02-أغسطس-2024
روسيا في الشرق الأوسط

(Getty) روسيا ولعبة المصالح في الشرق الأوسط

على العكس من النداءات المطالبة باحتواء التصعيد في الشرق الأوسط، على خلفية اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، والقيادي في "حزب الله" اللبناني فؤاد شكر؛ طالعنا نائب رئيس مجلس الأمن في الاتحاد الروسي، ديمتري ميدفيديف، بموقفٍ يرى أنّ "الحرب الشاملة في الشرق الأوسط هي الحل"، وهو موقفٌ قد تقرأ فيه طهران و"حزب الله" في لبنان دعمًا روسيًا لموقفهما المتمثل في الرد على إسرائيل بشكلٍ موجع وتصعيد المعركة ضدّها.

لكنّ السؤال الذي يفرض نفسه عندها: ما هو مستوى الدعم الذي يمكن لروسيا أن توفره، وهل يرقى على سبيل المثال للدعم الأميركي والغربي لإسرائيل عندما شاركت أميركا وفرنسا وبريطانيا ودول أخرى في التصدي للهجوم الإيراني على إسرائيل بالطائرات المسيرة والصواريخ البالستية، ردًّا على قصف قنصليتها بدمشق؟

من المعروف أن روسيا باتت تتمتع بوجودٍ عسكريٍ لها في الشرق الأوسط، وبالتحديد في سوريا. ويبدو أنّ موسكو من خلال موقفها الداعم لحربٍ شاملة تسعى إلى تعزيز ذلك الوجود، مستغلةً حالة الفوضى التي سترافق، بالضرورة، قيام أي حربٍ شاملة بين إسرائيل (تقف وراءها أميركا) من جهة، وإيران وحلفاؤها من جهة ثانية.

فإيران، بوضعها الحالي، وضع عدم الحرب، ليست في حاجة إلى من يحميها، عكس النظام السوري بعد الثورة التي قامت ضده والتي انجرفت بسبب عنف النظام إلى حرب أهلية. لكن قيام الحرب سيضطر إيران، حسب مراقبين، إلى طلب الدعم الروسي، خاصةً أن روسيا تبدو متحفزةً لمواجهة الولايات المتحدة خارج نطاق مجالها الحيوي. وكما استفادت إيران من الحرب على العراق، بحيث أصبحت صاحبة الكلمة الأولى في الدولة العربية، قد تكون الحرب الإقليمية الشاملة هي فرصة موسكو لتعزز من نفوذها ووجودها في المنطقة.

تبدو واشنطن موقنة أن الوضع الحالي مرشح أكثر من أي وقت مضى للانجراف نحو الحرب الشاملة

 

روسيا.. حرب شاملة هي الحل

وقد عبّر عن الموقف الروسي المستجد من الحرب الشاملة، نائب رئيس مجلس الأمن في الاتحاد الروسي، ديمتري ميدفيديف، الذي قال في تغريدة على منصة "إكس"، إنّ الحرب الشاملة في الشرق الأوسط هي السبيل الوحيد لتحقيق سلامٍ هش بالمنطقة، معتبرًا أنّ العقدة في الشرق الأوسط باتت تضيق تدريجيًا، قائلً:ا "يؤسفني فقدان أرواح بريئة، إنهم مجرد رهائن لدولة مثيرة للاشمئزاز هي الولايات المتحدة. غير أنه من الواضح للجميع أن الحرب الشاملة هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام الهش في المنطقة".

يشار إلى أنّ الخارجية الروسية أدانت اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية. وبخلاف الموقف الذي عبر عنه مدفيدف، دعا بيان الخارجية الروسية كافة الأطراف إلى ضبط النفس، في ظل تدهور الوضع بالشرق الأوسط، والامتناع عن الخطوات التي يمكن أن تؤدي إلى تدهور كبير في الوضع الأمني ​​بالمنطقة وإثارة مواجهة مسلحة واسعة النطاق.

وأكد بيان الخارجية الروسية أن اغتيال هنية سيؤثر سلبًا على المفاوضات الرامية إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة وإبرام صفقة لتبادل الأسرى بين "حماس" وإسرائيل.

واشنطن لا تعتقد أن الحرب الشاملة أمرٌ حتمي

تبدو واشنطن موقنةً أن الوضع الحالي مرشحٌ أكثر من أي وقتٍ مضى للانجراف نحو الحرب الشاملة، لكنها تعتقد أنّ هذا السيناريو ليس حتميًا، في حال تنازلت إيران عن الرد أو التزمت بسقفٍ معين في ردّها.

وقد عبّرت عن هذا الموقف الأميركي المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيير، بقولها إن الولايات المتحدة لا تعتقد أن الحرب الشاملة في الشرق الأوسط أمرٌ حتمي.

وأفادت المتحدثة في معرض تقييمها للتطورات الأخيرة المتعلقة بالتوتر المتصاعد بين إسرائيل ولبنان، بعدم امتلاك البيت الأبيض حتى الآن معلوماتٍ مفصلة عن الهجوم الإسرائيلي الأخير على لبنان، وأنهم يتباحثون حاليًا مع نظرائهم الإسرائيليين بشأن الهجوم، مشددةً على أنّ حل التوتر المتصاعد هو الدبلوماسية، قائلةً: "لا نعتقد أن الحرب الشاملة أمر لا مفر منه، ما زلنا نعتقد أنه يمكن تجنبها".

وذكرت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن الحل الدبلوماسي لا يزال ممكنًا في المناطق الواقعة بين إسرائيل ولبنان، وبهذه الطريقة يمكن للمواطنين الإسرائيليين واللبنانيين في المنطقة العودة إلى منازلهم بأمان.

يشار إلى أن وزيريْ الخارجية والدفاع البريطانيين يزوران لبنان في محاولةٍ لاحتواء الوضع، وإن كانت إيران و"حزب الله" أصرّا على الرد وبشكلٍ قوي. واعتبر الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني، حسن نصر الله، أن المعركة دخلت بالفعل طورًا جديدًا بعد قصف الحديدة واغتيال فؤاد شكر وإسماعيل هنية، معتبرًا أنّ المعركة معركة جبهاتٍ متعددة. وحرص الأمين العام للحزب على استخدام مصطلح معركة بدل حرب.