22-أغسطس-2024
الجيش السوداني

يرفض الجيش السوداني الذهاب إلى مفاوضات جنيف لأنه يشعر أنه في محل قوة (الأناضول)

فاجأ الجيش السوداني والحكومة في بورتسودان الجميع بعدم المشاركة في مفاوضات جنيف، التي انطلقت قبل أسبوعٍ بدعوةٍ من الولايات المتحدة الأميركية. وذلك على الرغم من لجوء واشنطن إلى ممارسة أكبر قدرٍ من الضغوط لجلب جميع الفرقاء السودانيين إلى طاولة المفاوضات من جديد.

لكن القيادة العسكرية والحكومة السودانية ظلّت متمسكةً بموقفها المتمثل بضرورة تنفيذ إعلان جدة قبل المضي في أي مفاوضاتٍ جديدة مع قوات الدعم السريع.

وكانت الحكومة السودانية قد وافقت، مطلع الأسبوع الجاري، على إرسال وفدٍ للاجتماع مع الجانبين الأميركي والمصري بالقاهرة لمناقشة رؤيتها في تنفيذ اتفاق جدة. 

وشهد يوم أمس الأربعاء استئناف المفاوضات الأميركية والسودانية في القاهرة، على أمل أن تنجح فيما أخفقت فيه جولة المفاوضات الأسبوع الماضي في السعودية، علمًا بأنّ الجيش، حسب مصادر سودانية، يأتي ولديه رؤية شاملة عن المواقع التي تتجمع فيها قوات الدعم السريع بعد انسحابها من المنازل والأعيان المدنية، بالإضافة لجدولٍ زمني لهذه الخطوة، وتشكيل آلية دورية للرقابة والدول التي تشارك فيها .

يفسر بعض المحللين والمراقبين للشأن السوداني امتناع الجيش عن المشاركة بقناعته أنّه في وضعٍ أفضل سياسيًا وعسكريًا من قوات الدعم السريع

ويفسر بعض المحللين والمراقبين للشأن السوداني امتناع الجيش عن المشاركة بقناعته أنّه في وضعٍ أفضل سياسيًا وعسكريًا من قوات الدعم السريع.

ويشار في هذا الصدد إلى تصريحات نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، التي قال فيها إن الحرب ضد "مليشيا الدعم السريع اقتربت من نهايتها والمؤشرات على ذلك واضحة، وخلال شهرٍ سيتم فتح كل الطرق التي تحتلها".

مؤكدًا أن الحكومة دخلت في حوارٍ صريح مع الولايات المتحدة حول مفاوضات جنيف: "رفضنا إملاءاتهم وشروطهم وسنرسل لهم وفدًا لمقابلتهم في القاهرة وبعدها سندرس الخطوة القادمة"، على حد تعبيره.

كما أكد رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، على ذات المضمون بقوله إن "إعلان جدة" يلزم قوات الدعم السريع بالخروج من منازل المواطنين والأعيان المدنية في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار ودارفور، ولا تراجع عن ذلك، وفي حال رفضوا سنستمر في قتالهم لإخراجهم بالقوة"، وفق تعبيره.

ويعزو الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، كاميرون هدسون، غياب وفد الجيش عن مفاوضات جنيف إلى "عدم وجود تبعاتٍ وعواقب لهذا الغياب".

وفي المقابل يفسّر قائد الدعم السريع رفض قيادة الجيش السوداني المشاركة في المفاوضات الحالية بأنّها "تسعى بشكلٍ أساسي للحفاظ على امتيازاتها ومصالحها"، ويردّ الجيش على اتهامات حميدتي بأنّه  "يتلقى أوامره من جهات خارجية".

