22-يوليو-2024
أميركيون من أصل لاتيني

أميركيون من أصل لاتيني (رويترز)

سلّطت وكالة "فرانس برس" الضوء على الوجهة التي يمكن أن تتوجه إليها أصوات اللاتينيين في الانتخابات الأميركية المقررة في الخامس من تشرين الثاني/نوفمبر القادم، معتبرةً أنّ أصواتهم تكتسب أهميةً حاسمةً في الانتخابات المقبلة، خاصةً أن كثيرين منهم يصوتون للمرة الأولى، سواءً من شبابهم أو من فئاتٍ أخرى دأبت على المقاطعة.

وولدت خطط الهجرة الأخيرة التي تبنتها الإدارة الأميركية شعورًا إضافيًا بالقلق لدى مجتمع اللاتينيين، لكنّ المفارقة أنّ العديد من الناخبين اللاتينيين، لا سيما في ولاية نيفادا، وهي إحدى الولايات الحاسمة في السباق الرئاسي، لا يستطيعون القطع بأيٍّ من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لديه حقًّا "خطة لمساعدة المهاجرين"، فقد اختلطت الخطط والبرامج وتشابهت إلى حد عدم التمييز بين أيّ الحزبين أقلّ محافظةً وتهديدًا لمجتمع المهاجرين.

في وقتٍ تحتدم فيه المناقشات بشأن الهجرة، ترى وكالة "فرانس برس"، بناءً على مقابلات أجرتها مع عدد من الناخبين اللاتينيين، أنّ أيًّا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري لا يُرضي أو يُلبي تطلعات الشباب اللاتيني.

وفي هذا الصدد، تنقل "فرانس برس" عن الشابة الثلاثينية تسونيا فيلاميزار المتحدرة من البيرو، وهي أميركية منذ عشرين عامًا، لكنها لم تصوّت في السابق وتعتزم الاقتراع للمرة الأولى في تشرين الثاني/نوفمبر القادم، قولها خلال مؤتمر للحقوق المدنية في لاس فيغاس في ولاية نيفادا: "لا أعرف أي خطة لدى الجمهوريين والديمقراطيين حقًّا لمساعدة المهاجرين".

أكثر من 32 مليون لاتيني يحق لهم التصويت في الانتخابات الأميركية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني/نوفمبر القادم

ويعتبر محللون أنه: "للفوز بالرئاسة والبقاء في البيت الأبيض، يتعيّن على الديموقراطيين إقناع الناخبين المتردّدين مثل فيلاميزار في الولايات المتحدة".

اللاتينيون قوة لا يستهان بها

يمثل اللاتينيون نسبةً تناهز 15% من إجمالي عدد الناخبين في الولايات المتحدة، أي إنّ 36.2 مليون لاتيني يحق لهم التصويت في الانتخابات الأميركية. وتفتح هذه الكتلة شهية المتنافسين، وبالأخص الديمقراطيين منهم، الذين بدأوا بالفعل في تكثيف حملاتهم الإعلانية وفعالياتهم السياسية التي تُقدَّم بلغتين في الولايات الجنوبية الغربية، مثل أريزونا ونيفادا ونيو مكسيكو وتكساس. وكان من المبرمج أن يشارك بايدن في تجمعٍ للجالية اللاتينية هذا الأسبوع في ولاية فيغاس قبل أن يلغي مشاركته بعد إصابته بكورونا، ويُعلن يوم أمس انسحابه من السباق الرئاسي ودعمه ترشيح نائبته كامالا هاريس ذات الأصول المختلطة.

تحدي التصويت

وتنقل "فرانس برس" عن فرانسيسكو أغيلار، وهو أحد المسؤولين عن تنظيم الانتخابات الأميركية في ولاية نيفادا، قوله "إن لأصواتنا في أريزونا ونيفادا وزنًا كبيرًا، لأنها ستحدد من سيكون الرئيس المقبل للولايات المتحدة". لكنه أشار إلى أن: "فقط نصف الأميركيين اللاتينيين المسجلين في القوائم الانتخابية يصوتون".

