كما كان منتظرًا، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس الأحد، تنحيه عن الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر القادم.
وفي الوقت الذي أعرب فيه الديمقراطيون عن ترحيبهم بهذا القرار الذي أجمعوا على وصفه بـ"التاريخي"، اعتبره المرشح الجمهوري دونالد ترامب تماديًا من بايدن في "الكذب والخيانة"، متعهدًا بإلحاق الهزيمة بنائبته كامالا هاريس التي اعتبر أن هزيمتها ستكون أسهل من هزيمة بايدن على حد تعبيره.
وكان بايدن قد أعلن، في خطاب سحب ترشحه، عن دعمه وتأييده لنائبته كامالا هاريس لتكون مرشحةً للحزب الديمقراطي، داعيًا أنصاره إلى التبرع لحملة هاريس، معتبرًا مصلحة الحزب والدولة تكمن في تنحيه وتركيزه على أداء واجباته كرئيس للفترة المتبقية من ولايته.
وقد أشارت المرشحة الأوفر حظًّا لخطف بطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، لبعض المانحين إلى أنها مستعدة لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة.
على الرغم من أن هاريس تبدو على نطاق واسع أفضل بديل لبايدن، فإن استطلاعات الرأي الأخيرة لا تظهر فرقًا كبيرًا بين مواجهتها للمنافس دونالد ترامب وبين مواجهة بايدن له
وبات من المرجّح، حسب مصادر مطّلعة: "أن يؤيد المشرّعون الرئيسيون هاريس"، في انتظار تزكية اللجنة الوطنية للحزب الديمقراطي ترشيحها. ويشار في هذا الصدد إلى ما قاله رئيس اللجنة جيمي هاريسون: "ستعلن عن الخطوات التالية ومسارنا للمضي قدمًا في الترشيح".
دعمٌ متزايد لهاريس
تتابعت إعلانات الدعم من صفوف الديمقراطيين، على مستوى الحملة ومجلس النواب والشيوخ لترشيح كامالا هاريس، التي قامت هي الأخرى، وفقًا لـ"نيويورك تايمز" بالاتصال بأعضاء في الكونغرس وحكام ولايات لحشد دعمهم بعد إعلان بايدن دعمها للترشح في السباق الرئاسي.
وفي السياق ذاته، نقلت "رويترز" عن مصادر خاصة أنّ: "مسؤولو حملة هاريس بدأوا بإجراء اتصالات لتأمين دعم المندوبين لترشيحها"، كما أكدت مصادر الوكالة أنّ حملة وحلفاء كامالا هاريس يدعون مندوبي الحزب الديمقراطي إلى دعمها قبل مؤتمر الحزب.
وتجاوبًا مع هذه التحركات، أكدت لجنة الانتخابات الفيدرالية أنّ لجنة انتخابات الحزب الديمقراطي طلبت تغيير اسم الحملة من "بايدن" إلى "هاريس"، وإن كانت ماريان ويليامسون شدّدت في بيانٍ لها على أنّ "ترشيح ديمقراطي جديد يجب أن يكون مفتوحًا لعملية ديمقراطية في مؤتمر مفتوح".
ويشار هنا إلى أنّ ترشيح هاريس مكان بايدن ليس أمرًا تلقائيًا كما يحدث لو أنه استقال، فالأمور لا تحدث بهذه السرعة، إذ لكي تكون هاريس هي المرشحة الرسمية للحزب الديمقراطي لا بد أن يصوت المندوبون عليها. وربما تلجأ اللجنة الوطنية الديمقراطية إلى الدعوة لترشيحات افتراضية، وإلا فسيختار المؤتمر الوطني للحزب، المقرر يوم 19 آب/أغسطس، مرشحًا جديدًا.
وفي حال فشل الديمقراطيون في التوحد خلف شخص معين، وهذا أمر مستبعد، فإن ذلك يعني إمكانية عقد مؤتمر مفتوح، وهو ما لم يتم منذ عام 1968، ويمكن أن يتلافاه الحزب بتقديم الدعم لشخص واحد قبل المؤتمر.
