08-أغسطس-2024
رد حزب الله

القبة الحديدية تعترض رشقة صواريخ أطلقت من جنوب لبنان (رويترز)

كشفت شبكة "CNN" الأميركية، نقلًا عن مصادرها، أنه من المحتمل أن يوجه "حزب الله" ضربة لـ"إسرائيل" بشكل مستقل عن الرد الإيراني، وهو ما أكدته تقارير عبرية، أمس الأربعاء، مشيرةً إلى أن حكومة الاحتلال تستعد لاحتمال مواجهة بعثاتها الدبلوماسية هجمات مختلفة كجزء من الرد الإيراني.

وبعد مضي أكثر من أسبوع على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ"حماس"، إسماعيل هنية، في طهران؛ والذي استبقه الاحتلال الإسرائيلي بساعات قليلة باغتيال القيادي البارز في "حزب الله"، فؤاد شكر؛ لا تزال "إسرائيل"، بدعم من الولايات المتحدة، تتأهب لرد مرتقب على حادثتي الاغتيال، وهو ما أكده العديد من المسؤولين الإيرانيين، والأمين العام لـ"حزب الله"، حسن نصر الله، في كلمتين متلفزتين.

"حزب الله" قد يرد بشكل مستقل

وضمن سياق التقارير الغربية التي توقّعت، خلال الأيام الماضية، نوعية وطبيعة رد إيران و"حزب الله" على حادثتي الاغتيال، سواء كان هذا الرد فرديًا أو مشتركًا، قالت "CNN"، نقلًا عن مصدرين وصفتهما بأنها "مطلعان على معلومات استخبارية"، إن "حزب الله" قد يوجه ضربة لـ"إسرائيل" بشكل مستقل عن الرد الإيراني الُمحتمل.

"حزب الله" يتحرّك بشكل أسرع من إيران في تخطيطه للرد ويتطّلع إلى ضرب إسرائيل في الأيام المقبلة

ووفقًا للشبكة الأميركية، فإن أحد المصادر أخبرها أن "حزب الله" يتحرّك بشكل أسرع من إيران في تخطيطه للرد، ويتطّلع إلى ضرب إسرائيل في الأيام المقبلة. وفي الوقت نفسه، قال مسؤولون للشبكة إن إيران لا تزال تعمل على تحديد كيفية خططها للرد، ونقلت عن مسؤول عسكري أميركي أن إيران أجرت بعض الاستعدادت، لكن ليس جميعها، والتي تتوقّع الولايات المتحدة رؤيتها قبل هجوم كبير على "إسرائيل".

وأوضح مصدر آخر لـ"CNN" التي نشرت تقريرها مساء أمس الأربعاء، أن "حزب الله" قد يتصرف بشكل منفرد دون سابق إنذار، نظرًا لقرب لبنان من "إسرائيل"، وهو ما لا ينطبق على إيران.

وأضاف المصدر ذاته أنه ليس من الواضح كيف أو ما إذا كانت إيران و"حزب الله" ينسقان بشأن هجوم محتمل في الوقت الحالي، ويسود شعور بين بعض المسؤولين بأن الاثنين قد لا يكونان متوافقين تمامًا بشأن كيفية المضي قدمًا.

"إسرائيل" تُحذر من استهداف المدنيين

إلى ذلك، قال موقع "أكسيوس" الأميركي نقلًا عن مسؤوليّن اثنيّن إسرائيليّين، اليوم الخميس، إن "تل أبيب" أبلغت واشنطن بأن الرد الإسرائيلي على رد "حزب الله" سيكون غير متناسب "إذا ألحق حزب الله الأذى بالمدنيين الإسرائيليين".

ووفقًا لـ"أكسيوس"، فإن المسؤولين الإسرائيليين يقولون إنهم لا يريدون حربًا شاملة مع "حزب الله" في لبنان، ويحاولون في الوقت الحالي رسم خط واضح لتحديد ما قد يجبر "إسرائيل" على تصعيد الصراع، والمخاطرة بالحرب، على حد ما نقل الموقع الأميركي.

