16-أغسطس-2024
نتنياهو مجرم حرب

تسليح إسرائيل يتسبب في رفع قضايا على عدة دول غربية (رويترز)

تُمارس حكومة الدنمارك سياسة اللف والدوران إزاء الدعوى القضائية التي رفعتها ضدّها 4 منظمات حقوقية وإنسانية، بتهمة مساهمتها المحتملة في الحرب الإسرائيلية غير القانونية على قطاع غزة، والتي تنظر محكمة العدل الدولية في ارتكاب إسرائيل فيها جريمة الإبادة الجماعية.

في حين تتذرع حكومة الدنمارك بعدم مناقشة قضية تسليح إسرائيل تحت قبة البرلمان لأنّ القضية محلّ نظرٍ قضائي، ترفض في المقابل أن تنظر المحاكم الكندية في نفس القضية.

وبحسب الجهات التي رفعت الدعوى، فإن ذلك كون حكومة الدنمارك محرجة وتواجه مأزقًا قضائيًا حقيقيًا لا تعرف أين تهرب منه، وبدلًا من المواجهة أمام المحاكم تفضل الهروب للأمام بمطالبة المحاكم الوطنية الكندية برفض الدعوى بزعم أنّ من يرفعها غير متأثرٍ مباشرةً بالحرب على غزة، وأنها مرفوعة من قبل منظمات لا أشخاص. وهي ذرائع، يعتبرها محامو المنظمات واهية ومثيرة للسخرية.

وتتعاون منظمة العفو الدولية، ومنظمة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان، ومنظمة أوكسفام إيبيس، ومنظمة التعاون بين الشعوب؛ "على ملاحقةٍ قضائية للحكومة الدنماركية على استمرار سماحها بتصدير المعدات المستخدمة في طائرات إف 35 إلى إسرائيل".

تمارس الحكومة الدانماركية ازدواجية المعايير، فمن ناحية ترفض مناقشة قضية تسليح إسرائيل تحت قبة البرلمان بدعوى أنّ القضية محلّ نظرٍ قضائي، ومن ناحية أخرى ترفض أن تنظر المحاكم الكندية في نفس القضية

هذه المنظمات الأربعة اتخذت "من تكرار قصف طائرات إف 35 للمدنيين الفلسطينيين في غزة نماذج على انتهاك الدنمارك للقوانين الدولية، على اعتبار أن الطائرات تحتوي على قطعٍ مهمة تصنعها شركة تيرما للتقنيات العسكرية الدنماركية"، وبناءً على ذلك رفعت دعواها القضائية ضدّ وزارة الخارجية الدانماركية والشرطة الوطنية في كوبنهاغن لأنهما الجهتان المسؤولتان عن منح ترخيص التصدير العسكري.

وفي أحدث ردٍّ حكوميٍ دانماركي قال وزير الخارجية الدانماركي، لارس لوكا راسموسن، أمس الخميس، إن الحكومة التي ينتمي إليها "غير مذنبة في تصديرٍ غير قانوني للأسلحة"، مؤكّدا في نفس التصريحات "على أنه لن يسمح للمحاكم المحلية في الدنمارك بأن تقرر ما إذا كان من غير القانوني تزويد إسرائيل بمعدات إف 35".

ويدور سجالٌ في الدنمارك بين ممثلي الحكومة والمنظمات، حيث يشدد محامون "أن رافعي الدعوى لم يتأثروا بشكلٍ ملموس أو فردي من القصف الإسرائيلي والحرب"، متوصلين بناءً على ذلك إلى أنه "ليس لدى المنظمات غير الحكومية الحق القانوني في رفع دعوى قضائية ضد الحكومة أمام المحاكم الوطنية".

