11-سبتمبر-2024
الضفة الغربية

تسعى إسرائيل لتكرار سيناريو غزة في الضفة وتحويل غزة إلى ضفة ثانية (الأناضول)

اعتبرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أنّ مستوى العمليات العسكرية التي ينفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية تنذر  بتحويلها إلى نسخة ثانية من غزة، نظرًا إلى نوع العمليات والاستهدافات والأسلحة المستخدمة.

وأشارت في مادة تحليلية إلى أنه في الوقت الذي كانت فيه وسائل الإعلام في إسرائيل منشغلةً هذا الأسبوع بحادثة إلقاء كرة من الطين على وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أثناء وجوده هو وعائلته على شاطئ تل أبيب، كانت الدولة برمتها تغوص في الوحل الحقيقي الذي صنعه وزير الأمن القومي وشركاؤه، والذي يتمثل في: "مشروع تحويل الضفة الغربية إلى غزة وغزة إلى الضفة الغربية".

وترى أنّ ثمة عمليتان متوازيتان تمضيان بسرعة أكبر منذ هجوم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في السابع من تشرين الأول/أكتوبر وما تبعه من تداعيات، وكلتاهما سيتمخض عنهما واقع خطير على حد تعبيرها.

ففي الضفة الغربية، أدت الحرب المندلعة في قطاع غزة إلى رفع وتيرة التصعيد على كافة الأصعدة تقريبًا، حيث يتزايد الدافع نحو العنف على الجانب الفلسطيني جنبًا إلى جنب زيادة تهريب الأسلحة.

يُعِدُّ المستوطنون خطة لإقامة مستوطنات في عمق قطاع غزة بدأ ببناء كُنُس ومعابد يهودية للجنود، وصولًا إلى إقامة بؤر استيطانية وشرعنتها

كما أصبح عنف المستوطنين اليهود مستفحلًا أكثر من أي وقت مضى تحت حماية الحكومة اليمينية المتطرفة، وبدأ الجيش الإسرائيلي ينشر في الضفة الغربية قواته وعتاده بكثافة، وفق تحليل "هآرتس" الذي أعدته مراسلتها للشؤون الدبلوماسية نوا لاندو.

وأوضح التحليل أن قتل المدنيين الأبرياء تفشى بدرجة لم يكن من الممكن تخيلها قبل أن تصبح حرب غزة "عملًا روتينيا". ويضاف إلى ذلك ما أسمته نوا لاندو "القمع الاقتصادي" المفروض على الضفة الغربية منذ اندلاع حرب غزة، و"الازدراء السياسي" للسلطة الفلسطينية رغم أنها: "لا تزال الشريك الوحيد لإسرائيل على الأرض في كبح جماح الإرهاب"، على حد تعبيرها.

وتخلص نوا لاندوا، في هذه النقطة، إلى أنه إذا استمر هذا النهج المتبع في الضفة الغربية من طرف نتنياهو وحكومته المتطرفة، فإن الأمر ينذر بما سمّته: "حَمْسنةً كاملةً للضفة الغربية وتفاقم العنف والاحتكاك اليومي بين الفلسطينيين والمستوطنين والجيش"، وستصبح الضفة الغربية في النهاية "غزةً ثانية" وفق تعبيرها.

تحويل غزة إلى ضفة غربية ثانية

بالتزامن مع ما يحاك للضفة، سلطت "هآرتس" الضوء على الخطة التي تعدها حركة المستوطنين لإقامة مستوطناتٍ في عمق قطاع غزة بقدر الإمكان، تبدأ ببناء كُنُس ومعابد يهودية للجنود، ثم ستكون هناك مدارس دينية دائمة يتولى إدارتها حاخامات، وبعد ذلك تتحول كل تلك المنشآت إلى تجمعات سكانية، ينتقل إليها مراهقون للعيش في منازل متنقلة حيث يطردون منها مرةً بعد أخرى إلى أن تُضفى الشرعية على البؤر الاستيطانية في غزة.

وفي هذا السياق، يشرح شاني ليتمان، وهو أحد قادة حركة المستوطنين، الخطة قائلًا لـ"هآرتس": "في البدء، سيوافقون ـ يقصد الحكومة الإسرائيلية ـ على إقامة صلواتنا من نوع ما عبر السياج الحدودي، ثم سيسمحون لنا بالبقاء هناك لفترة أطول قليلًا، ربما ننام هناك طوال الليل، ولنَقُل مرة واحدة في الأسبوع، وبهذه الطريقة، نأمل تدريجيًا في الوصول إلى وضع نستقر فيه فعليًا على الجانب الآخر من السياج" الفاصل بين إسرائيل وقطاع غزة.

وتعليقًا على هذا السيناريو، تقول "هآرتس" إن هناك أحداثًا تاريخية ترسم مستقبل الأجيال القادمة، محذرةً من أنه ما لم تتوقف هذه التوجهات قريبًا، فمن المحتمل جدًّا أن تزول الاختلافات بين غزة والضفة الغربية وستحترقان وتصبحان أكثر "تطرفًا" يومًا بعد يوم تحت نير الاحتلال والنظام العسكري الإسرائيلي. كما سيحدث الشيء نفسه للمستوطنات والبؤر الاستيطانية ويزداد الاحتكاك العنيف يوميا بين المدنيين.

الفرصة الأخيرة

لا صوت في إسرائيل يعلو على صوت الحرب وقضم ما تبقى من أراضٍ للفلسطينيين، لكن هذه النبرة اليمينية شعبويةٌ بما فيه الكفاية لتدفيع المجتمع الإسرائيلي أثمانًا ليست في الحسبان كما لم يكن في الحسبان حدث السابع من تشرين الأول/أكتوبر. ويقتضي صوت العقل حسب "هآرتس"، التوصل إلى: "اتفاق بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة"، معتبرةً أن ذلك قد يكون "فرصة إسرائيل الأخير لتجنب مشهد كارثي لا تحمد عاقبته".

وختمت هآرتس قراءتها التحليلية باستدعاء الحادثة التي تعرض فيها وزير الأمن القومي المتطرف بن غفير للرشق بكرة الطين، قائلةً إن: "بن غفير - وهو أحد المتسببين الرئيسيين في الفوضى - لا يريدنا فعلًا أن نتحدث عن كل تلك الحقائق الآن، فهو يريد أن يرمينا بكرات من الرمل في أعيننا حتى يفوت الأوان".