23-يوليو-2024
مقاتلون ليبيون في طرابلس

(AFP) يواجه تنفيذ اتفاق تشكيل حكومة ليبية جديدة تحديات كبيرة

اتفق أعضاء مجلسيْ النواب والدولة الليبيين، في آخر جولة مفاوضات بينهما، على تشكيل حكومة جديدة واحدة، ودعوة مجلس النواب للإعلان عن فتح باب الترشح، والشروع في تلقي التزكيات ودراسة ملفات المرشحين لرئاسة "حكومة كفاءات" بقيادة وطنية تشرف على تسيير شؤون البلاد، وفق ما أعلن عنه الفرقاء الليبيون المجتمعون في القاهرة.

لكن، وعلى الرغم من أهمية النتائج التي خرج بها المجتمعون في العاصمة المصرية، فإنّ التحدي الأهم يكمن في تنفيذ المخرجات المشار إليها آنفًا. فكما يقال: الشيطان يكمن في التفاصيل. 

والإشارة هنا هي إلى قوانين الانتخابات التي تضع العوائق أمام التنفيذ العملي لأي اتفاق بين الليبيين. فما تزال المواد التي تحدد شروط الترشح مثار خلاف قوي، ويتعلق الأمر طبعًا بمادة منع ترشح مزدوجي الجنسية، والذين يحملون الرتب العسكرية، وهذه تخص الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر، الذي سيواجه أي اتفاق برفع الـ"فيتو" ما لم يتم التخلي عن شرط عدم السماح للعسكريين بالترشح للمراتب السياسية.

يقف الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر حجر عثرة أمام إمكانية التوصل لاتفاقٍ سياسي ينهي حالة الانقسام المؤسسي في ليبيا

وكان الفرقاء الليبيون في القاهرة قد أعلنوا عن تمسكهم بـ: "ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وفق القوانين المتوافق عليها والصادرة عن مجلس النواب، مع العمل على استمرار توسعة دائرة التوافق، وتقديم مقترح خريطة طريق من قبل أعضاء المجلسيْن باعتباره المسار الأساسي لاستكمال باقي الاستحقاقات الضرورية للوصول إلى الانتخابات".

كما شدد المجتمعون، في بيانهم الختامي، على: "ضرورة تكثيف الجهود وتوحيدها لإنهاء حالة الانقسام السياسي والمؤسساتي الذي يزيد من استشراء الفساد والغلاء والتدهور غير المسبوق للأوضاع المعيشية للمواطن". ودعا البيان الختامي أيضًا المجتمع الدولي إلى: "دعم التوافق الوطني واحترام إرادة وسيادة القرار الوطني ووحدة وسلامة التراب الليبي".

وفي تعليقه على هذا البيان، اعتبر رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح أنّه: "خطوة إيجابية في الطريق الصحيح"، داعيًا إلى ضرورة: "تنفيذ ما جاء فيه والبدء في إجراءات تشكيل الحكومة الجديدة، وفقًا للإعلان الدستوري وتعديلاته".

أمّا رئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، فأكّد على: "ضرورة إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور باعتباره الطريق إلى استقرار البلاد ووحدة أراضيها".

ويشار إلى أنّ المصادقة على الميزانية العامة الليبية أشعلت فتيل اختلافٍ كبير بين الفرقاء الليبيين في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حيث رفض الأخير: "الميزانية العامة التي أقرها مجلس النواب منفردًا".

معضلة قوانين الانتخابات

يقف خليفة حفتر حجر عثرة أمام إمكانية التوصل لاتفاقٍ سياسي ينهي حالة الانقسام المؤسسي في ليبيا على مستوى الحكومة والمؤسستين المالية والعسكرية، وحقول النفط. إذ لا جدوى لأي اجتماعات ما لم يتم حسم إشكالية القوانين الانتخابية والمتمثلة أساسًا في نقطتين محوريتين، هما: مزدوجي الجنسية، والذين يحملون الرتب العسكرية. وهذه الأخير تخص حفتر الطامح إلى رئاسة ليبيا أو قيادة الجيش بعد توحيد المؤسسة العسكرية.

وما يزال من المستبعد أن يتوصل الفرقاء في ليبيا إلى تفاهم حول النقطتين المشار إليهما آنفًا، في ظل تمسك المجلس الأعلى للدولة بهما.

إشكال تشكيل حكومة جديدة

يتطلّب تشكيل حكومة وطنية جديدة العديد من التنازلات. وفي ظل عدم استعداد الفرقاء الليبيين لتقديم التنازلات المطلوبة من كل طرف، تبقى القرارات الدولية هي المتحكمة بتشكيل مثل هذه الحكومة، على غرار الحكومة التي انبثقت عن اتفاق الصخيرات 2015، والحكومة التي نشأت عن لقاء جنيف 2021.

ولا تلوح في الأفق بوادر قرار أو لقاءٍ أممي لتشكيل مثل هذه الحكومة المنتظرة، في ظل عدم اتفاق فرقاء الأزمة الليبية على كامل مسار الحل السياسي.

ويعني هذا التحليل أنّ تأسيس أي معادلة جديدة في ليبيا تقتضي دعمًا خارجيًا، على المستويين الدولي والإقليمي، من الأطراف الفاعلة في الساحة الليبية.

ويشار في هذا الصدد إلى ما قاله وزير الخارجية المكلف، الطاهر الباعور، حول أنّه أطلع المندوبين الدائمين للدول الأعضاء في مجلس الأمن ونوابهم، خلال لقاء موسع في نيويورك، على الوضع الحالي في ليبيا، وتطورات المسارات السياسية والاقتصادية والأمنية، مشددًا على: "محورية دور مجلس الأمن في دعم جهود إنهاء المراحل الانتقالية، والوصول إلى الانتخابات وفق قوانين قابلة للتنفيذ"، على حد تعبيره.