وفي هذا الصدد، كان لافتًا للانتباه التصريح الذي أدلى به رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان مؤخرًا، عندما كشف عن قال عبدالفتاح البرهان عن فحوى ما دار في اتصالٍ مع الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، قائلًا: "أبلغت رئيس الإمارات خلال الاتصال الهاتفي بحجم دعمهم للمليشيا المتمردة عسكريًا ودبلوماسيًا وإعلاميًا، وقلت له إن قرار وقف الحرب في يدك بإصدار أوامر إلى حميدتي بوقف قتل السودانيين ووعد بمعالجة الأمر ولكن لم يحدث شيء".

من جهتها قالت قوات الدعم السريع عقب لقاء وفدها بفريق الوساطة في جنيف: "الجيش يسعى لإطالة أمد الحرب تنفيذًا لرغبة الحركة الإسلامية المتحكمة في المؤسسة العسكرية وقيادتها"، وحذرت "من استمرار تمادي الطرف الثاني في قصف الأعيان المدنية"، وأضافت "لن نتسامح مع هذه الأفعال الشنيعة بحق المدنيين وندعو المجتمع الدولي لإدانة هذه الأفعال الإجرامية" على حدّ وصفها.

وعلى الرغم من استمرار تراشق الاتهامات بين الجيش والدعم السريع أكّد بلينكن من القاهرة أنّ الإدارة الأميركية "عازمة على الوصول إلى نتيجة أفضل تتعلق بالسودان ونعمل على ذلك في مباحثات سويسرا، خاصةً أننا توصلنا إلى اتفاق بشأن إدخال المساعدات إلى المدنيين في السودان عبر معابر ووافق على ذلك الجيش والدعم السريع ".

وقد استؤنفت أمس الأربعاء مفاوضات ثلاثية بين الحكومة السودانية والوسيطين السعودي والأميركي للتوصل إلى آلية لاتفاق "إعلان جدة" الذي يطالب الجيش بتنفيذه قبل الذهاب لمفاوضات جنيف.

ويركز الجيش في الاتفاق المذكور على مسألة "إلزام قوات الدعم السريع بالخروج من منازل المواطنين والأعيان المدنية في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار ودارفور".

الضغط الأميركي

مع إبداء الجيش والحكومة السودانية لعدم التحمس للدعوة الأميركية لمفاوضات جنيف، بادر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الاتصال هاتفيًا برئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان لحضّه على الانضمام للمحادثات. وبعد ذلك الاتصال، وضعت الحكومة السودانية شروطًا للمشاركة تشمل تنفيذ "إعلان جدة" وعدم توسيع الوسطاء والمراقبين في المحادثات.

وبعد التوافق بين الحكومة والوسطاء، بعثت الحكومة السودانية وفدًا إلى جدة برئاسة وزير المعادن، محمد بشير أبو نمو، حيث أجرى مشاوراتٍ مع الجانب الأميركي، لكن الطرفين أخفقا في الاتفاق بشأن تلبية شروط الحكومة للمشاركة في مفاوضات جنيف.

ليعاود بلينكن التواصل الهاتفي مع البرهان الذي طلب مشاوراتٍ جديدة مع الوساطة الأميركية السعودية لمناقشة رؤية الحكومة بشأن تنفيذ "إعلان جدة"، وهي المشاورات التي استؤنفت رسميًا، أمس الأربعاء في القاهرة، على أمل أن تفضي لاتفاقٍ ينضم بموجبه الجيش والحكومة السودانية لطاولة مفاوضات جنيف الرامية لوقف الحرب.

وبحسب مصادر سودانية، فإن لدى الحكومة والجيش "رؤية شاملة، حَددت المواقع التي تتجمع فيها قوات الدعم السريع بعد انسحابها من المنازل والأعيان المدنية، وجدولًا زمنيا لهذه الخطوة، وتشكيل آلية دورية للرقابة والدول التي تشارك فيها".

ويرى الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، كاميرون هدسون ، أنّ الضغوط  الأميركية يجب أن تنصب على الدول الداعمة لطرفَي النزاع في السودان، لأنّ ضغط تلك الدول عليها "كفيلٌ  بدفعها لحضور المفاوضات" على حد تعبيره.