تستمر أزمة انقطاع الكهرباء في مصر مع قرار الحكومة بزيادة ساعات تقنين الكهرباء إلى ثلاث ساعات يوميًا، بسبب تزايد الاستهلاك الناجم عن ارتفاع درجات الحرارة.
فخلال اليوم، تتوقف محرّكات المراوح وأجهزة التكييف والثلاجات عن العمل، وتتوقف المصاعد وتُلغى الاجتماعات أو يعاد تحديد مواعيد لها مع عودة الكهرباء للعمل بعد ساعة أو اثنتين.
وقد عمّ غضب واسع بين المصريين، جراء الأزمة، وسط تجاوز درجات حرارة الـ40 مئوية منذ أكثر من شهر.
وهذا الأسبوع، امتد الانقطاع إلى ثلاث ساعات، ووصل إلى ست ساعات يوميًا في بعض المناطق.
فقد أصدرت وزارتا الكهرباء والبترول بيانًا مشتركًا، جاء فيه: "نظرًا لزيادة معدلات الاستهلاك المحلي من الكهرباء، نتيجة الموجة الحارة شديدة الارتفاع وزيادة استهلاك الغاز المولد للطاقة، سيتم زيادة فترة تخفيف الأحمال ساعة إضافية حتى نهاية الأسبوع".
ووعد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الأسبوع الماضي، بإنهاء الأزمة مع حلول الأسبوع الثالث من الشهر الجاري، بعد تعاقد الحكومة على شحنات وقود (غاز مسال) بقيمة 1.18 مليار دولار، ولكن حتى تصل الشحنات الجديدة سوف تستمر سياسة تخفيف الأحمال بمعدل ساعتين يوميًا.
قررت الحكومة المصرية زيادة ساعات تقنين الكهرباء إلى ثلاث ساعات يوميًا بسبب ارتفاع الاستهلاك الناتج عن الموجة الحارة، مما أثار غضبًا واسعًا بين المصريين، خاصة مع تجاوز درجات الحرارة الـ40 مئوية منذ أكثر من شهر
وعن خطة الحكومة لإنهاء الأزمة بعد نهاية فصل الصيف، أوضح مدبولي أنه خلال الشهور المتبقية وحتى نهاية العام سيتم العمل على تقليل تخفيف الأحمال من خلال خطة واضحة وتدبير مبالغ إضافية، ما يعني عودة انقطاع الكهرباء مجددًا.
ولم تقتصر أزمة انقطاع الكهرباء على المنازل فقط، بل امتدت إلى الشركات والمحلات التجارية التي اضطرت إلى تعديل جداولها اليومية بشكل كبير، سواء عبر تخفيض عدد العاملين في مقارّها، أو عدد ساعات العمل لمواكبة مواعيد قطع الكهرباء المتغيّرة، التي تصل إلى ثلاث ساعات يوميًا أو أكثر في بعض الأحيان.
يخبر المهندس مصطفى السيد، الذي يعمل في شركة مقاولات، صحيفة "العربي الجديد"، أنّ أزمة الكهرباء أدت إلى تغيير نظام حياة أسرته. ويقول": تماشيًا مع جدول قطع الكهرباء غير المنتظم أصلًا، انقلب ليلنا نهارًا ونهارنا ليلًا. مثلًا اعتدنا أن نتناول وجباتنا الغذائية الثلاث في أوقات محددة للحفاظ على الصحة ومواعيد النوم، وضبط جداولنا اليومية بين العمل وأشغال المنزل ومذاكرة الأبناء وغيره، لكن كل شيء انقلب رأسًا على عقب الآن، فلا مواعيد محددة للأكل، ولا للمذاكرة ولا للخروج أو لفعل أي شيء بسبب قطع التيار".
وتقول زوجته يسرا محمود: "غيّرت أزمة قطع الكهرباء كل عاداتنا، فالخروج من المنزل والعودة إليه أصبحا يخضعان لجدول تخفيف الأحمال أيضًا، فسكان العمارات يضطرون إلى العودة في أوقات محددة لتجنب توقف المصاعد في أثناء قطع التيار، خصوصًا أولئك الذين يسكنون في طوابق عالية والأطفال وكبار السن".
لا يقتصر الأمر على عائلة السيد، فالمهندسة رشا السيد، تعاني من تبعات انقطاع الكهرباء، التي ألقت بظلالها على أصحاب الأعمال والمحلات التجارية. وتقول لـ"العربي الجديد": "اشتريت أجهزة تعمل بالشحن، من بينها كشافات إضاءة ومراوح وأخرى تشغّل الإنترنت لمواجهة الانقطاعات المفاجئة والمتكررة للكهرباء، ما سبّب أعباءً مالية أخرى".
وتضيف رشا، التي تعمل مديرة في شركة للدعاية والإعلانات في الإسكندرية: "كانت مواعيد العمل في الشركة تستمر حتى الساعة الثامنة مساءً، لكننا نعمل الآن حتى الساعة الخامسة فقط بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي يعطّل أعمالنا، ويلحق بنا خسائر في ظل صعوبة تعديل مواعيد العملاء".
وقد اضطرت رشا إلى اتخاذ تدابير قامت بها شركات أخرى، وتمثلت في تغيير مواعيد دوام الموظفين. وفي الوقت نفسه كان من غير المجدي مطالبتهم باستكمال الأعمال في منازلهم، باعتبار أنّ انقطاع الكهرباء يلاحقهم في منازلهم كذلك.
وجدت رشا حلًّا مؤقتًا لهذه المعضلة، تمثل في اصطحاب الموظفين جميعًا إلى مقهى أو كافتيريا لاستكمال الأعمال، ثم بمجرد قطع التيار في المقهى ينتقلون إلى مقهى آخر، وهكذا.
تكشف رشا لـ"العربي الجديد"، أنها حاولت التكيّف مع الأوضاع الجديدة للحفاظ على عملها، وقررت شراء مُولّد كهرباء ومنظم للتيار لمواجهة مشكلة تخفيف الأحمال، لكنها تراجعت بسبب صعوبات واجهتها، أبرزها غلاء الأسعار والصوت المزعج للمولد الكهربائي تحديدًا، إلى جانب ضرورة توفير كميات من الوقود لتشغيله باستمرار، خاصة مع زيادة فترات الانقطاع في المنطقة التي تقطن فيها إلى أكثر من ثلاث ساعات، علمًا أنّ هذه المدة تزيد في مناطق أخرى عن الثلاث ساعات.
وتقوم الحكومة المصرية بقطع الكهرباء بانتظام منذ عام، بسبب أزمة طاقة مصحوبة بشحّ في العملات الأجنبية أدّى إلى انقطاع الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.
فقد أعلنت الحكومة المصرية في تموز/يوليو 2023 أنّ الكهرباء ستُقطع لمدة ساعتين يوميًا نتيجة نقص مواد توليد الطاقة من الغاز الطبيعي، وقد أثار القرار في وقتها غضبًا شعبيًا كبيرًا.