تتواصل زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي حظي فيها باستقبال لافت من قبل الرئيس الأمريكي جو بايدن، حيث تأمل واشنطن تعزيز العلاقة مع الهند، على حساب دفعها بعيدًا عن روسيا، ودخولها في معركة الاستقطاب ضد الصين.
كما كان متوقعًا لم تركز التصريحات العلنية خلال الزيارة على الصين، رغم تأكيد كافة التحليلات على حضورها المركزي في الزيارة
خطاب أمام الكونغرس
ألقى رئيس الوزراء الهندي خطابًا أمام الكونغرس الأمريكي، اليوم الجمعة، حيث تم استقباله بتصفيق كبير، وهتافات أثناء دخوله إلى قاعة المجلس.
وأشاد مودي، خلال الخطاب الذي لاقى استحسانًا وترحيبًا من قبل أعضاء الكونغرس، بقوة العلاقات الهندية الأمريكية، والالتزام المشترك بمستقبل أفضل، والتطلع لاستمرار الشراكة لتعزيز "السلام والتقدم العالميين".
وأشار إلى النمو الاقتصادي المستدام لبلاده، معلنًا أن "الهند على وشك أن تحتل المركز الثالث كأكبر اقتصاد في العالم"، مشيدًا بهذا "التحول الكبير الذي شهدته الهند خلال العقود الأخيرة، حيث كانت الهند تحتل المرتبة العاشرة كأكبر اقتصاد عالمي، ولكنها الآن تحتل المرتبة الخامسة"، وأعرب مودي عن تفاؤله بأن "الهند ستستمر في النمو السريع وستحتل المركز الثالث قريبًا".
وتطرق رئيس الوزراء الهندي إلى الحرب في أوكرانيا، قائلًا: "شهدنا في السنوات الأخيرة أحداثًا مدمرة بشكل عميق، ومع نشوب الصراع في أوكرانيا، عادت الحرب إلى أوروبا، وهذا يسبب آلامًا هائلة للمنطقة بأكملها".
وأشار إلى مودي أن "الدول النامية تضررت بشكل خاص جراء تلك الأحداث الكارثية"، مؤكدًا أن "النظام العالمي يقوم على احترام مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وحل النزاعات بطرق سلمية، واحترام سيادة الدول ووحدة أراضيها"، وأضاف مودي: "سأقولها بصراحة وعلانية، ليست الآن فترة الحروب، ولكن لتحقيق ذلك، ينقصنا المزيد من الحوار والدبلوماسية، يجب على الجميع أن يبذلوا قصارى جهدهم لوقف سفك الدماء ومعاناة البشر".
لقاء في البيت الأبيض
قبل خطاب رئيس الوزراء الهندي أمام الكونغرس، عقد بايدن ومودي، لقاءً مغلقًا استمر لساعتين ونصف في البيت الأبيض، خرجا عقب في بيان مشترك، أكدا فيه أنهما أصبحا "من بين أقرب الشركاء في العالم"، وأشار البيان إلى أن "التكنولوجيا ستلعب الدور الحاسم في تعميق الشراكة بين البلدين"، وتضمن البيان المشترك تحذيرًا من التوترات المتزايدة والأعمال المزعزعة للاستقرار في شرق وجنوب بحر الصين، وشدد على أهمية القانون الدولي وحرية الملاحة.
وبعد الخروج من اللقاء، التقى الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الهندي مع صحفيين، لكن من دون اعتبار ذلك مؤتمرًا صحفيًا، إذ يُعرف عن مودي رفضه عقد مؤتمرات صحفية، وتبادل الحديث مع الصحفيين بشكل مرتجل، منذ استلامه السلطة قبل تسعة أعوام.
وقد أخذ رئيس الوزراء الهندي سؤالًا من صحفي أمريكي ومن صحفي هندي تم اختياره مسبقًا، حيث نفى مودي وجود تمييز ضد الأقليات في ظل حكمه، وذلك خلال رده على سؤال الصحفي الأمريكي عن الخطوات التي كان يجب عليه الاستعداد لاتخاذها "لتحسين حقوق المسلمين، والأقليات الأخرى، ودعم حرية التعبير"، وأشار مودي إلى أن بلاده ليست بحاجة إلى تحسين صورتها، قائلًا: "دستورنا وحكومتنا، أثبتا أن الديمقراطية يمكن أن تحقق، بغض النظر عن الطبقة الاجتماعية والعقيدة والديانة والنوع الجنسي، لا مكان إطلاقًا للتمييز"، وفق زعمه.
وعن العلاقة مع الولايات المتحدة، قال مودي بأن البلدين "ملتزمان بالعمل معًا من أجل المصلحة العالمية والسلام العالمي والاستقرار والازدهار"، وأضاف أن "شراكتنا الاستراتيجية القوية دليل واضح على قوة الديمقراطية"، وفق تعبيره.