ويتم اللجوء إلى هذا السيناريو في حال تعدد الساعون لترشيح الحزب، حيث يكون الحسم بيد المندوبين لاختيار مرشحهم المفضل.
وفي الجولة الأولى من التصويت، لا يحق التصويت لغير المندوبين (حوالي 3900 شخص)، وإذا لم يحصل أي مرشح على الأغلبية، فيمكن للمندوبين الكبار (حوالي 700 من قادة الحزب والمسؤولين المنتخبين) التصويت في الجولات اللاحقة حتى يتم اختيار المرشح.
ووجدت العديد من الأسماء الديمقراطية الفرصة مواتية لتوحيد الحزب، بعد الانقسامات التي عرفها على إثر الدعوات الأخيرة لانسحاب بايدن، كما أنّ مواجهة "شعبوي" مثل ترامب تتطلّب الاتحاد أكثر من أي وقتٍ مضى، فانتصاره في انتخابات الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر القادم يشكّل تهديدًا حقيقيًا للنظام الديمقراطي للبلاد فضلًا عن مخاطره الأمنية.
وفي هذا الصدد، أعلن العديد من النواب والمانحين دعمهم ترشيح هاريس، حيث اعتبر النائب الديمقراطي بيني تومسون أن الوقت قد حان للاتحاد وترشيح هاريس لقيادتنا، وذات المضمون والدعم أكده النائب الديمقراطي مارك تاكونو والنائب ريتشي توريس الذي أكد على أن: "من مصلحة الحزب أن يجتمع حول هاريس وتحويل الاهتمام إلى هزيمة ترامب".
وعبّر النائب الديمقراطي والقيادي بحملة بايدن، جيمس كلايبورن، عن دعمه لهاريس قائلًا: "فخورٌ بأن أدعم هاريس لتكون مرشحة الحزب في الانتخابات".
وعلى المنوال ذاته، عبّر النواب جيري نادلر وآدم شيف وتيد ليو وبراميلا جايابول وجيمي راسكين والسيناتور جون أوسوف وبيتر كيليش ومارك ميلي ومارك وورنر والنائبة جاسمين كروكيت عن دعمهم ترشيح كامالا هاريس لمقارعة ترامب.
وسارع ريد هوفمان، وهو أحد كبار المانحين للحزب الديمقراطي، إلى إعلان دعمه لترشيح كامالا هاريس. كما أكدت "إيه بي سي" أنّ اثنان من كبار المانحين الديمقراطيين أعلنا تأييدهما كامالا هاريس
ونقلت "بلومبرغ" عن حاكمة ولاية ميشيغان، غريتشن ويتمر، قولها إنها: "لا تنوي تحدي كامالا هاريس والترشح للرئاسة". كما أكدت "رويترز"، نقلًا عن مصادرها، أنّ بعض رؤساء الحزب الديمقراطي بالولايات يجتمعون بمندوبي الحزب عبر الإنترنت لحثهم على دعم هاريس.
وفي الأثناء، أعلن مجلس الديمقراطيين اليهود دعمه لترشح كامالا هاريس لمنصب الرئيس عن الحزب الديمقراطي.
واعتبر كبير موظفي البيت الأبيض السابق، رون كلاين، أن الوقت حان لإنهاء ما وصفها بـ"ألعاب الخيال السياسي والتوحد خلف هاريس"، مضيفًا القول: "دعونا نكون واقعيين ونفوز في تشرين الثاني/نوفمبر".
أما زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس النواب، حكيم جيفريز، فقال: "نريد العمل للفوز بالرئاسة واستعادة الأغلبية في المجلس" على حد تعبيره.
