هاجم الرئيس الأميركي جو بايدن الطلب الذي تقدمت به المحكمة الجنائية الدولية لإصدار أوامر اعتقال لاعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت، في عرض جديد لدعم تل أبيب.
وانحاز الرئيس الأميركي إلى جانب إسرائيل بعد أن أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان. وجاء بالتزامن مع حملة إسرائيلية واسعة للهجوم على المدعي العام.
وعاد بايدن إلى تصريحاته الأكثر صراحة في دعم إسرائيل منذ أشهر، إذ اتهم الرئيس الأميركي المحكمة الجنائية الدولية بـ"رسم تكافؤ أخلاقي زائف بين إسرائيل وحماس"، وفق قوله.
الرئيس الأميركي شارك في الهجوم الإسرائيلي على محكمة الجنايات الدولية
وقال بايدن في بيان: "إن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال ضد القادة الإسرائيليين أمر شائن. واسمحوا لي أن أكون واضحًا: أيًا كان ما قد يوحي به هذا المدعي العام، فلا يوجد تكافؤ بين إسرائيل وحماس. سنقف دائما إلى جانب إسرائيل ضد التهديدات لأمنها".
وأكد على هذه الآراء في خطاب ألقاه مساء الإثنين، وقال بايدن: "سأضمن دائمًا أن لدى إسرائيل كل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها ضد حماس وجميع أعدائها. نريد هزيمة حماس"، بحسب تعبيره.
ووصف الخسائر البشرية في صفوف المدنيين في غزة بأنها "مفجعة"، وأضاف أن إدارته تعمل أيضًا على توحيد المنطقة وتحقيق حل الدولتين، لكنه شدد على موقفه بشأن أوامر المحكمة الجنائية الدولية. وقال: "دعوني أكون واضحًا، نحن نرفض طلب المحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال ضد القادة الإسرائيليين. ومهما كانت ما تنطوي عليه هذه المذكرات، فليس هناك تكافؤ بين إسرائيل وحماس. وما يحدث ليس إبادة جماعية"، بحسب زعمه.
وردد أنتوني بلينكن، وزير الخارجية، تعليقات بايدن، الذي قال إن الولايات المتحدة "ترفض بشكل أساسي" قرار السعي لاعتقال مسؤولين إسرائيليين وحذر من أن ذلك قد يعرض الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار للخطر. كما اتهم المحكمة الجنائية الدولية بتجاوز سلطتها.
وقال بلينكن: "لقد كانت الولايات المتحدة واضحة منذ فترة طويلة قبل الصراع الحالي بأن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها اختصاص في هذه المسألة. لقد تم إنشاء المحكمة الجنائية الدولية من قبل الدول الأطراف فيها كمحكمة ذات اختصاص محدود. هذه الحدود متجذرة في مبادئ التكامل، والتي لا يبدو أنها تم تطبيقها هنا وسط اندفاع المدعي العام لطلب أوامر الاعتقال هذه بدلًا من السماح للنظام القانوني الإسرائيلي بفرصة كاملة وفي الوقت المناسب للمضي قدمًا".
وبعد ساعات، ذهب المتحدث باسم بلينكن في وزارة الخارجية ماثيو ميلر، إلى أبعد من ذلك، قائلًا في مؤتمر صحفي في واشنطن: "ليس لدي أي شك" في أن إصدار مذكرات اعتقال بحق القادة الإسرائيليين "سيشجع حماس".
وبحسب الكاتب في صحيفة "الواشنطن بوست" ديفيد إغناتيوس، فإنه من غير المتوقع أن يعارض الرئيس الأميركي جو بايدن العملية البرية الإسرائيلية المحدثة في رفح. موضحًا: "بدلًا من الهجوم العنيف بفرقتين، الذي فكرت فيه إسرائيل قبل عدة أسابيع، يتوقع القادة الحكوميون والعسكريون هجومًا محدودًا يعتقد المسؤولون الأمريكيون أنه سيؤدي إلى عدد أقل من الضحايا المدنيين، ولهذا السبب، لن يعارض بايدن. ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن ما لا يقل عن 800 ألف من حوالي 1.5 مليون فلسطيني تجمعوا في رفح قد غادروا". يشار إلى أن المعطيات على الأرض تعاكس هذا الاستنتاج الأميركي.
كما أعربت ألمانيا عن دعمها لإسرائيل ووصفت القرار بأنه "معادلة زائفة". وقال متحدث باسم وزارة الخارجية في بيان: "إن التطبيق المتزامن لمذكرات الاعتقال ضد قادة حماس من جهة والمسؤولين الإسرائيليين من جهة أخرى أعطى انطباعًا خاطئًا بالتكافؤ".
وقالت بريطانيا إنها تعارض سعي المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أوامر اعتقال بحق نتنياهو ووزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت. وكررت الخارجية ذات التفاصيل الأميركية عن عدم اختصاص المحكمة.
وفي السياق نفسه، سيطلب من نائب وزير الخارجية البريطاني أندرو ميتشل تقديم المزيد من التوضيح، يوم الثلاثاء، عندما يمثل أمام لجنة تدرس قرار بريطانيا بمواصلة بيع الأسلحة لإسرائيل على أساس أنه لا ينتهك القانون الإنساني الدولي.