وأضاف "جعلنا من التكنولوجيا أساس الشراكة بين واشنطن ونيودلهي، ونعمل على الاستفادة من مواهب شعبينا".
بدوره، تطرق الرئيس الأمريكي جو بايدن بشكل حذر إلى هذه المخاوف التي أثيرت حول التضييق على الحريات الدينية في الهند، ووجه كلامه لرئيس الوزراء الهندي، قائلًا: إن "التعددية الدينية من المبادئ الجوهرية التي صمدت وتطورت حتى في ظل التحديات التي واجهتها خلال تاريخ كل من بلدينا"، وأخبر الصحفيين، أنه أجرى "نقاشًا مباشرًا" حول الموضوع، خلال المحادثات التي جمعته مع رئيس الوزراء الهندي.
وأكد بايدن، على ضرورة العمل المشترك بين الولايات المتحدة والهند، في ظل التحولات التي يشهدها العالم، وأشار الرئيس الأمريكي إلى أن "الشراكة بين البلدين أقوى وأوثق وأكثر ديناميكية من أي وقت مضى، والعلاقة الاقتصادية مزدهرة"، حيث تضاعفت التجارة إلى أكثر من الضعف خلال العقد الماضي، نوّه بايدن، بالشراكة بين واشنطن ونيودلهي قائلًا: "الولايات المتحدة والهند تعملان معًا على عدة ملفات، من بينها الحد من الفقر ومقاومة التغير المناخي".
اتفاقيات وصفقات
هذا، واتفقت الولايات المتحدة والهند، على إنهاء ستة نزاعات بينهما في منظمة التجارة العالمية، وفق ما أعلنت واشنطن عقب الاجتماع الذي جمع الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الهندي.
وقال مكتب الممثل التجاري الأمريكي في بيان، أن الهند وافقت أيضا على "إلغاء رسوم جمركية انتقامية" على بعض المنتجات الأمريكية مثل الحمص والعدس واللوز.
وكانت الهند قد فرضت تعريفات جمركية، ردًا على إجراءات أمريكية مشابهة بشأن الصلب والألمنيوم، وأشار بيان مكتب الممثل التجاري الأمريكي، إلى أن "هذه التخفيضات الجمركية ستعيد وتوسع الفرص السوقية للمنتجين الزراعيين والمصنعين الأمريكيين".
وأشار البيان الأمريكي، إلى أن النزاعات تشمل إجراءات بشأن خلايا الطاقة الشمسية ووحدات الطاقة الشمسية في قطاع الطاقة المتجددة، فضلًا عن إجراءات بشأن منتجات الصلب والألمنيوم.
ومن بين النزاعات الستة في منظمة التجارة العالمية، أثارت الولايات المتحدة ثلاثة منها فيما أثارت الهند النزاعات الثلاثة الأخرى.
وقالت الممثلة التجارية الأمريكية كاثرين تاي: "يمثل اتفاق اليوم تتويجًا للعمل الثنائي المكثف على مدى العامين الماضيين".
وقد توصل البلدان إلى اتفاقات بشأن محركات طائرات مقاتلة، والاستثمار في أشباه الموصلات، والتعاون الفضائي.
وسيوقع بايدن ومودي اتفاقيات شاملة، من بينها اتفاق للسماح لشركة "جنرال إلكتريك" بإنتاج محركات الطائرات في الهند، للطائرات العسكرية الهندية، من خلال اتفاق مع شركة "هندوستان أيرونوتيكس".
كما سيكون بمقدور السفن التابعة للبحرية الأمريكية في المنطقة، التوقف في أحواض السفن الهندية من أجل عمليات الإصلاح، بموجب اتفاقية بحرية، وستشتري الهند طائرات مُسيّرة مسلحة أمريكية الصنع من طراز "سي جارديان إم.كيو-9.بي".
تطرق رئيس الوزراء الهندي إلى الحرب في أوكرانيا، قائلًا: "شهدنا في السنوات الأخيرة أحداثًا مدمرة بشكل عميق، ومع نشوب الصراع في أوكرانيا، عادت الحرب إلى أوروبا، وهذا يسبب آلامًا هائلة للمنطقة بأكملها"
وتعتزم شركة "ميكرون تكنولوجي" الأمريكية لصناعة الرقائق، إنشاء وحدة بتكلفة 2.7 مليار دولار، لاختبار أشباه الموصلات، وتعبئتها في ولاية "غوجارات" الهندية مسقط رأس مودي، وستعمل الولايات المتحدة أيضًا على تسهيل حصول العمالة الهندية الماهرة على تأشيرات الدخول للولايات المتحدة وتجديدها.