واصلت القوات الروسية تقدّمها في جبهات القتال شرق أوكرانيا، حيث تسعى إلى تعزيز مكاسبها الأخيرة واختراق الخطوط الدفاعية الأوكرانية قبل وصول حزمة المساعدات الأميركية، التي طال انتظارها، إلى خطوط المواجهة.
وقالت صحيفة "الغارديان" البريطانية، أمس الأحد، إن القوات الروسية تقدّمت بالقرب من مدينة أفدييفكا، وسيطرت على قريتين وقامت كذلك بتوسيع ممر ضيق حول قرية "أوكريتين" الريفية التي دخلتها قبل أسبوع. وجدّد المسؤولون الأوكرانيون تأكيدهم على أن الوضع في منطقة دونباس، حيث تشن روسيا هجومًا واسعًا على جبهات متعددة، صعب للغاية. لكنهم، مع ذلك، اعتبروا أن الأمر: "ليس حرجًا أو كارثيًا".
وأشارت الصحيفة إلى القوات الروسية استطاعت السيطرة على قرية أوكريتين، حيث تدور الآن معارك عنيفة مع القوات الأوكرانية، بعدما تمكنت من تجاوز شبكة الخنادق الأوكرانية وإنشاء نقطة بارزة تتيح لها التحرك نحو العديد من القرى الأخرى. وبالفعل، تمكنت القوات الروسية بعد ذلك من السيطرة على عدة قرى صغيرة، بينها سولوفيوف ونوفوكالينوف، والانطلاق منها باتجاه الغرب.
تسعى روسيا إلى تعزيز مكاسبها الأخيرة شرق أوكرانيا، واختراق الخطوط الدفاعية الأوكرانية، قبل وصول حزمة المساعدات الأميركية إلى خطوط المواجهة
في المقابل، قالت القيادة الشرقية لأوكرانيا إن قواتها سيطرت على ثلثي قرية أوكريتين بعد قتال عنيف. وتأتي هذه المعارك عقب سلسلة مكاسب روسية في الجبهة الشرقية لأوكرانيا، أهمها السيطرة على مدينة أفدييفكا في شباط/فبراير الفائت.
وبحسب "الغارديان"، فإن القوات الروسية تتقدّم في شمال غرب أفدييفكا منذ ذلك الحين، وقد وصلت إلى مسافة حوالي 30 كيلومترًا من مدينة بوكروفسك، حيث تتجمع القوات الأوكرانية. وتواصل موسكو، في الوقت نفسه، هجومها في أقصى الشمال باتجاه بلدة تشاسيف يار، بالقرب من باخموت، التي سيطرت عليها القوات الروسية منتصف 2023.
وقال مسؤول أمني أوكراني وصفته الصحيفة بـ"الكبير"، إن الأمور في الوقت الحالي: "ليست حرجة أو كارثية، لكن الأمر صعب للغاية"، مشيرًا إلى أن وصول المساعدات العسكرية الأميركية إلى الخطوط الأمامية سيستغرق من شهر إلى شهرين. وأشار مسؤولون أوكرانيون إلى أنه هناك بعض الأسلحة التي قد تصل في وقت أقرب، مثل ذخائر المدفعية عيار 155 ملم.
ويسعى الكرملين، بحسب معهد دراسة الحرب "ISW"، إلى استغلال الفرصة والتقدّم أكثر شرق أوكرانيا قبل وصول المساعدات الأميركية. وذكر المعهد، وفق "الغارديان"، بأن المكاسب التكتيكية الأخيرة للقوات الروسية تُشير إلى وجود خطة طموحة لتطويق مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك في هجوم سيُشن خلال الصيف، ولا يُعرف ما إذا كان سينجح أم لا.
وذكر المعهد أن: "وصول المساعدات الأميركية إلى الجبهة في الأسابيع المقبلة سيسمح للقوات الأوكرانية بمعالجة القيود الحالية على العتاد وإضعاف العمليات الهجومية الروسية المستمرة"، وأضاف أنه: "يبدو أن القوات الروسية تكثف جهودها لزعزعة استقرار الدفاعات الأوكرانية وتحقيق مكاسب على الأرض".
وفي سياق متصل، قال قائد الجيش الأوكراني، أولكسندر سيرسكي، أمس الأحد، إن الجبهة الشرقية تشهد معارك عنيفة دفعت قوات بلاده إلى التراجع إلى مواقع جديدة. وكتب سيرسكي، في "تلغرام"، أن الوضع تفاقم على الجبهة، مضيفًا أن الوضع صعب للغاية في مناطق غربي مارينكا المحتلة وشمال غربي أفدييفكا، بحسب وكالة "رويترز".
وأشار سيرسكي في بيانه إلى أن القوات الأوكرانية اتخذت مواقع جديدة غرب بلدتي بيرديتشي وسيمينيفكا، اللتين تقعان شمالي أفدييفكا، بالإضافة إلى بلدة نوفوميخيليفكا جنوبًا بالقرب من مارينكا. وتابع: "حقق العدو بعض النجاحات التكتيكية في هذه المناطق، لكنه لم يتمكن من الحصول على أفضلية في العمليات".
واعتبر سيرسكي أن قريتي تشاسيف يار وإيفانيفسكي هما "المنطقتان الأكثر سخونة" في ذلك الجزء من الجبهة. كما لفت إلى أن القوات الأوكرانية تراقب عن كثب زيادة عدد القوات الروسية في منطقة خاركيف، ثاني أكبر المدن الأوكرانية. ويأتي ذلك بعد حملة قصف جوية عنيفة تعرضت لها المدينة خلال الأشهر القليلة الماضية، وقالت كييف إن الهدف منها هو جعلها غير صالحة للسكن.
وإذ لفت إلى أنه ثمة دلائل تشير إلى أن روسيا تستعد لشن هجوم مباشر في شمال أوكرانيا، قال أيضًا إنه: "في الاتجاهات الأكثر تهديدًا، عززنا قواتنا بوحدات المدفعية والدبابات". ومع ذلك، وبحسب وصف "رويترز"، يشير بيان سيرسكي إلى مدى تدهور موقف أكرانيا في جبهتها الشرقية.
وتنتظر القوات الأوكرانية وصول شحنة المساعدات العسكرية الأميركية، المنتظرة منذ وقت طويل، لصد تقدم القوات الروسية واستعادة المبادرة في الجبهة. وفي السياق، ذكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن فرقًا أوكرانية وأميركية تعمل على إعداد اتفاق أمني لمدة 10 سنوات سيشمل أسلحة وأنواعًا مختلفة من الدعم.