تدرس اللجنة 3 عقوبات أساسية، ومسؤولون قانونيون يحذرونها من العواقبhttps://t.co/QE5wVPXC3E
— Ultra Palestine - الترا فلسطين (@palestineultra) May 21, 2024
استنجاد في واشنطن
بدوره، قال المعلق العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل: "إن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الأمن، فضلاً عن ثلاثة من زعماء حماس، يضع إسرائيل في واقع دبلوماسي لم تواجهه من قبل قط. فهو على المدى القصير، ولأول مرة، يعرض القيادة الإسرائيلية لخطر تهديد دولي حقيقي في أعقاب قرارها مواصلة الحرب في غزة. وعلى المدى الطويل، إذا صدرت أوامر الاعتقال، فقد نجد أنفسنا داخل انهيار دبلوماسي، مع ما قد يترتب على ذلك من آثار بعيدة المدى على العلاقات الاقتصادية والعلمية والتجارية، وعلى مجالات أخرى أيضًا. إن هذه الخطوات في خضم الحرب غير مسبوقة، وهي تعرض بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت لخطر التسليم في حالة قيامهما بزيارة الدول الأعضاء في المحكمة".
وأضاف هارئيل: "من المرجح أن تسلط خطوة خان الضوء على محكمة العدل الدولية في لاهاي، التي تتداول قرارًا يدعو إلى إنهاء الحرب. إن رفض نتنياهو قبول ذلك من شأنه أن يضع إسرائيل على طريق العقوبات الدولية ضدها، إذا بدأ مجلس الأمن الدولي بمناقشة هذه القضية".
واستمر المعلق العسكري في الصحيفة الإسرائيلية، بالقول: "إسرائيل ليست روسيا ولا إيران، فهي دولة تعتمد بشكل كامل على علاقاتها مع الغرب. ربما لا يزعج هذا الوضع قادة الحكومة اليمينيين المتطرفين، لكن هناك خطرًا محتملًا يتطور قد يؤثر سلبًا على حياة العديد من المواطنين الإسرائيليين".
وحول خطوات إسرائيل تجاه القرار، أوضح: "هاجم نتنياهو تحقيق خان يوم الإثنين وحظي بدعم واسع نسبيًا من السياسيين الإسرائيليين. والآن تُبذل جهود متأخرة لتجنيد الإدارة الأميركية لتهديد المحكمة الجنائية الدولية. إنهم يتجهون نحو الإدارة ذاتها والرئيس نفسه الذي دأب الوزراء والمشرعون الإسرائيليون على الاستهزاء بهم بانتظام".
وواصل في السياق نفسه، قوله: "في هذه المرحلة، ليس من الواضح كيف ستؤثر القنبلة التي أسقطت في لاهاي على القنابل التي لا تزال تسقط على رفح. العملية العسكرية هناك أكبر مما يقال للجمهور. وقد استولت الفرقة 162 على أكثر من نصف طريق فيلادلفيا على طول الحدود المصرية وهي تتقدم ببطء إلى ضواحي رفح، ويدور القتال بالفعل حول الخط الأول من منازل مخيم اللاجئين في حي البرازيل، في الجزء الغربي من المدينة. علاوة على ذلك، فإن لدى مسؤولي الجيش الإسرائيلي انطباعًا بأن المعارضة الأميركية الشديدة لدخول إسرائيل إلى رفح بدأت تضعف".
ويوضح هارئيل: "تنقسم الآراء داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية حول مواصلة العملية. ويعتقد أنصار احتلال رفح أن إسرائيل تحتاج إلى هزيمة آخر كتائب حماس. ومع ذلك، فإنهم يعترفون بأن القيام بذلك لن يعني هزيمة حماس، بل سيتطلب استمرار القتال في أجزاء أخرى من غزة لعدة أشهر. معارضو العملية يؤمنون بالسعي إلى صفقة تبادل وإنهاء الحرب على الجبهتين، حتى لو كان ذلك يعني الاعتراف بأن إسرائيل لم تحقق هدفها ولم تفكك حكم حماس بشكل كامل".
ويشير إلى أن "أصحاب وجهات النظر المختلفة، يعارضون الحل الأكثر جذرية الذي يقدمه نتنياهو ووزراؤه اليمينيون المتطرفون في حكومته: الإعداد لإقامة إدارة عسكرية مؤقتة في غزة. وكرر غالانت معارضته لهذه الفكرة يوم الإثنين. وحذر من أن الجيش ليس لديه العدد الكافي من الجنود للقيام بهذه المهمة وأنه سيضطر إلى تمديد الخدمة الإلزامية للمقاتلين إلى أربع سنوات. في الوقت الحالي، يتخذ نتنياهو الخط المتشدد، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان الخطر الشخصي الذي يواجهه في لاهاي سيؤثر على اعتباراته".
إعادة العلاقة مع ترامب
التقى أحد أقرب مستشاري الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب للسياسة الخارجية روبرت أوبراين، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يوم الإثنين، كجزء من وفد من مسؤولي ترامب السابقين زار عددًا من القادة الإسرائيليين.
وانضم إلى أوبراين، الذي عمل مستشارًا للأمن القومي لترامب ومن المتوقع أن يلعب دورًا مهمًا في أي إدارة ثانية لترامب، إلى مجموعة من مسؤولي ترامب السابقين الآخرين في الاجتماعات، ومنهم السفير الأميركي السابق لدى الإمارات وجون راكولتا والسفير السابق لدى سويسرا إد مكمولين.
تحتاج تل أبيب إلى مساعدة جو بايدن في مواجهة قرار محكمة الجنايات الدولية
وقال أوبراين إن ترامب كان على علم برحلته إلى إسرائيل، لكنه قال إن الرئيس السابق لم يطلب منه الذهاب أو طلب منه أن يقول أي شيء لنتنياهو. مضيفًا أنه عبر عن وجهة نظره لنتنياهو بأن "هجوم حماس لم يكن ليحدث أبدًا لو كان ترامب لا يزال رئيسًا".
وردا على سؤال لـ"نيويورك تايمز" عما إذا كان نتنياهو أعرب عن هذه الآراء، قال أوبراين: "إنه مؤيد، وهو يفهم أنه يحتاج إلى علاقات جيدة مع إدارة بايدن. لكن هذا كان شعوري".