30-يونيو-2024
الانتخابات الفرنسية 2024

(Getty) امرأة تدلي بصوتها في مركز اقتراع داخل قاعة بمدينة كوتيو

بدأت اليوم عمليات التصويت في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية في فرنسا، مع استعدادات لنتائج قد تُحدث تغييرات جذرية في المشهد السياسي الفرنسي.

وقد فتحت مراكز الاقتراع في الساعة 8:00 صباحًا بالتوقيت المحلي، بعد بدء عمليات التصويت في الأرخبيلات البحرية الفرنسية، أمس السبت، وسط توقعات بوصول نسبة المشاركة إلى 67% من الناخبين المسجلين.

وتستمر عمليات التصويت حتى الساعة 18:00، وصولًا إلى الساعة 20:00 في المدن الكبرى، على أن تظهر عندها النتائج الأولية لهذا الاستحقاق الذي قد يحدث انقلابًا حقيقيًا في المشهد السياسي الفرنسي.

اليمين المتطرف

ويحظى حزب التجمع الوطني ممثلًا برئيسه جوردان بارديلا (28 عامًا) بـ34 إلى 37% من نوايا الأصوات في استطلاعات الرأي، ما قد يفضي إلى سيناريو غير مسبوق مع حصوله على غالبية نسبية، أو مطلقة بعد الدورة الثانية في السابع من تموز/يوليو.

في حال وصل بارديلا إلى رئاسة الحكومة، فستكون هذه أول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تحكم فرنسا حكومة منبثقة من اليمين المتطرف

 

وتشير استطلاعات الرأي التي يترتب النظر إليها بحذر من شدة ما يبقى الوضع ضبابيًا، إلى أن التجمع الوطني يتقدم على تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري الذي يجمع ما بين 27.5 و29% من نوايا الأصوات، والغالبية الرئاسية الحالية من وسط اليمين التي تحصل على 20 إلى 21%.

وفي حال وصل بارديلا إلى رئاسة الحكومة، فستكون هذه أول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تحكم فرنسا حكومة منبثقة من اليمين المتطرف.

أحدث الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، زلزالًا سياسيًا حقيقيًا في التاسع من حزيران/يونيو، بعدما أعلن حلاً فور تبين فشل تكتله في انتخابات البرلمان الأوروبي، مما أدى إلى حل الجمعية الوطنية. هذه الخطوة كانت رهانًا محفوفًا بالمخاطر وأحدثت صدمة داخل فرنسا وخارجها.

عن اليسار

رغم تبايناته الداخلية، نجح اليسار خلال الأيام التالية في بناء ائتلاف، لكن الخلافات بين "فرنسا الأبيّة" اليسارية الراديكالية وشركائها الاشتراكيين والبيئيين والشيوعيين، ولا سيما حول شخص زعيمها جان لوك ميلانشون، المرشح السابق للرئاسة، سرعان ما ظهرت مجددًا وغالبًا ما ألقت بظلّها على حملة التكتل.

وفي هذه الأثناء، واصل التجمع الوطني الزخم في حملة ركّزها على القدرة الشرائية وموضوع الهجرة، من غير أن تتأثّر لا بالغموض حول طرحه إلغاء إصلاح نظام التقاعد الذي أقره ماكرون، ولا بالسجال الذي أثارته طروحاته حول مزدوجي الجنسية ولا بالتصريحات الجدلية الصادرة عن مرشحين من صفوفه.

ويعمّ انفعال كبير البلاد ومن المتوقع أن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات مرتفعة، وقد تصل إلى حوالي 67% من أصل نحو 49 مليون ناخب مسجّل، بزيادة كبيرة عن نسبة 47.51% المسجلة في الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية عام 2022.

وسجل أكثر من 2.6 مليون طلب تصويت بالوكالة منذ العاشر من حزيران/يونيو بحسب وزارة الداخلية، وهو عدد يفوق بأربع مرات العدد خلال فترة مماثلة قبل سنتين، كما سجل الفرنسيون في أراضي ما وراء البحار والمقيمون في القارة الأميركية مشاركة أعلى بكثير من قبل، ومعبرين في غالب الأحيان عن إحساس بجديّة الوضع.

زيادة في المشاركة

وبلغت نسبة المشاركة ظهر الأحد بالتوقيت المحلي في كاليدونيا الجديدة 32,4% من الناخبين المسجّلين، بزيادة عشرين نقطة عن نسبة 13,06% المسجلة في 2022، وسط توتر شديد في الأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ بعد أعمال شغب التي شهدها إثر التصويت في باريس على إصلاح للنظام الانتخابي رفضه الانفصاليون.

كما سجلت مشاركة قوية عند الظهر بالتوقيت المحلي في بولينيزيا، بلغت 18% مقابل 15,8% في 2022. غير أنه قد يكون من الصعب استخلاص العبر من الدورة الأولى من كثرة ما تبقى رهنًا بعوامل غير محسومة.

وفي طليعة هذه العوامل الارتفاع الكبير المرتقب في عدد الدوائر التي سيتأهل فيها ثلاثة مرشحين للدورة الثانية، وعدد المرشحين الذين سينسحبون خلال فترة ما بين الدورتين، في حين تراجع على مرّ السنوات الاندفاع إلى تشكيل "جبهة جمهورية" تقف بوجه اليمين المتطرف.

ويواجه معسكر الغالبية الرئاسية الحالية أكبر قدر من الضغوط، بعدما انتخب ماكرون رئيسًا في 2017 و2022 متحصّنًا بضرورة تشكيل حاجز أمام اليمين المتطرف.

ووعد الخميس بـ"بوضوح تام" في تعليمات التصويت للدورة الثانية في حال المنازلة بين الجبهة الوطنية واليسار، لكنه كان حتى الآن يبدي ميلًا بالأحرى إلى نهج "لا للجبهة للشعبية ولا لفرنسا الأبية" الذي يقابَل بتنديد من اليسار وانتقادات حتى داخل تكتله.

ومن المقرر أن يجمع ظهر الإثنين رئيس الوزراء، غابريال أتال، وأعضاء حكومته في قصر الإليزيه لبحث مسألة انسحاب مرشحين والإستراتيجية الواجب اعتمادها بوجه التجمع الوطني.

وتجري هذه الانتخابات بعد سنتين لم يكن خلالهما للتكتل الرئاسي سوى غالبية نسبية في الجمعية الوطنية، ما أرغم الماكرونيين على البحث عن حلفاء كلّما أرادوا طرح نصّ، أو حتى استخدام بند في الدستور سمح لهم بتمرير الميزانيات وإصلاح النظام التقاعدي بدون عمليات تصويت.

ومع فوز التجمع الوطني في الانتخابات الأوروبية بحصوله على 31.4% من الأصوات مقابل 14.6% للمعسكر الماكروني، تسارعت الأحداث دافعة الرئيس إلى اتخاذ خيارات تضعه أمام سيناريو "تعايش" مع بارديلا.