ويتوقّع المسؤولون الإسرائيليون أن يستهدف الحزب "تل أبيب"، وأشاروا إلى أن الهدف قد يكون مركزًا مهمًا، مثل مقر لجيش الاحتلال في وسط المدينة، أو مقر جهاز الاستخبارات (الموساد)، وقواعد استخباراتية رئيسية أخرى في شمالها. وأضافوا أن جميع القواعد العسكرية قريبة من الأحياء المدنية، وإذا أخطأها صاروخ فإنه من المرجح أن يلحق الضرر بالمدنيين.

وقال مسؤولان إسرائيليان لـ"أكسيوس" إن "إسرائيل" أبلغت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة، عبر عدة قنوات عسكرية، بأنها قلقة من أن "حزب الله" قد يضرب مراكز سكانية مدنية إذا ما حاول استهداف قواعد عسكرية في وسط "إسرائيل".

وقال مسؤولون إسرائيليون إن مسؤولي جيش الاحتلال ووزارة الأمن الإسرائيلية أبلغوا نظراءهم في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" والقيادة المركزية الأميركية، بأن: "نيران حزب الله الصاروخية كانت غير دقيقة طوال الحرب، وأن محاولاته لضرب القواعد العسكرية كانت مصحوبة بمشاكل خطيرة وحوادث مؤسفة".

وأضاف المسؤولون، وفقًا لـ"أكسيوس"، أن هناك مخاوف أكثر خطورة بشأن إطلاق "حزب الله" صواريخ أرض-أرض بعيدة المدى بشكل غير دقيق، والتي تحمل رؤوسًا حربية أكبر، ويمكن أن تسبب أضرارًا أكبر بكثير ومزيدًا من القتلى.

صمود "إسرائيل" يعتمد على الولايات المتحدة

وعلى ضوء تزايد المخاوف من اندلاع حرب إقليمية شاملة في الشرق الأوسط، أكد رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، أن جيش الاحتلال على أهبة الاستعداد "دفاعيًا وهجوميًا" للرد على أي هجوم محتمل، فيما جدد قادة جيش الاحتلال تحذيرهم من أن "إسرائيل" غير قادرة على الاستجابة لحرب إقليمية، دون دعم الولايات المتحدة.

وضمن هذا السياق، شدد اللواء احتياط في جيش الاحتلال، إسحق بريك، على أنه: "ليس لدى الجيش الإسرائيلي قدرة على الاستجابة لحرب إقليمية، لا في الدفاع عن البنى التحتية الوطنية وغيرها، ولا في القدرة على هزيمة إيران وحزب الله ووكلائهما"، وأضاف: "بما أن اعتماد إسرائيل على الولايات المتحدة هو اعتماد مطلق، فإن صمود إسرائيل في حرب إقليمية يعتمد بشكل مطلق على الولايات المتحدة".

وبحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، فإن تقديرات الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ترى تضاؤلًا في فرصة الهجوم المزدوج، وتضيف أن رد إيران قد يتمثل بهجوم يشمل مئات الصواريخ والمسيّرات، في حين أن "حزب الله" قد يوجه ضربات رمزية ضد أهداف تقع إلى الجنوب من حيفا.

وتقول الصحيفة العبرية إن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تقدر أن "حزب الله" سيكون البادئ في الهجوم، في ظل توقعات أن يستمر لساعات أو لعدة أيام، وتشير التقديرات إلى أن الهجوم سيكون الأوسع منذ انتهاء حرب عام 2006.

وذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية أن المستوى السياسي أوصى المستويين الأمني والعسكري بمحاولة عدم تصعيد الأمور نحو حرب شاملة بالوقت الراهن، وأضافت أن هناك تقديرات في "إسرائيل" تشير إلى أن الوقت ليس مثاليًا للذهاب نحو حرب شاملة، في ظل خسائر جيش الاحتلال البشرية في قطاع غزة، إلى جانب استعداد "حزب الله" لهذه الحرب.

