوقت الراهن". 

حول مبادرة التسوية في السودان، قال وزير خارجية جنوب السودان دينق داو للتلفزيون العربي إنهم في انتظار الإجابة حول مبادرة التسوية في السودان

ويوضح كرمنو لـ"العربي الجديد"، أنه وخلال الأيام الماضية برز مقترح لعقد اجتماع بين البرهان وحميدتي في دولة عربية، وفشل لذات الأسباب رغم تأثير الدول التي تتبناه، بما فيها الولايات المتحدة الأميركية، مشيرًا إلى أن "أي حرب لن تتوقف إلا إذا هزم فيها أحد الطرفين، كما هزم البشير سياسيًا في وقت من الأوقات، فجلس نظامه للتفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان في جنوب السودان تحت ضغط دولي وإقليمي، مستبعدًا أي تأثير للضغوط الخارجية على الطرفين".