وحول حظوظ هاريس بالفوز على ترامب، لفتت "واشنطن بوست" النظر إلى أنه وعلى الرغم من أن هاريس تبدو على نطاق واسع أفضل بديل لبايدن، فإن استطلاعات الرأي الأخيرة لا تظهر فرقًا كبيرًا بين مواجهتها للمنافس دونالد ترامب وبين مواجهة بايدن له.
إذ تفوق المرشح الجمهوري بما يقارب نقطتين، في معدل 11 استطلاعًا أجرتها "واشنطن بوست" بعد المناظرة مع بايدن، وبنقطة ونصف نقطة على هاريس، ليبدو أن أداء هاريس أفضل قليلًا من بايدن في 4 استطلاعات، وأسوأ منه قليلًا في 4 أخرى، ولا فرق بينهما في 3 استطلاعات.
وكان استطلاع رأي أجرته "واشنطن بوست" و"أي بي سي نيوز" و"إيبسوس"، هذا الشهر، أظهر أن 44% من الأميركيين بشكل عام يقولون إنهم سيكونون "راضين" إذا تنحى بايدن وأصبحت هاريس المرشحة الديمقراطية، بما في ذلك 70% من الديمقراطيين والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية.
وفي الاستطلاع نفسه، قدم 29% من الديمقراطيين والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية هاريس كخيارهم لترشيح الحزب إذا تنحى بايدن، في حين ذكر 7% حاكم ولاية كاليفورنيا غافين نيوسوم، واختار 4% السيدة الأولى السابقة ميشال أوباما، و3% حاكمة ميشيغان غريتشين ويتمر.
ردود ترامب والجمهوريين
تنمّ ردود فعل الجمهوريين عن عدم تحبيذ انسحاب بايدن من السباق الرئاسي، وذلك نظرًا لتراجع منسوب الثقة الشعبية فيه، بعد الأداء الكارثي الذي ظهر به في المناظرة الرئاسية، التي زادت في المقابل بالإضافة لمحاولة الاغتيال التي تعرض لها ترامب من حظوظ مرشح الحزب الجمهوري.
ترامب: هزيمة كامالا هاريس ستكون أسهل من هزيمة بايدن
وفي أول ردّ فعل، علق دونالد ترامب على انسحاب بايدن قائلًا إنه: "أسوأ رئيس على الإطلاق في تاريخ بلادنا"، مضيفًا أنه: "لم يكن مؤهلًا للترشح للرئاسة وهو بالتأكيد غير مناسب للخدمة ولم يكن كذلك أبدًا" وفق تعبير ترامب، الذي تابع قائلًا: "بايدن لم يصل إلى منصب الرئيس إلا بالكذب والأخبار الملفقة"، مضيفًا: "سنعاني كثيرًا بسبب رئاسة بايدن للبلاد لكننا سنعالج الضرر الذي أحدثه بسرعة" على حد زعمه
كما اعتبر ترامب في تعليقاته أنّ: "هزيمة كامالا هاريس ستكون أسهل من هزيمة بايدن" على حد وصفه.
أما رئيس مجلس النواب الأميركي الجمهوري، فطالب بايدن بالاستقالة فورًا ما دام عاجزًا عن خوض السباق الرئاسي، وهو المطلب نفسه الذي كرره السيناتور الجمهوري مايك لي. فيما اعتبر زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب، ستيف سكاليز، أنّ: "الديمقراطيون لا يحترمون ناخبيهم".
بدوره، أدلى المرشح الجمهوري لنائب الرئيس، جيه دي فانس، بدلوه مؤكدًا على غرار ترامب أنّ: "بايدن كان أسوأ رئيس"، مضيفًا أن: "هاريس كانت معه دائمًا".
وأعلن جيه دي فانس أنه وترامب: "على استعداد لإنقاذ الولايات المتحدة أيًّا كان مرشح الديمقراطيين"، معتبرًا أنّ: "هاريس تتحمل الإخفاقات وكذبت لقرابة أربع سنوات بشأن قدرات بايدن الذهنية" على حد قوله.