أشارت إحصائيات نشرها البيت الأبيض الأمريكي إلى ارتفاع معدل قتلى القوات الروسية في الحرب على أوكرانيا بشكلٍ قياسي، وتلفت معلومات البيت الأبيض النظر إلى تزايد معدلات ضحايا القوات الروسية في الفترة الأخيرة مع اشتداد ضراوة العمليات القتالية في باخموت شرق أوكرانيا.
ترجح التقديرات الأمنية الأمريكية إلى ارتفاع عدد قتلى الجيش الروسي مع بداية الهجوم الأوكراني المضاد
ويعتقد البيت الأبيض أن 20 ألف جندي روسي سقطوا في الأشهر الأخيرة في معركة باخموت لوحدها، ويشير تقرير البيت الأبيض إلى أن "حجم المذبحة" يمكن أن يتقاقم مع خطة كييف لشن هجوم مضاد لاستعادة الأراضي المحتلة.
وعلى ذلك الأساس ترجح التقديرات أن يؤدي هذا السيناريو إلى مضاعفة العدد من الخسائر العسكرية التي تكبدها كلا جانبي الحرب، علمًا أنه ووفقا لآخر التقييمات الغربية فقد سقط أكثر من 360 ألف قتيل وجريح منذ بدء الحرب.
ولفتت صحيفة واشنطن بوست أن الكشف عن هذه الإحصائيات يأتي في وقت تستمر فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها في تزويد أوكرانيا بترسانة أسلحة تتوسع باستمرار بهدف إلحاق خسائر مدمرة بالجيش الروسي، ويتواصل الدعم الغربي لكييف بالأسلحة المتطورة على الرغم من قناعة المسؤولين الأمريكيين، في السر، أن هجوم كييف المضاد من المحتمل أن يسفر عن "نتائج متواضعة للغاية"، حسب واشنطن بوست.
وذكر البيت الأبيض هذا الأسبوع، "في محاولة واضحة لتصوير جيش الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنه في حالة تدهور شديد"، كما تقول واشنطن بوست، أن حوالي 20 ألف جندي روسي قتلوا في الغزو منذ كانون الأول/ ديسمبر الماضي فقط، أكثر من نصفهم من بين صفوف مرتزقة فاغنر، كما أصيب نحو 80 ألف جندي آخر، بحسب قول المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، الذي استند في إعلان هذا الرقم على معلومات استخباراتية.
ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن العديد من هؤلاء الضحايا وقعوا في باخموت، حيث شن جيش بوتين- مدعومًا بعشرات الآلاف من المقاتلين شبه العسكريين والمدانين في السجون- منذ أواخر العام الماضي معركةً مكثفةً ضد القوات الأوكرانية المتمترسة في المدينة الصغيرة التي أصبحت بالنسبة للأوكرانيين والروس على حد سواء "قضية رمزية".
حيث تحاجج كييف بأن هدفها من معركة باخموت "قتل أكبر عدد من القوات الروسية خلال المعركة" لاستنفاد الاحتياطي الروسي، ورغم ذلك لا يسيطر الجيش الأوكراني إلا على جزء صغير من المدينة.
وبحسب تصريحات كيربي فإن "خطط روسيا فتح جبهة من إقليم الدونباس عبر باخموت قد فشلت، ولم يعد باستطاعتها تحقيق أي مكاسب استراتيجية حقيقية في هذه المناطق"، قائلًا: إن تقديرات الاستخبارات الأمريكية "تقدر أن روسيا خسرت أكثر من 100 ألف مقاتل، بينهم 20 ألفًا قتلوا خلال المعارك في باخموت لوحدها".
وأردف كيربي قائلًا: "الحقيقة هي أن هجوم روسيا، انقلب ضدها بعد أشهر طويلة من المواجهات، التي كبدتها خسائر هائلة".
وأوضح كيربي أنه لم يعلن عن التقديرات لأعداد الضحايا في الجانب الأوكراني لأنهم "الضحايا هنا بينما الروس يحاولون غزو بلادهم". والملاحظ أن واشنطن وكييف تتكتمان على ضحايا القوات الأوكرانية للمحافظة على معنويات قواتها ومعنويات الشعب الأوكراني ودعمه للحرب، وفق واشنطن بوست.
ومع ذلك أشار تقييم استخباراتي تم تسريبه من أواخر شباط/فبراير، إلى مقتل ما يصل إلى 17000 جندي أوكراني في القتال منذ بدء غزو بوتين قبل عام. وقالت الوثيقة السرية إنه خلال الأشهر الـ 12 الأولى من الحرب، لقي ما يصل إلى 42500 جندي روسي حتفهم من القتال.
على الجانب الروسي يحاجج المسؤولون الروس أن السيطرة على باخموت خطوة ضرورية "نحو تحقيق هدفها، بالسيطرة على إقليم دونيتسك بالكامل، وهو أحد أربع أقاليم شرقي وجنوبي أوكرانيا، والتي أعلنت روسيا ضمها بشكل أحادي، في أيلول/ سبتمبر الماضي، في أعقاب استفتاء إدانته أغلب دول العالم".
إلا أن التقديرات الأمنية تنفي أن تكون لباخموت أهمية استراتيجية تذكر مقارنة مع حجم المعارك والخسائر المتكبدة فيها، ويعتقدون أن المسألة أخذت أبعادًا شخصية أكثر منها موضوعية لدى جنرالات الحرب على الجانبين الروسي والأوكراني.
التقديرات الأمنية تنفي أن تكون لباخموت أهمية استراتيجية تذكر مقارنة مع حجم المعارك والخسائر المتكبدة فيها
وعلى الرغم من تواصل شلال الدماء في التدفق، لا يبدو أن أيًا من الطرفين يميل إلى إنهاء الحرب، ووفقًا لتقييم آخر تم تسريبه ضمن الوثائق الاستخباراتية الأمريكية المسربة، من المتوقع أن يستمر الصراع حتى عام 2024، حتى لو ألحقت أوكرانيا "خسائر لا تطاق" بالقوات الروسية، حيث يرد في إحدى الوثائق المسربة ما نصه: "من غير المرجح إجراء مفاوضات لإنهاء الصراع خلال عام 2023 في جميع السيناريوهات المدروسة".