وفي سياق متصل، ذكرت القناة 12 العبرية، أمس الأربعاء، نقلًا عن مسؤول إسرائيلي، استعداد "تل أبيب" لـ"مواجهة هجمات أو عمليات إرهابية ضد رموز إسرائيلية أو بعثاتها في الخارج"، وأشارت القناة إلى أنه "حاليًا لا تشديد على تحذيرات السفر"، كما أنه لم يتم الإعلان عن تعليمات خاصة تتعلق بالجبهة الداخلية، وهو الأمر الذي يبحثه وزير الأمن، يوآف غالانت، مع قادة الجيش الإسرائيلي.

وقالت هيئة البث العبرية إنه في إطار الاستعدادات للتعامل مع الهجوم الإيراني المرتقب، وكجزء من "رد دبلوماسي استباقي"، وجهت "إسرائيل" رسائل إلى عدد من الدول حول العالم مضمونها أن "تل أبيب" تؤكد أنها: "ستدافع عن نفسها، وليس فقط بقدراتها الذاتية، بل أيضًا من خلال تحالف إقليمي وحلفائها".

خبراء.. "إسرائيل" في حالة استنفار قصوى

وضمن سياق التوقّعات المحتملة لرد إيران و"حزب الله" الذي قد يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية في الشرق الأوسط، رأى مدير مركز المسار للدراسات السياسية، نهاد أبو غوش، أن: "إسرائيل في حالة استنفار قصوى بينما تكرر آلتها الدعائية ومستوياتها السياسية أنها جاهزة للدفاع والهجوم".

وأضاف أبو غوش في حديثه لـ"التلفزيون العربي" أن التقديرات تشير إلى أن: "حزب الله سيكون أكثر تحررًا في توجيه ضربة منفردة حتى لو كان هناك تنسيق"، لافتًا إلى وجود: "حساب لحزب الله سيكون بصرف النظر عن التداعيات الإقليمية المعقّدة والمركبة التي ربما تلزم إيران بحسابات أكثر تعقيدًا".

وفي ظل المخاوف من الانزلاق نحو حرب إقليمية تحاول دول المنطقة تجنبها، قال أبو غوش إن إيران والولايات المتحدة ودول الإقليم لا يريدون حربًا إقليمية في المنطقة، لكنه أشار أيضًا إلى أنه: "فقط نتنياهو يريد إقحام الولايات المتحدة في هذه الحرب، مع أن إسرائيل في مستوياتها العسكرية القيادية تفضل جولة قتال، وليس حربًا مفتوحة لا أحد يعلم مداها".

وتابع أبو غوش مشيرًا إلى أن: "الاستعدادات في أقصى مستوياتها، لكن مع خشية واسعة لدى أوساط إسرائيلية كبيرة من أن يؤثر ذلك على مستقبل الصفقة ومصير الأسرى (المحتجزين) لدى حماس"، ولفت إلى وجود: "غموض كبير (لدى الاحتلال) بشأن القدرات العسكرية لدى حزب الله، وما الذي ممكن أن تسببه من أضرار، سواء على مستوى البنية التحتية، أو على الأفراد والمدنيين والمنشآت الصناعية، وتحديدًا في منطقة شمال فلسطين المحتلة".

وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جون كيربي، قد قال للصحفيين، أمس الأربعاء: "نحن قريبون أكثر من أي وقت مضى حسبما نعتقد" من التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح المحتجزين في غزة.

وتابع مضيفًا أن الولايات المتحدة منخرطة: "في بعض الجهود الدبلوماسية المكثفة هنا في كل أنحاء المنطقة"، مشيرًا إلى أنه: "لن يتحدث عن تقييمات الاستخبارات" بشأن توقيت أو إمكانية أن تشن إيران و"حزب الله" هجومًا على "إسرائيل".