21-أغسطس-2024
العمليات الاستشهادية

تمثل العمليات الاستشهادية مصدر قلق كبير لإسرائيل (هآرتس)

في قراءة لما آلت إليه مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل و"حماس"، اعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في قراءةٍ تحليلية، أنّ الحركة الفلسطينية باتت مقتنعة أكثر من أي وقت مضى بأن "الوسيط الأميركي" يجرها إلى الوقوع في الفخ من خلال آخر مقترحٍ عرضه في مفاوضات الدوحة وتبنّاه قبل المضي إلى مفاوضات القاهرة، بعدما ضمن "موافقة" نتنياهو عليه أثناء لقائه بوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مطلع الأسبوع الجاري في تل أبيب، وإن كانت "هآرتس" تشكك أصلًا في قبول رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو فعلًا للخطة الأميركية الجديدة التي تضمن وقف إطلاق النار لمرحلة واحدة يعود بعدها نتنياهو للحرب، وهو ما ترى فيه "حماس" نزولًا من واشنطن لشروط نتنياهو، وانقلابًا على ما تم الاتفاق عليه 2 تموز/يوليو الفائت.

وتتوقع الصحيفة الإسرائيلية، بناءً على هذه المعطيات، أن يكون رد "حماس" على ما يجري في غزة وما "يطبخ" في غرف المفاوضات، هو استئناف العمليات "الانتحارية" في إسرائيل، وكانت المحاولة التي وقعت مؤخرًا في تل أبيب علامةً على تبني الحركة هذا الخيار الذي وضعته جانبًا لفترة في إطار "صفقة" غير معلنة تكف الحركة بموجبها عن تلك العمليات، وتكف إسرائيل في المقابل عن اغتيال قادة "حماس".

قراءة "هآرتس" التي جاءت بعنوان: "وحدة الجبهات: العمليات الانتحارية هي رد حماس على ما يجري في غزة"، والتي كتبها جاكي خوري محرر الشؤون العربية في الصحيفة، رجّحت أنّ حركة "حماس" ترى أنّ أحدث نسخة من مقترحات وقف إطلاق النار الأميركية المتقلبة تبنيًا لموقف إسرائيل في رفض نهاية الحرب والانسحاب الشامل من قطاع غزة.

أحيت العملية الاستشهادية في تل أبيب، قبل يومين، مخاوف الإسرائيليين من عودة هذه العمليات إلى قلب إسرائيل كما كان الحال عليه في تسعينيات القرن الفائت

واعتبرت قراءة "هآرتس" أنّ عملية التفجير في تل أبيب قبل يومين، والأهم منها تبني "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي مسؤوليتهما عنها، أحْيت خوفًا قديمًا يتمثل في عودة العمليات الانتحارية إلى قلب إسرائيل كما في تسعينيات القرن الماضي. وحتى من دون معرفة إذا ما كانت الحركتان قادرتان عملياتيًا على شن تلك العمليات، فإنّ مجرّد تبنيّها من طرفهما يعدّ مقلقًا للإسرائيليين.

وبحسب الصحيفة، فإن منسوب الخوف زاد بسبب ما يحدث في الضفة الغربية، حيث تعمق الغضب والإحباط مع اقتحام الجيش الإسرائيلي المتكرر للبلدات والقرى الفلسطينية، وتواصل اعتداءات المستوطنين على السكان الفلسطينيين، بما يوفر تربةً خصبةً لتجنيد "الانتحاريين"، وفق الصحيفة.

التوقيت

يكتسي توقيت التفجير الذي أدى لمقتل شخصٍ وإصابة آخر أهميةً كبيرة، إذ جاء في خضم حراكٍ دبلوماسي وسياسي لمحاولة التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار في غزة، وقُبيل زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة.

ورغم أن الهجوم محدود، فإن القلق لن يختفي. ورسالةُ الفلسطينيين، خاصةً "حماس" و"الجهاد"، واضحة وهي أن مواصلة تعطيل الصفقة، خاصةً من قبل نتنياهو، تعني أن الصراع سيتغير، إن لم يكن في القطاع، ففي داخل إسرائيل، وستُطرح العمليات الاستشهادية خيارًا مرةً أخرى، حسب قراءة الصحيفة الإسرائيلية وتوقعاتها.

ويمكن وصف هذا النمط، حسب "هآرتس"، بأنّه: "نوعٌ آخر من وحدة الجبهات، فأحداث غزة تؤثر على الضفة الغربية وما يستشعره سكان الضفة سيؤثر على كبريات مدن إسرائيل".

ويعدّ التوقيت مهمًا أيضا بالنسبة لـ"حماس" لكونها: "تنظر لا فقط إلى ما حدث في الأيام القليلة الماضية، بل أيضًا إلى ما لم يحدث، فالضغط الدولي ضعيف، والأمم المتحدة نفضت يديها مما يجري، ولم يعد يُعوّل كثيرًا على محكمة العدل الدولية، أما غزة فعمّها الخراب"، وفق "هآرتس" التي أضافت أن رئيس حركة "حماس"، يحيي السنوار، لا يزال: "يحتفظ بورقتين أشبه بالجزرة والعصا: فمن جهةٍ يمسك بالأسرى الإسرائيليين الذين يتطلب الإفراج عنهم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين وإنهاء الحرب والانسحاب من غزة، ومن جهة أخرى يشن حرب عصابات في القطاع ويحاول إضرام النار في الضفة وإطلاق عمليات انتقامية داخل إسرائيل".

الفخ الأميركي الإسرائيلي

ترى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" فخًا في المقترح الأميركي الأحدث الذي قضى أساسًا بوقفٍ متدرج لإطلاق النار مع احتفاظ إسرائيل بخيار استئناف القتال في نهاية المرحلة الأولى.

فالمقترح يعني بالنسبة لـ"حماس"، كما تؤكد "هآرتس"، أن واشنطن تتبنى موقف إسرائيل التي ترفض أساسًا الالتزام بوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب والانسحاب التام من غزة، لذا تعمدت "حماس"، وفق الصحيفة، تسريب تفاصيل الخطة وأبرزها تأجيل بحث نهاية الحرب حتى نهاية المرحلة الأولى، مع غياب التزامٍ واضح بالانسحاب من محور فيلادلفيا، وبتجسيد آلية مراقبةٍ في محور نتساريم، ناهيك عن مطالب إسرائيل بترحيل عشرات الأسرى الفلسطينيين ورفضها إدراج أسماء عشراتٍ آخرين.

ويرى مقال هآرتس أنّ "حماس" ليس لديها ما تخسره، وفق تعبير الصحيفة، فقد فهمت أن هدف واشنطن: "الحصول على سلامٍ حتى انتخابات الرئاسة في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل وتقديم صورة نصرٍ في عودة المحتجزين المدنيين، وربما بعض المجندات، مقابل الإفراج عن عددٍ محدود من الأسرى الفلسطينيين، وهي تعتقد أن المرحلة الثانية تكتسي أهميةً أقل بالنسبة لواشنطن وحتى بالنسبة لإسرائيل التي ترى في كل ذلك ثمنًا من أثمان الحرب، لذا تركز الحركة معركتها الحقيقية على المرحلة الأولى على أمل أن تكون الأخيرة".