واعتبر نظيرُه من ولاية أريزونا أدريان فونتيس أن: "مكافحة الامتناع عن التصويت تشكل الأولوية المطلقة"، مع الاعتراف بأن عملية دفع هذا الجمهور إلى التصويت مهمة صعبة: "في حال لم نعره اهتمامًا إلا قبل أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من يوم الانتخابات الأميركية".

وبعدما كان دعم الأميركيين اللاتينيين لليسار مضمونًا لفترة طويلة، تراجع في الأعوام الأخيرة. ومنذ المناظرة الكارثية التي خاضها جو بايدن، بات ترامب منافسًا قويًا على الفوز بأصوات هؤلاء الناخبين، مع العلم أن نيات التصويت تشير إلى حيازة ترامب 36% من هذه الأصوات، وفقًا لاستطلاع أجراه "مركز بيو للأبحاث".

الهجرة قضية شائكة

تعدّ الهجرة قضيةً شائكةً بالنسبة للرئيس الديمقراطي الحالي جو بايدن،  مثلما هي قضية شائكة في صفوف اللاتينيين، الذين تتهمه بعض أوساطهم: "بالتراخي في مواجهة التدفق الجماعي على الحدود، وينتقده آخرون لعدم إصلاح قوانين وأنظمة الهجرة".

وتحاول إدارة بايدن، حسب المتابعين، موازنة الأمور. فمن ناحية، اعتمدت مؤخّرًا أمرًا تنفيذيًا يسمح بالتصدي لطالبي اللجوء والمهاجرين عندما يصل عددهم إلى 2500 يوميًا. وبموجب هذه القيود، ستتمكن السلطات من ترحيل المهاجرين الذين عبروا إلى الولايات المتحدة من دون الوثائق المطلوبة. ومن ناحية أخرى، سهلت إصدار تصاريح الإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء الشهيرة) لأزواج المواطنين الأميركيين.

وتعليقًا على هذه الاستراتيجية، نقلت "فرانس برس"، عن راكيل ألبويز (34 عامًا) قولها إن: "أكثر ما يهمنا هو حكومة تراعي المهاجرين وتتعاطف معهم". وحصلت هذه الدومينيكانية، حسب "فرانس برس"، على البطاقة الخضراء منذ عقد من الزمن، لكنها تعتبر أن الطريق للحصول على الجنسية مكلف جدًّا ويمر بإجراءات بيروقراطية صعبة. وقالت: "نحن ندفع الضرائب، ونبدأ من الصفر، ونعمل جاهدين للحصول على فرص في هذا البلد. نريد حكومةً تساعدنا".

وكان دونالد ترامب قد تعهد بترحيل ملايين المهاجرين غير الشرعيين وإغلاق الحدود اعتبارًا من اليوم الأول لعودته إلى البيت الأبيض، في حال فاز بالانتخابات. ويلقى هذا الموقف المتطرف تأييد العديد من الأميركيين اللاتينيين المحافظين الموجودين في الولايات المتحدة منذ زمن طويل. ويسجل الرئيس الجمهوري السابق أيضًا نقاطًا كونه رجل أعمال مع تضرر الناخبين بشدة من التضخم بعد الوباء.

وقال خوسيه سواريز في لاس فيغاس متنهدًا: "في السابق، كان بإمكاننا أن نأمل بشراء منزل هنا. أما اليوم حتى دفع ثمن البقالة صار صعبًا". وقد صوّت هذا السائق، وفق "فرانس برس"، لصالح بايدن في عام 2020، لكنه لا يستبعد" "منح ترامب فرصةً أخرى".

أما المسؤولة النقابية سوزي مارتينيز، فرأت أنه على الرغم من التردد الذي يسيطر على اللاتينيين، سيبقى هذا المجتمع مؤيدًا لليسار. وأضافت: "جزء كبير من برنامج ترامب لن يساعد اللاتينيين، بل سيساعد الأثرياء والشركات". ورأت أنه: "في نهاية المطاف، يعرف اللاتينيون ما هو المهم" وفق تعبيرها.