في المقابل يرد الأمين العام للعفو الدولية لمنظمة العفو الدولية "أمنستي" في الدنمارك، فيبي كلاروب، على الموقف الحكومي بالقول: "نحن بالطبع مندهشون: هل تعتقد الحكومة الدنماركية حقًّا أن احترام القانون الدولي لا يمكن اختباره في المحاكم الدنماركية؟"، مضيفًا: "إذا لم تكن لهذه المنظمة التي تعمل في جميع أنحاء العالم لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي حقٌ ومصلحة قانونية في محاكمة هذه القضية، فمن سيفعل ذلك؟"، منتقدًا بشدّة "المعايير المزدوجة" للحكومة الدانماركية، منبّهًا وزير خارجية الدنمارك إلى أنه "يتذرع في رفضه مناقشة البرلمان قضية تسليح إسرائيل على اعتبار أنها قضية سيُنظر فيها أمام المحاكم، ليأتي الآن ويقول إنه لا يحق للمحاكم النظر فيها". معتبرًا أن الحكومة الدانماركية بهذا النهج "تتهرب من القضية على مستوى البرلمان وعلى مستوى القضاء".

بدوره فنّد الأمين العام لمنظمة أوكسفام، لارس كوك، الموقف الحكومي، مشيرًا إلى أنّ منظمة أوكسفام "لديها حوالى 30 موظفًا في غزة، يعملون على مساعدة السكان المدنيين بالمساعدات الطارئة، وهم يتأثرون بشكل ملموس، وفرديًا، بالقنابل التي تسقط عليهم".

كما لفت محامي المنظمات المدعية على الحكومة الدانماركية، إميل كيربو، إلى "وجود قضايا سابقة مرفوعة ضد الحكومة من قبل منظمات غير حكومية لم تكن على تماس مباشر في القضايا المرفوعة".

وبحسب عددٍ كبيرٍ من الأدلة فإنّ طائرات إف 35 التي توفر لها شركة التصنيع العسكري الدانماركية "تيرما" قطعًا مسؤولة مباشرة عن التحكم بالطائرة وعن إطلاق الصواريخ، استخدمت في قصف المدارس والنازحين المدنيين في غزة.

وأدى ذلك إلى تصاعد حدة انتقادات المجتمع المدني للحكومة الدانماركية، التي تنتهك حسب المنظمات "اتفاقيات منع الاتحاد الأوروبي تصدير المعدات العسكرية إذا كان هناك خطر أن تساهم في انتهاك قوانين الحرب المتعلقة بحماية المدنيين".

ويستأنس هؤلاء بقيام محكمةٍ هولندية، على ذات الخلفية، "بحظر جميع مبيعات الأسلحة لإسرائيل، رغم استئناف الحكومة الهولندية لحكمها".

وبدأت دعوى المنظمات في كوبنهاغن تحظى بدعمٍ متزايد من طرف الرأي العام الدانماركي، وفي هذا الصدد أرسل ثلاثة وزراء خارجية سابقون في الدانمارك هم فيلي سوندال (من الشعب الاشتراكي) ومارتن ليدغورد (من راديكال يسار الوسط) وموينز لوكاتوفت (من حزب فريدركسن الاجتماعي الديمقراطي)، رسالةً مشتركة تموز/يوليو الماضي، اعتبروا فيها أنّ "من الجيد للدنمارك أن يكون هناك مجتمع مدني قوي يستطيع الضغط على المكابح عندما يكون هناك خطر يتمثل بضلال السلطات".

مشيرين إلى أن "القصف الإسرائيلي الشامل وتجويع السكان المدنيين العزل في غزة دخلا منذ فترة طويلة كتب التاريخ باعتبارهما شكلًا عنيفًا غير عادي من أشكال الحرب".

مؤكدين أن "المذبحة في غزة لا يمكن تحمل مشاهدتها، وكان ينبغي وضع حدّ لها منذ فترة طويلة من خلال ضغوط هائلة من جانب الولايات المتحدة وحلفاء إسرائيل الآخرين، بما في ذلك الدنمارك".